من القدسالمحتلة وتحت انظار بنيامين ناتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي المتطرف، جاءت تصريحات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية، لتعلن تخلي الادارة الامريكية عن شرط تجميد الاستيطان في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة. والذي كان الرئيس اوباما التزم به قبل تسعة اشهر وتجدد بذلك ليس دعمها وتأييدها المطلق للحليف الاسرائيلي في برامجه ومخططاته الاحتلالية فحسب، ولكن ايضا وهذا الاخطر رضوخ ادارة اوباما على غرار سابقاتها، لاملاءات وشروط اسرائيل بما يتعارض مع كل القوانين والاعراف الدولية، فضلا عن مختلف الاتفاقيات بين الفلسطينيين والاسرائيليين على مدى السنوات الماضية... والحقيقة انه لم يكن بامكان المسؤولة الامريكية ان تختار افضل من هذا التوقيت، لتشيد بالتنازلات التي قدمها الاسرائيليون من اجل عودة للمفاوضات الاسرائيلية دون شروط مسبقة وتقديم هدية الادارة الامريكية للحكومة اليمينية المتطرفة، وذلك بالتزامن مع الذكرى الثانية والتسعين لوعد بلفور الذي منحت بمقتضاه بريطانيا ارض فلسطين التاريخية لاقامة دولة لليهود، بدعوى انها ارض بلا شعب لشعب بلا ارض. ولا شك انه بهذا الموقف تكون ادارة الرئيس اوباما قد اسقطت آخر الاقنعة المصطنعة بشأن التزاماتها بتحقيق السلام وأزالت بذلك بعض اوهام متبقية، بشأن دور امريكي يلتزم الحياد والموضوعية ويعمل فعلا وليس قولا من اجل إقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل. واذا كان من المهم في خضم هذا التراجع الخطير، ولكنه غير المفاجئ ان يرد الفلسطينيون جميعا على هذا الموقف بصوت واحد، فان الاكيد ان الاهم بعد ذلك سيكون ما ستسمعه وزيرة الخارجية الامريكية من نظرائها العرب في لقائها معهم بمراكش، والذي من شأنه ان يحدد استحقاقات المرحلة القادمة في مواجهة أوهام السلام...