تونس وضعت قضية الأمن الغذائي في صدارة أولوياتها روما (وات) : شارك الرئيس زين العابدين بن علي في اشغال مؤتمر القمة العالمي حول الامن الغذائي والوضع الغذائي في العالم الذي افتتح صباح امس الاثنين اشغاله بمقر منظمة الاممالمتحدة للاغذية والزراعة بالعاصمة الايطالية روما. ويحضر هذا المؤتمر الذي يتواصل ثلاثة ايام ما يزيد عن ستين رئيس دولة وحكومة من مختلف القارات الى جانب الامين العام لمنظمة الاممالمتحدة وممثلي العديد من المنظمات الدولية والاقليمية. وتوجه الرئيس زين العابدين بن علي بكلمة الى مؤتمر القمة العالمي، وفي ما يلى نص هذه الكلمة: «بسم الله الرحمان الرحيم السيد رئيس المؤتمر اصحاب الجلالة والفخامة اصحاب المعالي والسعادة السيد الامين العام للامم المتحدة السيد رئيس الجمهورية العامة للامم المتحدة السيد المدير العام لمنظمة الاممالمتحدة للاغذية والزراعة ان من دواعي الارتياح والسعادة ان نلتقي مجددا في هذا المؤتمر المتميز الذي يمثل امتدادا لقمتين كنا عقدناهما سنتي 1996 و2002 لنواصل النظر في قضية الامن الغذائي باعتباره تحديا جسيما للبشرية قاطبة واحد اهم مقومات الاستقرار والتنمية في العالم. واود في البداية ان اتوجه بعبارات التقدير والثناء الى الدكتور جاك ضيوف المدير العام لمنظمة الاممالمتحدة للاغذية والزراعة لما يبذله من جهود قيمة على راس المنظمة ولمبادرته بالدعوة الى عقد هذه القمة. كما اتقدم بالشكر الى الحكومة الايطالية الصديقة على حفاوة الاستقبال. اصحاب الجلالة والفخامة حضرات السادة والسيدات ينعقد مؤتمرنا هذا في ظرف يتسم بتراجع اوضاع الامن الغذائي في العديد من مناطق العالم حيث بلغ هذه السنة عدد السكان الذين يعانون من نقص في التغذية قرابة مائة مليون نسمة وتجاوز عدد الجوعى لاول مرة في التاريخ عتبة المليار نسمة. ولا شك ان الازمة المالية والاقتصادية العالمية كانت من بين العوامل التي زادت في تفاقم هذه الاوضاع وادت الى تقلص الاستثمارات الخارجية المباشرة وانخفاض الطلب في الاسواق التي تستقطب نسبة كبيرة من صادرات البلدان النامية. يضاف الى ذلك ارتفاع مشط لاسعار المنتوجات الفلاحية اعاق هذه البلدان عن توفير الغذاء الكافي لسكانها. ولئن سجلت اسعار المواد الاساسية تراجعا نسبيا خلال السنة الحالية فانها بقيت مرتفعة مقارنة بما كانت عليه قبل اندلاع الازمة. ونحن مدعوون الى تكثيف جهودنا وتنسيق برامجنا من اجل تعزيز الآليات الكفيلة بمواجهة الازمات الغذائية الطارئة. وفي هذا السياق نجدد دعوتنا الى تفعيل الصندوق العالمي للتضامن الذي كنا اقترحناه على الجمعية العامة للامم المتحدة وتم اقراره بالاجماع سنة 2002 لكي يسهم بدوره في الحد من مظاهر الفقر والجوع في العالم. ويتيح لنا هذا المؤتمر فرصة سانحة لتقويم ما تم تحقيقه في مجال الامن الغذائي العالمي ولا سيما في ما يتعلق بالاهداف التي رسمناها لانفسنا خلال القمة العالمية للاغذية وقمة الالفية للتنمية حتى نتمكن من اتخاذ القرارات المناسبة التي تساعدنا على دعم الانجازات الحاصلة والرفع من نسقها وارساء تنمية فلاحية مستدامة في كل انحاء العالم. ان اوضاع الغذاء في عصرنا تبعث على الانشغال وتحفزنا الى تشجيع الاستثمار في الفلاحة وتطوير آلياته على غرار ما تم اقراره في قمة الدول الافريقية بمابوتو سنة 2003 عندما وقع تخصيص ما لا يقل عن 10 بالمائة من ميزانيات هذه الدول لفائدة القطاع الفلاحي. كما ان الدول المانحة والجهات الممولة مدعوة الى الرفع من حجم المساعدات الانمائية الموجهة الى الدول النامية اسوة بالقرارات الجريئة التي اتخذتها قمة مجموعة الثمانية في لاكيلا خلال شهر جويلية 2009 والقاضية برصد عشرين مليار دولار على امتداد ثلاث سنوات لدعم النشاط الفلاحي بالدول المعنية. ونحن نتطلع الى ان تفضي المفاوضات الجارية في اطار المنظمة العالمية للتجارة حول تحرير تجارة المنتوجات الفلاحية الى فتح افاق جديدة امام الدول النامية للنفاذ الى الاسواق الخارجية. ونظرا الى التاثيرات المباشرة للتغيرات المناخية وما تحدثه من خلل في توازن المنظومات البيئية والسياسات الزراعية والامن الغذائي العالمي عامة فاننا نؤكد الحاجة الى تكثيف الاستثمار في مجال البحث العلمي حتى يواكب هذه التغيرات ويوجد الحلول المناسبة لها. كما نامل ان يتوصل المؤتمر الخامس عشر للدول الاعضاء في اتفاقية الاممالمتحدة للتغيرات المناخية والاجتماع الخامس للدول الاعضاء في بروتوكول كيوتو المزمع عقدهما بكوبنهاغن في ديسمبر المقبل الى بلورة برنامج تدخل حاسم يساعد على معالجة آثار هذه الظاهرة. ونحن ندعم المقترح المتعلق بالارتقاء بلجنة الامن الغذائي العالمي الى المستوى الوزاري. كما نعبر عن تأييدنا لاقامة شراكة عالمية من اجل فلاحة متطورة ومزدهرة وامن غذائي شامل ودائم. وقد وضعت تونس قضية الامن الغذائي في صدارة اولوياتها وقامت باصلاحات عديدة في المجال اهمها ما تعلق بتحسين الاوضاع العقارية للمستغلات الفلاحية وحفز الاستثمار الفلاحي وتطوير مؤسسات البحث والارشاد والتكوين والنهوض بحياة السكان بالمناطق الريفية ودعم دور المراة التنموي في هذه المناطق مع تعبئة الموارد المائية وترشيد استعمالها واقامة شبكة من السدود والبحيرات الاصطناعية. وقد سجلت تونس نتائج متميزة في القطاع الفلاحي فبلغ معدل النمو 3 بالمائة في السنوات الاخيرة وحافظ قطاع الفلاحة على مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 12 بالمائة وعلى تعزيز دوره في النمو الاقتصادي وفي خفض نسبة الفقر الى 3 فاصل 8 بالمائة بعد ان كانت في حدود 12 بالمائة خلال الثمانينات فضلا عن رفع معدلات الاكتفاء الذاتي وتعزيز الامن الغذائي. السيد الرئيس حضرات السادة والسيدات ان تونس شديدة الحرص على دعم التعاون والتضامن الدوليين من اجل تجسيم الاهداف الطموحة التي رسمتها المجموعة الدولية وفي مقدمتها الامن الغذائي باعتباره غاية انسانية مصيرية نعمل جميعا على تحقيقها خدمة للسلام والاستقرار والتنمية في العالم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».