اذا لم يحدث ما يمكن ان يدعو الى تاجيلها او الغائها فان ثلاثة اشهر باتت تفصلنا عن موعد القمة العربية المرتقبة في السابع والعشرين من مارس القادم. هذا اذن ما اعلنه الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في اعقاب زيارته الى ليبيا استعدادا للحدث الذي بات لقاء سنويا منذ قمة بيروت بما يعني ان الفترة المتبقية قبل هذا الموعد ستكون اشبه بسباق مع الزمن... بل الارجح ان الصفحة الجديدة بين سوريا ولبنان بعد زيارة الحريري الى دمشق وما يمكن ان تتضمنه من مؤشرات من شانها ان تدعو للتفاؤل لا يمكنها باي حال من الاحوال ان تخفي المعطيات السلبية الكثيرة . ولاشك ان في تصريحات موسى التي استبق بها لقاءاته في ليبيا لا سيما ما يتعلق بفشل المساعي في تحقيق المصالحة بين بعض الدول العربية ما يعكس الكثير ليس عما ينتظر القمة العربية من تحديات وصعوبات فحسب، ولكن عما يمكن للقمة القادمة الخروج به من قرارات او اتفاقات، وما اذا كانت قادرة على الارتقاء الى تطلعات الشعوب والنخب العربية اوعلى الاقل تلبية السقف الادنى من انتظاراتها المشروعة وبالتالي استعادة جزء من الثقة المهتزة للسواد الاعظم من الشعوب المحبطة بسبب القصور العربي وغياب الارادة العربية في كسر الجليد وتحقيق الاختراق المطلوب في عديد القضايا المصيرية المتوارثة منذ عقود... فليس سرا بالمرة ان ما بلغته القضية الفلسطينية اليوم من تراجع سياسي وديبلوماسي على الصعيد الدولي ومضاعفة الاحتلال وتردي الوضع الانساني وتاكل مساحة الاراضي المتبقية للفلسطينيين لاعلان مشروع دولتهم المستقبلية، يبقى في اغلب الاحيان المقياس المشترك لتقييم حدود الارادة السياسية العربية وما يمكن ان تفرزه من نتائج قبل ان يدخل المشهد العراقي على الخط بعد الاجتياح الامريكي لبلاد الرافدين ويحكم سلفا على هذا الدور بانعدام الفاعلية ان لم يكن بالفشل المسبق... ويكفي ان عنوان القمة التي ستحتضنها ليبيا ارتبط حسب ما تسرب حتى الان بتطوير العمل العربي المشترك ودعم اجهزة المصالحة وهوعنوان قد لا يخلو من الاثارة بل إنه اسال ومايزال يسيل الكثير من الحبر لعدة اسباب. وهو عنوان يبقى قابلا لكل القراءات والتاويلات التي قد تختلف باختلاف مفهوم المصالحة في قاموس الفرقاء خاصة وان التحكم في لعبة المصالحة ما يزال في كثير من الاحيان من الرهانات غير الميسرة في الديبلوماسية العربية... وقد لايكون في تعثر جهود المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس بعد تلك السلسلة من الجولات المكوكية عبر العاصمة المصرية سوى مثال من امثلة متعددة مايزال فيها غياب الحوار والقطيعة بين ابناء القضية الواحدة سيد الموقف... والامر لا يتعلق بمحاولة استباق الاحداث او التقليل من اهمية القمة المرتقبة واحتمالات غياب لبنان عن قمة طرابلس ولكن بما يستعرضه الواقع العربي من تحديات جسام ومن مخاطر ربما تتجه نحو مزيد التعقيدات اذا لم يتم تطويقها والحد من تداعياتها الامنية والسياسية. والفشل يتجاوز حدود المصالحة المفقودة بين ايرتريا وجيبوتي الى ما يحدث على الحدود اليمنية السعودية من حرب مفتوحة بسبب المتمردين الحوثيين ومنه الى ما يحدث داخل اليمن من تحركات لاعادة تقسيم هذا البلد ومنه الى الصراعات المستمرة في السودان وما يحدث في دارفور اما الصومال وما يحدث من قرصنة فتلك قضية اخرى مرشحة بدورها للاتساع مع غياب الامن والاستقرار في هذا البلد الفقير وتحوله الى ملجا لتنظيمات متطرفة كل ذلك طبعا دون اعتبار الى بقية القضايا العالقة بسبب المخاوف العربية من البرنامج النووي الايراني والاسرائيلي ...و لعل في الازمة الاخيرة بين مصر والجزائر التي كادت ان تتحول الى حرب بين البلدين بسبب مباراة رياضية ما يؤكد ان الطريق الى القمة العربية لن يكون هينا او من دون مصاعب فالعلل التي تنخر الجسد العربي توشك ان تمتد لتفتك بالعقلية العربية