وصفت سفيرة الصين السيدة »لي بي فن« سنة 2009 بانها غير عادية وتوقعت ان تكون قضايا السلام والتنمية على سلم اولويات الاجندة الدولية خلال العام الجديد. وقد نفت سفيرة الصين بشدة ان تكون الصين وراء عرقلة محادثات كوبنهاغن للمناخ وقالت ان ما تحقق في تلك القمة كان افضل ما يمكن تحقيقه في الوقت الراهن وفيما يلي نص الحديث. كيف بدا لك عام 2009 وماذا عن اولوياتكم في السنة الجديدة؟ في البداية، أود أن أهنئ الشعب التونسي عموما وقراء جريدة »الصباح« خاصة بمناسبة حلول السنة الجديدة. إن عام 2009 ليس عاما عاديا، البعض يسميه ب«سنة التغيير«، لان المعادلة الدولية السياسية والاقتصادية تغيرت تغيرا عميقا، وأصبح أفق تعددية الاقطاب أكثر وضوحا. إن الازمة المالية الدولية ضربت العالم بشكل شديد، وأصبحت قضية التنمية أكثر إلحاحا. وتزداد أصوات الدول النامية لاصلاح الانظمة الاقتصادية والمالية الحالية والمشاركة المتساوية في الشؤون الدولية، وارتفعت مكانة الدول النامية في العالم مقارنة مع الماضي. في اعتقادي ان السلم والتنمية مازالا موضوعان رئيسيان للمرحلة المقبلة يحظيان بالاولوية سنة 2010 ومعهما ستواصل دول العالم التشاور والتنسيق لمواجهة القضايا الكبرى التي تواجهها. إن الصين باعتبارها أكبر دولة نامية في العالم ستبذل الجهود الحثيثة للحفاظ على مصالح التنمية للدول النامية، وستساهم في بناء الانظمة السياسية والاقتصادية الدولية أكثر عدلا وإنصافا. انتهت قمة كوبنهاغن للمناخ دون اتفاق ملزم ما جعلها حدثا فاشلا في نظر وسائل الاعلام عموما، فهل من تعليق؟ أثارت قمة كوبنهاغن اهتمام العالم بأسره، وعلى الجميع أن يقيم هذه القمة بشكل متوازن وموضوعي. المؤتمر أحرز نتائج ايجابية، وهى خطوة هامة من المجتمع الدولي لمكافحة تغير المناخ، إنها ليست نهاية، بل بداية جديدة. وهناك عدة أسباب: أولا: التمسك بحزم بالاطر والمبادئ التي وضعتها اتفاقية الاممالمتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو التابع لها، وخاصة مبدأ »مسؤوليات مشتركة لكن متفاوتة«، إن هذا التمسك موجود في إتفاقية كوبنهاغن. ثانيا: تم إطلاق خطوات جديدة لقيام البلدان المتقدمة بالخفض الالزامي للانبعاثات واتخاذ البلدان النامية إجراءات التخفيف الطوعية، وكان من المستحيل الحصول على هذه التعهدات بدون هذه القمة. ثالثا: تم التوصل إلى توافق أولي حول القضايا المركزية مثل الاهداف العالمية على المدى الطويل المتمثلة في السيطرة على ارتفاع درجة الحرارة للكرة الارضية في حدود درجتين مائوتين في عام 2050 وتوفير الدعم المالي والتكنولوجي وتعزيز الشفافية. إن ثمار القمة لم تأت بسهولة، وهى نتيجة التنازلات المتبادلة، وهي افضل نتيجة ممكن تحقيقها في الظروف الراهنة. ويجب الاعتراف بأن مصالح دول العالم في مكافحة تغير المناخ غير موحدة، ولكن التحديات امامها موحدة. ولا شك أن مكافحة ظاهرة تغير المناخ تحتاج إلى جهد طويل المدى من دول العالم، فمن المستحيل الوصول إلى الهدف في مؤتمر واحد. وينبغي الالتزام بخريطة طريق بالي والوفاء بالتعهدات وتنفيذ الالتزامات القانونية الناجمة عنها. اذا كان الامر هكذا فكيف تردون على الانتقادات والاتهامات الموجهة للصين بعد القمة؟ فعلا بعد قمة كوبنهاغن، إتهمت بعض الدول الصين بعرقلة القمة، بل استخدمت كلمة »إختطاف«، وأعتقد أن هذه الاتهامات ليست صحيحة ولا مسؤولة، ووراءها دوافع خفية. فقد أظهرت الصين أكبر قدر ممكن من النوايا الحسنة وبذلت أكبر قدر ممكن من الجهود لضمان نتيجة إيجابية للقمة، ولعبت دورا بناء هاما في هذا الصدد، حيث قامت باتصالات مكثفة ونسقت المواقف مع الاطراف الاخرى وأجرت مشاورات مع مجموعة »بيسيك« التي تضم الصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل ومجموعة ال77 والدول الافريقية مرات عديدة، وطرحت اقتراحا بناء في الوقت الذي يواجه القمة الفشل الذريع، ونجحت في دفع القمة نحو التوقيع على إتفاقية كوبنهاغن، كما نجحت في الحفاظ على ثمار المفاوضات على أساس المشروع الذي قدمه فريق العمل للمؤتمر، ومنح الوفود المختلفة الحق لمواصلة المفاوضات حول القضايا التي لم يقع التوصل إلى التوافق بشأنها. لقد ساهمت الصين مساهمة هامة في ضمان نجاح القمة والتوقيع على إتفاقية كوبنهاغن. ما الذي ستلزم به الصين في هذا السياق؟ سنلتزم بكل حزم وعزم بتحقيق هدف خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الاجمالي في عام 2020 بنسبة 40% إلى 45% مقارنة مع مستوى عام 2005، ورفع نسبة الطاقة النظيفة في الطاقة الوطنية إلى 15%، وزيادة مساحة الغابات ب40 مليون هكتار، وبلوغ تجارة الكربون للغابات مليار وثلاثمائة مليون متر مكعب، بل نحن ننوي تجاوزه لأنه يتفق مع المصالح الاساسية للشعب الصيني وشعوب العالم. والصين تحرص على إجراء المزيد من المشاورات لتخفيف الانبعاثات بشكل تطوعي، وهى مستعدة لبذل الجهود في إتجاه السيطرة على ارتفاع درجة الحرارة للكرة الارضية في حدود درجتين مائوتين في عام 2050. إن الصين باعتبارها دولة نامية ليست لديها المسؤولية لتقديم الدعم المالي للتصدي لتغير المناخ، لكن تعهدنا بمواصلة تقديم الدعم والمساعدة لدول الجزر الصغيرة والدول الاقل نموا والدول الافريقية في إطار تعاون الجنوب/ جنوب وعن القنوات الثنائية. لوحظ في الآونة الأخيرة تنسيق عربي صيني.. كيف تقيمين العلاقات بين الطرفين؟ تولي الصين اهتماما بالغا بالعلاقات مع العالم العربي، وكنا أنشأنا »منتدى التعاون الصيني العربي« في القاهرة عام 2004، وهو منبر هام لدفع علاقات الشراكة الجديدة وإجراء الحوار الجماعي والتعاون بين الصين والدول العربية. وقد حققنا في إطاره تعاونا مثمرا في مجالات مختلفة، ونحن نستعد لعقد الدورة الرابعة لهذا المنتدى خلال عام 2010، لكننا نقوم حاليا بمشاورات مع الدول العربية لبحث صبغ تطوير المنتدى، ونحن على يقين بأن هذا المؤتمر سيلعب دورا هاما في خلق وضع جديد للعلاقات الصينية العربية.