تونس الصباح عرض صباح أمس بمقر مخابر مؤسسة «ال. تي. سي» بقمرت الفيلم الوثائقي «ذيس ايز ايت»، الذي يتناول في 111 دقيقة تحضيرات نجم «البوب» الأول في العالم مايكل جاكسون لعرضه الفرجوي الذي لم يتم على أرض الواقع والذي حمل عنوان «ذيس ايز ايت» (This is it). قدم العمل صورة مضيئة وناصعة عن رجل الخمسين الذي لم يهزمه الزمن، بل كان على ركح التحضير لمفاجأته الكبرى شابًا يافعًا، يرقص ويغني ويوجّه ويجادل ويثري محتوى ما كان سيقدمه لولا تعرضه للموت حين غادر مايكل جاكسون في 25 جوان المنقضي، تاركًا فريق عمل ناهز ألفي شخص يصارعون دموع الحزن التي خلفها رحيل نجمهم الذي كان سيقدمهم لمحبيه في أضخم عرض فني منتظر. شاب رغم الدمار المتمعن في ملامح وجهه يدرك بلا شك نتيجة عبث عمليات التجميل بهذا الفنان، الذي لم يفقد رغم ذلك «الدمار» الشكلي ما في روحه من حماس وما في جسده من حياة. وقد بدا راقصًا، بحركات رشيقة وبتدخلات ذكية لتحوير أفكار عرضه الذي انطلق التحضير له قبل شهور طويلة، وكان من المنتظر أن يقدم أولى حفلاته بأسبوع أو لنقل بثمانية أيام. الفيلم من إخراج رفيق دربه «كاني أورتيغا»، وأنتجه الثلاثي «راندي فيليبس» و«كاني أورتيغا» و«بول غونغاوار». انطلق الفيلم بتصريحات مؤثرة لبعض أفراد العمل «ذيس ايز ايت» الذين تدربوا مع مايكل جاكسون لشهور متتالية وبتواتر يومي مرهق، ثم اكتشفوا أن الموت قد نجح فعلاً في بعثرة أحلامهم وإفشال طموحاتهم في المزيد من التوغل نحو الهدف. ولم يتواصل الفيلم بحزنه بعد تلك التصريحات، إذ انطلق المخرج في إبراز الوجه المضيء من حقيقة موت جاكسون، هذا الوجه المتدفق نحو الحياة بحزم كبير. والغريب في الأمر أن هذا الوثائقي لم يشر، ولو في مشهد واحد، إلى أن نجم «البوب» كان مريضًا، أو مرهقًا أو على أهبة أن يودع الحياة. فحسب الصور التي أشار المخرج إلى أنها تعود إلي شهر أفريل 2009 (أي قبل شهرين من وفاة مايكل جاكسون)، كان هذا الفنان بخير، يتحرك بكل ما فيه من حياة ويفكر ويناقش آراء رفيق دربه، والأهم أن لياقته البدنية كانت في أوجها، حتى أنه كان ينافس بذلك شبان العشرين ربيعًا الذين كانوا يرقصون إلى جانبه. خلا الفيلم أيضًا من المشاهد التي تظهر «جاكسون» في حالات غضب أو تذمر، فشاهدناه هادئًا ومنسجمًا مع كل الظروف، وهو ما يثير لدينا بعض التساؤلات، ألم يكن على المخرج أن ينوّع في محتوى مشاهده حتى لا يصيبنا الشعور أننا أمام وجه واحد من الحقيقة؟ إيقاع ممتع ما ميّز فيلم «ذيس ايز ايت» هو الإيقاع السريع والحيوي، وهو ما تميزت به أغاني جاكسون الداعية إلى الانطلاق بقوة، وقد تميّز هذا العمل بحرص صاحبه (أو أصحابه) على ضمان إيقاع متسارع للفيلم في مختلف مراحله، فالوجه الطاغي هو الوجه الموسيقي المتمرد، حتى على الموت. ولو حاولنا اختصار ما جاء في هذا العمل لقلنا إنه «بروفة» منمقة لقصة حياة رجل غامض أحب الموسيقى بقدر حبه للإثارة، ولعل النتيجة كانت بلا شك ذاك المزيج من الجمال والحيرة.