عندما قرّر المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة الاضراب عن الطعام عشية مؤتمر القمّة العالمي حول الأمن الغذائي الذي تحتضنه حاليا العاصمة الإيطالية. فإنه بذلك يصرّ على إبلاغ رسالة قوية المضمون إلى الدول المتقدّمة مفادها أن المجاعة في المعمورة أصبحت مخيفة إلى الحدّ الكارثي. وفي هذا السياق تشير احصائيات المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليار من البشر يعانون من الجوع نتيجة جشع الدول الصناعية التي تقتصر تدخلاتها على تقديم مساعدات وإعانات إلى الدول الفقيرة في شكل مسكّنات بدل إقرار خطط استراتيجية على المدى الطويل لمساعدة هذه الدول على تحقيق اكتفائها الغذائي.. إنّ واقع الجَوْعَى - الذي استفحل في السنوات الأخيرة لأسباب مناخية وأخرى تعود إلى سياسات داخلية أولت التسلح صدارة اهتماماتها بدل توفير لقمة العيش - ازداد تردّيا إثر الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضاعفت من معاناة مئات ملايين البشر في القارات الخمس. وفي ظلّ هذه الأزمة الغذائية العالمية الحادّة وتداعياتها الخطيرة جدّد الرئيس زين العابدين بن علي في كلمته في مؤتمر هذه القمّة دعوة تونس إلى تفعيل الصندوق العالمي للتضامن الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاجماع منذ سبع سنوات «لكي يسهم في الحدّ من مظاهر الفقر والجوع في العالم..»، ودعا بالمناسبة الدول المانحة والجهات المموّلة إلى الرفع من حجم المساعدات الإنمائية للدول النامية مؤكدا على أهمية الشراكة العالمية لتطوير الفلاحة وتحقيق الأمن الغذائي الشامل. إنّ إعادة النظر في كيفية توزيع الثروة في العالم ومعالجة قضية المجاعة بشكل جذري أمر حيوي لضمان الأمن والاستقرار الدوليين كما أنّ توفير الغذاء للجميع هو من جوهر حقوق الإنسان الأساسية.