المتهم في قضية الحال شاب فاق عمره الثلاثين عاما مريض نفسي يعالج بمستشفى الامراض العصبية ويدمن الادوية المهدئة للتخلص من نوباته قام من نومه فجأة في احد الايام وروى لعائلته ان زائرا زاره في منامه واوكل له مهمة مداواة المرضى ونبهه الى ان اختصاصه نسائي بحت ولا يجب ان تطأ عتبة منزله غير اقدام الجنس اللطيف هذه الرواية انشرحت لها صدور افراد عائلته المنطقة الريفية وانطلت الحيلة على الجميع اذ اصبح المريض النفسي بين ليلة وضحاها عرافا وصاحب باع وذراع في فك الطلاسم والسحر والقضاء على التابعة. كما اذاع عن نفسه انه يصنع المعجزات ويداوي الشلل والاعاقات التي عجز عن مداواتها العلماء والاطباء.. تهاطلت على خدماته طلبات الحرفاء واصبح قبلة الجميع من مختلف الشرائح والاعمار لكنه لم يتنازل عن شرطه وهو عدم قبول الرجال في غرفته السرية.. هذا النشاط المحظور امتد لسنوات ومر سلامات الى أن تقدمت احدى حريفاته الى اعوان الفرقة العدلية بمنوبة بشكوى في حقه لم تتهمه فيها بالتحيل فحسب بل بمواقعتها دون رضاها وسرقتها.. اذ افادت هذه المرأة في عريضتها انها علمت بقدرة هذا العراف على مداواة المعوقين فقررت ان تنتفع بخدماته وقصدت محله المعروف في وسطه الريفي. وعندما انفرد بها طرحت عليه مشكلتها فطلب منها نزع ثيابها مؤكدا لها ان الجن الذي يتعاون معه يعالج بتلك الطريقة. فانصاعت لاوامره ثم بدأ يتمتم بكلام غير مفهوم.. ليقوم بعدها بمداعبتها ومواقعتها ولئن حاولت منعه فانه اتم مخططه.. ثم قام بحجز حافظة اوراقها وهاتفها الجوال ودفتر ادخارها لما رفضت خلاصه.. وببلوغ نبإ تقدم المرأة بشكوى تتالت الشكايات لتبلغ ثلاث تقدمت بها امرأتان وكهل تمكن من التمتع بخدمات عراف النساء «بالواسطة» حيث افادت الاولى انها قصدته لعلاج ابنها المعوق الذي يسير على كرسي متحرك وسلمته مبلغ 300 دينار لكنه لم يف بوعده اما الثانية فقد اتصلت به هاتفيا وطلبت منه التنقل الى مدينة سوسة على حسابها ليعالج لها ابنها الذي يعاني من الشلل ثم عرضت عليه مقابل «تطبيبه» مبلغ اربع مائة دينار وفعلا تنقل لها ثم مارس على ابنها خزعبلاته وتسلم المبلغ دون ان يتحسن وضع ابنها. اما الطرف الرابع من مجموعة الاتهامات الموجهة للعراف فانه كهل ترجى العراف لكي يتدخل له لعلاج والده المقعد وسلمه مقابل ذلك مبلغ 230 دينارا.. وبجلب المظنون فيه ومكافحته بجملة التهم اعترف بجميع التهم مبديا ندما شديدا عما اقترفه وبعرضه على النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بمنوبة وجهت له تهمة التحيل في ثلاثة قضايا ثم تهمة التحيل والسرقة ومواقعة انثى دون رضاها احيل بمقتضاها على انظار الدائرة الجناحية حيث انكر جميع التهم متراجعا في اعترافاته المسجلة عليه لدى باحث البداية وبسؤاله عن سبب تراجعه في اقواله افاد انه امي لا يعرف الكتابة والقراءة وقد امضى على المحاضر دون ان يعرف مضمونها.. وقد افاد والده الذي حضر الجلسة ان ابنه معوق وهو يعاني من اضطرابات نفسية حادة يتردد بسببها على مستشفى الرازي للعلاج. وبعد المداولة قضت هيئة المحكمة بسجن العراف مدة عامين مع الاذن بارجاع جهاز الهاتف الجوال وحافظة الاوراق ودفتر الادخار لصاحبتهم.