عندما يحين موعد اجتماع مجلس الشيوخ الامريكي هذا الاسبوع للتصويت على مشروع تقسيم العراق الذي تقدم به السيناتور الديموقراطي جوزف بيدن المترشح لسباق الانتخابات الرئاسية القادمة فان الاكيد ان القرار سيجد له الكثير من المؤيدين بين النواب الامريكيين ذلك ان تقسيم العراق الى ثلاثة كيانات طائفية شيعية وسنية واخرى كردية كان ولايزال هدفا قائما بين اهداف كثيرة للاحتلال كخطوة لتمزيق وحدة العراق وطمس هويته و تشتيت ثرواته البشرية والطبيعية وتهميش موقعه الاستراتيجي الاقليمي والدولي. ورغم ان الخطة غير ملزمة على الاقل في الوقت الراهن فان مجرد طرحها للتصويت في مجلس الشيوخ من شانه ان يؤكد ان خطر التقسيم الذي يهدد بلاد الرافدين وينذر بالاسوا لن يزول قريبا ذلك انه كلما استمرت موجة العنف في التصاعد كانت فرص تنفيذ هذا الاتفاق اكبر وذلك لسبب بسيط وهو ان استمرار حالة العنف والفوضى واستمرار حالة الخراب و الدمار معها تعني استمرار غياب فرص ظهور ادارة عراقية قوية قادرة على تغيير الواقع الحالي وجمع صفوف كل العراقييين من حولها من اجل انقاذ وحدة العراق وسيادته... والحقيقة ان الكشف عن وجود خطة لتقسيم العراق يحمل تفسيرا واحدا لا غير وهو اقرار واضح بفشل سياسة الاحتلال ومخططاته اذ يكفي ان المشهد العراقي لم يختلف خلال شهر رمضان عن الاشهر السابقة بخصوص استمرار حمام الدم وتواتر اخبار الجثث المجهولة والتفجيرات المرعبة ومسلسل الاغتيالات والفساد... واذا كان السيناتور جوزف بيدن قد كشف ان خطة تقسيم العراق وضعت اسوة بخطة دايتون لتقسيم البوسنة بين الصرب والكروات والبوسنين كحل نهائي للخروج من دوامة العنف فان ما لم يشأ كشفه هو ما اذا كانت خطة دايتون قابلة للحياة في حال تقرر انسحاب قوات السلام المنتشرة هناك... وبعيدا عن الوقوع في تفاصيل خطة التقسيم الخطيرة والتي لا طائل من ورائها غير مزيد تعميق الجرح العراقي النازف فان الواضح ان هذه الخطة التي باتت تحظى بتاييد العديد من النواب الجمهوريين والديموقراطيين من شانها ان تعيد الى الاذهان سيناريوهات سابقة في اعادة تقسيم ورسم حدود الخارطة الجغرافية للعالم العربي وما خلفته تركة سايكس بيكو معها من انقسامات وضعف وانحلال وغياب كامل على الساحة الدولية... لقد جاءت خطة دايتون العراق او سايكس بيكو القرن الواحد والعشرين لتكشف عن وجود عقلية عسكرية تصر على التعامل مع العراق كما لو كان جزءا من الاراضي الامريكية او ولاية من ولاياتها ولكن الحقيقة ان الرهان على تقسيم العراق وتفكيك وحدته يبقى رهانا خاسرا وهو اشبه بالرهان على الحل العسكري للخروج من الخندق العراقي وهي خطة مآلها الفشل تماما كما فشلت سياسة الجدران العازلة والاسوار الفاصلة بين احياء بغداد وغيرها من المدن العراقية...