تونس الصباح في لقائه الاخير بممثلي وسائل الاعلام الوطنية والاجنبية تحدث وزير الثقافة والمحافظة على التراث السيد عبد الرؤوف الباسطي في مواضيع عدة منها بعث مركزين جديدين للفنون الدرامية بكل من مدنين والقيروان لتنضاف لمجموع الثلاثة مراكز القديمة الموجودة بولايات الكافوقفصةوصفاقس. عن قرار بعث هذين المركزين الجديدين للفنون الدرامية وعن دلالات هذا القرار استقينا اراء مجموعة من رجال المسرح والعاملين في حقله... المسرحي حمادي المزي مؤسس ومدير مجموعة «سندباد» المسرحية، علق على قرار احداث مركزين جديدين للفنون الدرامية بالقول: «لما نستوقف اللحظات المنيرة والمثيرة التي عاشها المسرح التونسي من خلال الفرق الجهوية القارة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي لفرقة بلدية بنزرت التي ادارها كل من المرحوم عبد اللطيف الحمروني وعبد المطلب الزعزاع، وفرقة المهدية وفرقة صفاقس والقيروان ونابل التي ادارها الفنان والرسام التشكيلي يوسف الرقيق وكذلك فرق قابس والمهدية والكافوقفصة وجندوبة وغيرها.. سنتبين ان هاته الفرق الجهوية هي التي صنعت ربيع المسرح التونسي في تلك الفترة... وما من شك ان التربة الابداعية لهذه الجهات لا تزال زاخرة بالكفاءات المسرحية التي ينشط بعضها ربما صلب مراكز الفنون الدرامية المستحدثة في بعض الولايات وبعضها لا ينشط.. وقد يكون للنجاح الكبير الذي حققته تظاهرتا «مهرجان المسرح التجريبي بمدنين» و«مهرجان المسرح الحديث بالقيروان» دور في تحفيز سلطة الاشراف على اخذ قرارها ببعث مركزين جديدين للفنون الدرامية بالولايتين المذكورتين.. ولكن، ومهما يكن من امر فان مجرد الاعلان عن بعث هذين المركزين الجديدين للفنون الدرامية يعد مكسبا ثقافيا ستستفيد منه الحركة المسرحية بمدنين والقيروان تنظيميا وكذلك على مستوى تسريع نسق الحركة انتاجا وترويجا.. لذلك، فانني شخصيا ادعو ان يتعدد وجود مثل هذه المراكز في باقي الجهات والولايات عامة وعلى وجه التحديد بولاية بنزرت التي تعتبر تاريخيا قاعدة نشيطة في تاريخ ومسار الحركة المسرحية في تونس. وان المسرحيين الشبان ببنزرت وخاصة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي جديرون بمركز جهوي للفنون الدرامية يؤطرهم ويحفزهم على الانخراط في الفعل المسرحي ويساعدهم على ترجمة معارفهم ومواهبهم المسرحية خدمة للحركة المسرحية التونسية..». نورالدين الورغي: أين جسد الممثل؟ اما الفنان المسرحي نورالدين الورغي، مدير فضاء «دار الفن بن عبدالله» ومجموعة «مسرح الارض» فقد قال ل«الصباح» «كل فضاء مسرحي هو منارة وحيز ينطلق منه المبدع ليعانق جمهوره ويستقبله فيه في نفس الوقت.. فالفضاء بالنسبة لرجل المسرح هو الاداة الاولى التي تمكنه من تعميق تجربته وتطوير صنعته ووضعها موضع الدرس والتساؤل.. والفضاء المسرحي هو الذي يخلق الحاجة لانه بدونه لا نستطيع ان نرسخ عادة ارتياد المسارح وتعويد الجمهور على الخروج لمشاهدة العروض المسرحية. لذلك، فان مركز الفنون الدرامية في المطلق اذا ما وقعت ادارته بصفة محكمة فانه يمكن ان يشع على محيطه ويتفاعل معه ويأخذ منه مادته الابداعية ليعيدها اليه مصقولة، فيجد نفسه في كل ابعادها وثناياها لان المسرح قادر على التأثير الفعال والايجابي في الحياة والمجتمع.. ومركز الفنون الدرامية هو في رأيي فضاء لاستقطاب المسرحيين الذين لم تتح لهم فرص العمل وبقوا هائمين لانني اعتبر ان هذا المركز يجب ان يكون قائما ابداعيا على قاعدة مدير فني ومخرخ محترف ومجموعة ممثلين موهوبين اكثر من قاعدة مدير اداري ومجموعة من الموظفين. فالفضاء المسرحي مهما كانت طبيعته وهيكلته وضخامته لا معنى له بدون جسد الممثل.. ولكن ومع ذلك فانني اقول ان كل مركز فنون درامية جديد في اي منطقة كانت هو مكسب للمجتمع المدني على اعتبار ان المسرح هو مرآة المجتمع، ومجتمع بدون مسرح هو مجتمع بلا مرآة، وهو لا يستطيع ان يرى نفسه وصورته. لذا وجب على هذا المجتمع ان يصقل مرآته وان يتعهد الحركة المسرحية في داخله بكل اشكال الرعاية والدعم والتأسيس حتى تتواصل المسيرة الابداعية بأقل ما يمكن من العراقيل، وحتى نضمن للاجيال القادمة مستقبلا واعدا يكون فيه المسرح تلك المنارة التي لا تنطفئ». عبد القادر مقداد: نجاعة ولم شمل اما الفنان المسرحي عبد القادر مقداد مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة، فقد علق على قرار الوزارة بالقول: «يمكن القول منذ البدء واعتمادا على حصيلة نشاط مراكز الفنون الدرامية الثلاثة الموجودة من قبل، بأن نجاعتها انتاجا وترويجا باتت متأكدة وظاهرة.. هذا فضلا عن انها ساعدت على لم شمل المسرحيين في الجهات الذين تفرقوا بعد ان تآكلت معظم الفرق المسرحية الجهوية، ولم يبق العامل منها في اواخر ثمانينات القرن المنقضي الا فرقتا قفصةوالكاف.. لذلك فانني اعتبر ان قرار بعث مركزين جديدين للفنون الدرامية بكل من مدنين والقيروان في صالح دعم الحركة المسرحية لانه سيساعد على تعدد ثنايا الابداع وطنيا وجهويا.. وهو ايضا وبشكل من الاشكال دعم لمبدأ ديمقراطية الثقافة ولتساوي الفرص وعدالة قسمة الابداع وطنيا وجهويا.