يتواصل في مقر الاممالمتحدة بنيويورك ماراطون الاجتماعات السنوية للجلسة العامة للامم المتحدة التي سيطرت على جانب منها ملفات الصراع العربي الاسرائيلي والعراق وايران ولبنان وأفغانستان وبوادر الحرب المعقدة في باكستان . وفي وقت تتزايد فيه داخل الولاياتالمتحدةالامريكية حدة الانتقادات الموجهة لادارة الرئيس الحالي بوش الابن وخصوصا من قبل عدد من الساسة الجمهوريين والمسؤولين العسكريين والامنيين البارزين ، عادت وزيرة الخارجية رايس الى اعلان تمسك ادارتها بعقد " المؤتمر الدولي للسلام" في نوفمبر القادم.. بهدف "دفع الاوضاع في المشرق العربي نحو خيار" سلام محوره دولتان " أي دولة اسرائيل ودولة فلسطين.. ومن خلال قراءة تفاصيل المشروع الامريكي الذي دعمته اللجنة الرباعية الدولية اي الامانة العامة للامم المتحدة وروسيا والاتحاد الاوربي والولاياتالمتحدة ومبعوثها طوني بلير، فإنه يتضمن أفكارا ايجابية عديدة تهدف إلى إخراج المنطقة من عنق الزجاجة ..وبناء أرضية لمسار سلام اسرائيلي عربي جديد.. ويبدو أن هذه الافكار الايجابية تفسر موافقة 11دولة عربية الى حد الان على المشاركة في المؤتمرالى جانب رئاسة السلطة الفلسطينية واسرائيل .. لكن القراءة المتانية للوضع الميداني ترجح استحالة تقدم اي مسار للسلام حاليا بسبب استفحال ضعف الدول العربية والقيادة الفلسطينية مقارنة بظروف مؤتمر ابرام اتفاق أوسلوواشنطن في سبتمبر 1993 وما تلاه من اتفاقيات ومشاريع سلمية فلسطينية اسرائيلية في عهد الرئيس الامريكي الاسبق بيل كيلينتون.. قبل إجهاض اتفاق كامب ديفد 2 وإعلان قيام "الانتفاضة الثانية".. في سبتمبر2000.. إن الحكومة الاسرائيلية الحالية تبدو أضعف من أن تقوم بمبادرات سياسية مماثلة لخطوة الانسحاب من قطاع غزة والضفة الغربية التي قام بها رابين وبيريز في 1994.. وهي اضعف من ان تصادق على خطوة مماثلة لتلك التي افرزها اتفاق الخليل بين الزعيم الراحل ياسر عرفات مع ناتنياهو الذي خضع وقتها لضغوطات ادارة كلينتون.. والقيادة الفلسطينية وعواصم البلدان العربية المجاورة لاسرائيل تبدو اليوم أضعف بكثير مما كانت عليه في مؤتمر مدريد وخلال محادثات اوسلووواشنطن وكامب ديفد وطابا.. بل ان الادارة الامريكية نفسها تبدو اليوم ضعيفة جدا رغم تصريحات رايس المتفائلة، لأن النواب الديمقراطيين اصبحوا يشلونها جزئيا.. فيما دخل بعضهم لا سيما السيدة هيلاري كلينتون في حملة اعلامية وسياسية قوية لهرسلة الرئيس بوش وتاليب الناخبين الامريكيين ضده ..مع تحميله مسؤولية " فشل السياسة الامريكية في العراق والشرق الاوسط وتزايد مشاعر العداء لواشنطن عالميا".. ورغم الجهود التي تبذلها الامانة العامة للجامعة العربية لمحاولة تفعيل العمل العربي المشترك تبدو العواصم العربية مقسمة ..مثلما كشفه الاجتماع الماضي لمجلس وزراء الخارجية العرب.. الذي افرز تناقضات حقيقية في المواقف من ملفات دقيقة مثل لبنان والعلاقة مع ايرانوواشنطن والحكومة العراقية الحالية ومن الخلافات الفلسطينية الفلسطينية.. فضلا عن الاختلافات القديمة الجديدة من علاقات العواصم العربية باسرائيل قبل بناء الدولة الفلسطينية.. لكن رغم كل هذه النقائص لا بد للعواصم العربية أن تنتهز فرصة الخطاب الامريكي الجديد الذي برز مع بوش والذي عادت وزيرة الخارجية الامريكية رايس الى التبشير به أمام الجلسة العامة للامم المتحدة.. أي فرصة موافقة واشنطن على مشروع " سلام شامل لا يستثني سوريا ويحترم حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة تتعايش مع دولة اسرائيل".. ومهما كانت حظوظ نجاح مثل هذا المؤتمر ضعيفة في عهد بوش الابن ..فليس مطلوبا من العواصم العربية الجلوس على مقاعد المتفرجين أو الاكتفاء بترديد مقولات سلبية مثل "غياب الظروف الملائمة للسلام".. بل عليها أن تستبقه بتحركات مشتركة في كواليس الاممالمتحدة وفي العواصم العالمية.. خدمة لمسار يمكن أن يخفف أولا المعاناة الاقتصادية للشعب الفلسطيني المحاصر والجائع ثم يفتح له آفاقا قد تضمن له على الاقل قدرا من كرامته البشرية إن استحالت تلبية مطالبه السياسية العادلة بسب استفحال الخلل في ميزان القوى بينه وبين الة الحرب الاسرائيلية المدعومة دوليا..