تكوين إضافي ل6037 مدرس فرنسية وأنقليزية الشهر القادم تونس - الصّباح: من المفارقات العجيبة اليوم أنه بقدر ما تطورت وسائل الاتصال والانفتاح على العالم الخارجي تراجع الاهتمام بمسألة اللغات داخل الأوساط التربوية والجامعية وارتفعت بعض الأصوات داخل هذه المؤسسات وخارجها منددة بضعف مكتسبات التلاميذ على مستوى اللغات سواء عربية كانت أم أجنبية، ومتسائلة في الوقت نفسه عن أسباب هذا التردي.. »أن يخطئ التلميذ في صياغة جملة أو في تصريف فعل فهذا أمر عادي... ولكن أن يخرج عن الموضوع ويقدم تحريرا لا يمت للغة العربية بصلة فهذا ما يثير الاستغراب والحيرة والضحك في نفس الوقت.« هكذا تحدثت الآنسة إيمان (معلمة) عن ضعف بعض التلاميذ في اللغة العربية مؤكدة أن تراجع مستوى التلاميذ في هذه المادة تجاوز الحدود. وترى أن الفقر اللغوي لبعض التلاميذ يرجع أساسا إلى عدم اهتمامهم بمادة العربية مقارنة بمادتي الرياضيات والايقاظ العلمي فهذا التهميش للغة يؤدي في جانب كبير منه إلى فقر لغوي وضعف في التحرير خاصة مع غياب جانب المطالعة لدى بعض التلاميذ والتي من شأنها أن تدعم رصيدهم اللغوي. وتدعو الآنسة إيمان إلى ضرورة التعامل مع هذه اللغة بجدية أكثر باعتبارها اللغة الأم. اللغات الأجنبية ورغم أهمية اللغات الأجنبية التي تعد حجر الزاوية في مختلف مراحل الدراسة ولاحقا في الحياة المهنية فإن الإطار التربوي اليوم يتذمر أيضا من الضعف الفادح في صفوف التلاميذ والطلبة على مستوى هذه اللغات. تبين السيدة حياة العبيدي (أستاذة أنقليزية) أن التلاميذ اليوم باتوا يتجاهلون أهمية اللغات ويعتبرونها من المواد الثانوية، خاصة التلاميذ المرسمون بشعب علمية وأمام هذا التجاهل والتهميش يكون التحصيل العلمي هزيلا للغة تعد ضرورية اليوم خاصة أننا نعيش الانفتاح والعولمة. والأمر لا يختلف كثيرا داخل الأوساط الجامعية، حيث يشكو الاطار التربوي ضعفا فادحا في كل اللغات وخاصة الفرنسية. وفي هذا الصدد يؤكد السيد نزار أستاذ جامعي (اختصاص فرنسية) أن مستوى الطلبة اليوم في اللغات في الشعب الأدبيية والعلمية هو مستوى كارثي بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى. فالطلبة اليوم يرتكبون أخطاء لغوية فادحة لا يرتكبها تلميذ في المرحلة الأساسية ويعود هذا الضعف الفادح إلى عدم جدية الطالب في دراسة اللغاب وعدم إيلائها الاهتمام الضروري. ضعف الإطار التربوي لئن يحمل الاطار التربوي التلميذ أو الطالب المسؤولية الكاملة في ضعف مكتسباته اللغوية عربية كانت أم أجنبية، فإن للأولياء والطلبة رؤيتهم التقييمية الخاصة لهذه المسألة. فالسيد حسين بن سالم (موظف) يعتبر أن الضعف في اللغات بمختلف مراحل الدراسة يعود أساسا إلى مناهج التدريس والطرق البيداغوجية المعتمدة من قبل بعض المربين والتي تفتقر الى عنصر التشويق. ويشاطره الرأي في ذلك كل من سناء وهالة وعبير (طالبات بالمرحلة الأولى من التعليم العالي) اللاتي يعتبرن أن مستواهن اللغوي جيد جدا خاصة في اللغة الفرنسية التي تخصصن فيها. ويحملن مسؤولية تراجع الطلبة في اللغات للأساتذة بدرجة أولى نظرا لافتقارهم لطرق بيداغوجية عصرية من ذلك اقتصارهم على سرد المعلومات دون ايجاد طريقة سلسة في ايصالها، بينما تعتبر السيدة نجلاء الخليفي (موظفة) أن تراجع مهارات التلاميذ في اللغات يعود أساسا الى ضعف قدرات المربين خاصة الذين تخرجوا حديثا »فهم غير قادرين على الإفادة وتحقيق الإضافة نظرا لعدم تمكنهم من المادة التي يدرّسونها« حسب قولها. هذا الرأي يفنده مصدر مسؤول بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا حيث يؤكد أن اللجنة المختصة في امتحان الكاباس تحرص على اختيار النخبة من الاساتذة علاوة على قرية اللغات التي تدعم التربصات في مجال اللغات بالنسبة إلى الأساتذة المختصين في اللغات. ويؤكد نفس المصدر أن الوزارة منكبة على معالجة هذا الموضوع وقد تم في هذا الصدد تفعيل برنامج »Pref Sup« لتنمية اللغة الفرنسية لمختلف المؤسسات الجامعية التي تدرس هذه اللغة وذلك بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. تكوين المربين ويؤكد مصدر مسؤول بوزارة التربية والتكوين أن الوزارة ضبطت استراتيجية وطنية لتطوير تدريس اللغات. وسيتم العمل على تحيين البرامج وتطويرها واضفاء الانسجام عليها لتجويد طريقة تدريس اللغات حتى ترتقي إلى مستوى المعايير الدولية وذلك استنادا إلى التجارب المعتمدة في الأنظمة المتطورة. أما فيما يتعلق بالاطار التربوي فيؤكد نفس المصدر أنه سيتم خلال شهر جانفي المقبل تكوين 6037 مدرس فرنسية وأنقليزية في الجهات بالمستوى الخامس والسادس من المرحلة الأولى للتعليم الأساسي وذلك استنادا إلى المرجعية الأوروبية من خلال امكانية التعاقد مع مكونين من فرنسا إلى جانب الكفاءات التونسية المتعاقدة لضمان عملية تكوين متطورة. تنسيق بين الوزارتين إن الحديث عن تدني مستوى الطلبة في اللغات مرتبط بعناصر عدة خاصة أن عملية اكتساب المهارات في اللغات تنطلق أساسا من المرحلة الأساسية والثانوية إلى التهيّؤ لاحقا لمرحلة التعليم العالي ولا يمكن الفصل بين هذه المراحل. ويبقى التساؤل مطروحا عن مدى امكانية التنسيق بين الوزارات المعنية لتجاوز هذه الثغرة في مجال تكوين الطالب والتلميذ في اللغات. وفي هذا الصدد يؤكد مصدر مسؤول بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا أن »هناك تنسيقا بين كلا الوزارتين لتنمية اللغات لدى التلاميذ والطلبة عبر تفعيل آليات عدة تضمن ذلك إلى جانب التأكيد على وجوب التخصص في اللغات بالنسبة إلى الطلبة المتميزين في هذه المواد.