على الرغم من كونه يمثل الشريان الحقيقي والقاطرة التي تجر العملية التنموية بمفهومها الشامل، أكدت عملية التقييم التي أعدتها الدوائر الرسمية وشملت سير المرحلة الاولى من مخطط التنمية للخماسية الجارية 2009 - 2014 أن قطاع النقل وبقطع النظر عما حققه من تقدم وإسهام نسبي ببعض أصنافه في تعزيز المسيرة التنموية، يظل النقل الجماعي العمومي يشكو من عديد النقائص ويحتاج الى عناية مضاعفة طيلة السنوات المتبقية من المخطط الحادي عشر. عجز مالي مزمن ومن أهم الصعوبات التي يشكو منها قطاع النقل الجماعي العمومي ما يتعلق بعدم قدرة هذا المجال على مسايرة نسق تطور الطلب، بل وتراجع نوعية خدماته نتيجة عدم تمكن بعض شركات النقل من انجاز برامجها الاستثمارية في الآجال المضبوطة والمحددة لها بسبب وجود اشكاليات تمويلية من جهة أو إشكاليات متعلقة بالصفقات ومحدودية تدخل الخواص من جهة أخرى.. ولعل المتابع لسير القطاع منذ سنوات وعقود عديدة يلاحظ بوضوح ما تتخبط فيه شركات النقل من عجز مالي يكاد يكون مزمنا لأسباب شتّى وقد تكون الهياكل المشرفة أكثر دراية بالأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الواقع الذي يشكو فيه الاسطول من القدم والاهتراء فضلا عن تأخيرات بالجملة في مواعيد الانطلاق والوصول والاكتظاظ والزحام المبالغ فيه في حافلاتنا التي تقل المئات من المسافرين والحرفاء في سفرات صباحية ومسائية من دون مراعاة لأهمية العامل الزمني والالتزام بالمواعيد والآجال المحددة.. كما تشير المعطيات الرسمية في الغرض أن هذه الصعوبات تعود أيضا الى عدم مواكبة مداخيل قطاع النقل الجماعي لتطور الكلفة التي يشهدها وذلك بسبب عدم الزيادة في تعريفات النقل الحضري منذ سنة 2003 الى جانب عدم وجود تنسيق كاف على مستوى التخطيط والتنفيذ والمتابعة بين مختلف الاطراف المتدخلة فيه، وهذا الأمر يمكن تداركه إذا ما خلصت النوايا وصدق العزم على تحقيق القفزة النوعية المنشودة للقطاع.. حلول ومشاريع كبرى واعتبارا لهذا الواقع أكدت التوجيهات الرسمية في التقييم المرحلي للمخطط ضرورة أن تشهد السنوات المقبلة الاستغلال الامثل للعرض والطلب في المجال، ومزيد التعمق في الوضعيات المالية للشركات العمومية للنقل الجماعي وتسريع الاجراءات المتعلقة بالانتدابات واقتناء الحافلات ومزيد فتح قطاع النقل العمومي الجماعي بواسطة الحافلات للخواص من ناحية أخرى، فضلا عن التعمّق في شروط إسناد رخص تعاطي النقل العمومي غير المنتظم للاشخاص، سيما وأن هذه الفئة من المتدخلين يساهمون في مرفق النقل ولكن كل بطريقته ووفق الشكل الذي يرضيه الى حد أن البعض منهم يمارس نشاط النقل الجماعي من دون رخصة أو أي اعتماد من وزارة النقل وبطبيعة الحال فهو متحرر من أي ضوابط أو شروط أو ضمانات.. سفيان السهيلي للتعليق على هذا الموضوع: