قطعا لا أحد لا يتمنى اليوم أن يترشح المنتخب الوطني إنه الحلم الكبير الذي نود أن يتجسد على أرض أنغولا رغم صعوبة المهمة، ما دام الترشح لا يتحقق إلا بالانتصار على الكامرون.. ولكن ما يحدث اليوم، في هذه المرحلة الحرجة من المشاركة التونسية في بطولة افريقيا من كلام وأقوال وكتابات وتصريحات و«مزايدات على الوطنية» يجعلنا نتساءل: ما هذه التصرفات المجانية المتضاربة والحال أن لكل مسؤول أو هيكل وطني منصهر في المنظومة الرياضية يدرك ما له وما عليه، فالمسؤول الرياضي مطالب بتقديم المعلومة والادلاء بالتصريحات وعقد الندوات حسبما يمليه عليه الواجب بقطع النظر عن كل الاعتبارات الجانبية الأخرى، فيما يجد الاعلام الرياضي نفسه مطالبا بآداء رسالته والوفاء لمشاهديه وقرائه الذين يمتلكون فضول متابعة أخبار وكواليس مشاركة المنتخب. صحيح أننا لازلنا تحت تأثير النتيجتين الحاصلتين أمام زمبيا والغابون... ولازلنا نستمع الى تحاليل أحيانا تقنعنا وأحيانا تحبط الحلم فينا وأخرى تضعنا بين الشك واليقين... بين الحلم بالترشح أو الاحباط والتشاؤم والإيمان بأن: تلك هي حدود الرياضة وحدود المنتخب الوطني تلك هي مشيئة الكرة... تماما كلعبة الحظ، اليوم معك.. وغدا ضدك... اليوم في صالحك، وغدا تعاكسك... وتمنعك من الوصول الى الطريق الذي تود بلوغه... على كل لن نبيع الوهم اذا اعتبرنا أن الكأس الافريقية في متناولنا وأن المنتخب التونسي قادر بكل سهولة على هزم المنتخب الكامروني والمرور للدور الثاني... لكنه يبقى مطمحا جماهيريا واعلاميا مشروعا... ومرغوبا. ان ما يحدث اليوم من حرية اعلامية تجعلنا نتساءل: الى أي مدى يساهم الاعلام الرياضي في التأثير على الرأي العام؟ وهل تمثل الاثارة والنقد مفهومين لمعنى واحد باعتبارها تعكس نوعا من عدم الرضا على الوضع الحالي للمنتخب وتوجه اعلامي يجمع بين الجد والهزل في نقد مردود لاعبي المنتخب والاطار المشرف عليه من خلال المنافسة الاعلامية وسعيها الى استقطاب أكثر ما يمكن من المشاهدين والسباق نحو الشهرة والبروز كأفضل «اعلامي رياضي»، وأشهر مقدم تلفزي رياضي، وأفضل وسيلة اعلامية... وأحسن برنامج رياضي... ومقال صحفي.. في خضم هذا «السباق» المشروع نحو الاهداف المرسومة لكل وسيلة اعلامية من حقها أن تطمح للتميز... للإفادة... للنجاح واستقطاب أكثر ما يمكن من المشاهدين والقراء، يتراءى لنا ما يحدث اليوم سواء وسط منظومة كرة القدم أو داخل كواليس الاعلام الرياضي من تصرفات وتصريحات وكلاما يعد أحيانا واقعيا باعتبار وان صراع الرياضة مع الاعلام اتخذ بعد عالميا ليصبح اشكالا تعيشه مختلف بلدان العالم، لكن يبرز أحيانا أخرى كتصرف مجاني يتجاوز المعقول خاصة اذا ما تعلق الأمر بالحياة الشخصية للمسؤولين الرياضيين أو تجاوز النقد ليمس من كرامة الاشخاص ويندرج في سياق الثلب والشتم.. والنقد المجاني في فترة يحتاج فيها المنتخب الى «دعم» استثنائي «وقتي» خلال هذه التظاهرة الى أن تتضح الرؤية. وان كنا نرفض جميعا ملامح تلك الصورة التي برز بها البنزرتي في مراسلة مباشرة لبرنامج «ستاد 7»... نرفض ذاك التشنج وتلك العبارات المشحونة بالغضب والثورة على الاعلام الرياضي... لأن البنزرتي كان يوما ما مطمح الأغلبية الساحقة من الاعلاميين ومن الجمهور التونسي الذي كان يرى فيه الرجل المناسب... لكننا في المقابل قد نجد تبريرا لذلك بحكم كونه لازال متأثرا بنتيجة المقابلة وبمردود المنتخب الذي عمق حيرته وضاعف مسؤوليته أمام الجماهير والاعلام الرياضي... هذه الصورة نرجو ألا تتكرر لأنها تقدم للتونسيين عبر الشاشة مدربا وطنيا لا يجيد التعامل مع هذه المرحلة على أهميتها وصعوبتها... مدربا يفتقد لأعصاب هادئة يتطلبها التسيير في مرحلة هامة يسعى خلالها الاعلام الرياضي للفوز بالسبق الصحفي... والانفراد بتصريح فوري استثنائي من مسؤول بارز أو مدرب وطني. وطبعا لا وجود لرياضي لا يحلم بالفوز ولا يولي أهمية لما يقال عنه وسط البلاتوهات ولما يكتب عنه في الصحف إلا أنه ينتشي بالايجابي ويتشنج للنقد الذي تختلف تصنيفاته: نقد بناء، وآخر لاذع... وثالث هدام.. كلها تصنيفات تجعل مهمة التعامل مع الاعلام الرياضي ليست باليسيرة... مهمة بحاجة الى مسؤول استثنائي ومدرب يتقن الاتصال والتعامل الايجابي مع الاعلاميين..