الحماية المدنية تتدخل لإخماد 198 حريقاً خلال 24 ساعة فقط    عاجل: تقرير يكشف 62 حالة تجاوز أخلاقي وإداري تهز وزارة الهجرة الكندية    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    تونس تُصدر زيت الزيتون إلى أكثر من 60 دولة    الشكندالي: اتساع رقعة الحرب.. يهدد ميزانية الدولة ويُفاقم العجز الطاقي    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    مأساة جديدة قبالة السواحل الليبية: فقدان أكثر من 60 مهاجراً    رسميا: النادي الإفريقي يكشف عن أولى صفقاته    تونس تشتعل حرًّا: درجات حرارة قياسية تتجاوز 47° تحت الشمس    الستار يسدل اليوم على ''السيزيام'' 2025    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    9 فواكه تناولها يوميًا لطرد السموم من الكبد والكلى..تعرف عليها..    استشهاد 30 فلسطينيا في قصف صهيوني على منتظري المساعدات ومنازل وخيام غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ إيران تستهدف طائرة حربية إسرائيلية بصاروخ "سطح جو"..    ميناء حلق الوادي: وصول باخرتين سياحيتين تقلّان قرابة 9500 سائح    قافلة للحزب الدستوري الحر نحو سجن بلِّي بنابل تضامنا مع عبير موسي..    تونس تحتضن بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية للناشئين تحت 17 سنة بمدينة الحمامات    إيران تعلن تفكيك خلية تجسس تابعة للموساد في طهران    كأس العالم للأندية: التعادل يحسم مواجهة إنتر ميلان الإيطالي ومونتيري المكسيكي    أحمد ونيس: مخاطر التدخل الأميركي في الحرب تُهدّد بتصعيد عالمي    تونس تتسلم دفعة تضم 111 حافلة جديدة مصنعة في الصين    خامنئي يعلن بداية المعركة.. ويدعو للرد بقوة على إسرائيل    كأس العالم للأندية 2025 : صن داونز الجنوب أفريقي يهزم أولسان هيونداي الكوري 1-صفر    العرب في قلب الحدث: أبرز مواجهات اليوم في كأس العالم للأندية ...التوقيت    3'' حاجات'' لا تخرج من المنزل بدونها فى الطقس الحار    علاش يلسعك إنت بالذات؟ 5 أسباب تخليك ''هدف مفضل'' للناموس!    أطعمة تزداد فائدتها بعد التبريد: مفاجآت صحية في ثلاجتك!    عاجل/ اضراب بيوم في "الستاغ"..    لماذا رفضت وزارة العدل توثيق الطلاق لدى عدول الإشهاد؟    صاروخ ''فتاح'' يثر الرعب ...يتخفى و يناور ...شنية حكايتوا ؟    مدينة العلوم تقدّم أنشطة مجانية السّبت المقبل بمناسبة اليوم العالمي للشمس والانقلاب الصّيفي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    واشنطن قد تدخل الحرب وطهران تتوعد    50 مقاتلة تشن غارات بطهران وصواريخ "فتّاح" تستهدف إسرائيل للمرة الأولى    بيب غوارديولا.. عائلتي تحب تونس    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    إختيار 24 عينة فائزة في الدورة الثامنة لجائزة أحسن زيت زيتون تونسي بكر ممتاز    مع تراجع المستوى التعليمي وضعف التقييم...آن الأوان لإجبارية «السيزيام»؟    ملتقى تونس الدولي للبارا العاب القوى (اليوم الثاني) تونس تحرز خمس ميداليات جديدة من بينها ذهبيتان    تدشين قسم طب الولدان بمستشفى شارل نيكول بمواصفات متطورة    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    "عليسة تحتفي بالموسيقى " يومي 20 و 21 جوان بمدينة الحمامات    صفاقس: تنظيم يوم الأبواب المفتوحة بمركز التكوين والتدريب المهني بسيدي منصور للتعريف بالمركز والإختصاصات التي يوفرها    الدورة الأولى لتظاهرة "لقاءات توزر: الرواية والمسرح" يومي 27 و28    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    منوبة: فتح الجزء الثاني من الطريق الحزامية " اكس 20 " بولاية منوبة    قفصة : حلول الرحلة الثانية لحجيج الولاية بمطار قفصة قصر الدولي وعلى متنها 256 حاجا وحاجة    بعد السقوط أمام فلامنجو... الترجي في مواجهة هذا الفريق بهذا الموعد    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    عاجل/ 6 سنوات سجن في حق هذا النائب السابق بالبرلمان..    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوّل فيلم سينمائي يقر بجرائم الجيش الفرنسي في الجزائر
«العدو الحميم»:
نشر في الصباح يوم 11 - 10 - 2007

يبدأ هذا الاسبوع عرض الفيلم الجديد، للمخرج فلورون سيري: "العدو الحميم". الانتاج متّميز من حيث الاشكالية التي يعرضها والتقنيات السينمائية المستعملة. وهو أول إنتاج يتطّرق بشجاعة لموضوع بقي طويلا ضمن المحظورات
فقد ظلت السينما الفرنسية تتفادى الخوض في موضوع الحرب الفرنسية - الجزائرية (1954- 1962) بسبب حجم الحساسيات، التي تُثار بمجرد الحديث عن هذه الحقبة التاريخية، إضافة للعامل العاطفي الذي يميزها، وكمّ الذكريات المؤِلمة التي لا تزال حيّةً في الذاكرة المشتركة للشعبين الفرنسي والجزائري. الانتاج متميز على اعتبار أن الافلام القليلة التي عالجت الموضوع قبل هذا، كانت كثيراً ما يَغلب عليها طابع الحنين والعاطفة، ولم يجر فيها تصوير العنف الذي ميّز هذه الحرب، إلا بطريقة إيحائية وضعيفة.
"العدو الحميم" يختلف من حيث جرأة المعالجة، ويمكن اعتباره أول إنتاج سينمائي فرنسي، يقِر رسميا بجرائم الجيش الفرنسي في الجزائر، ويتحدث عن تجاوزات الجيش في استعماله لاساليب التعذيب والاسلحة المحظورة في واحدة من أعنف حروب العصر الحديث. وهو إنجاز كبير في حد ذاته، علماً أن فرنسا انتظرت 37 سنة أي حتى أكتوبر 1999، لتعترف رسمياً بأن ما حدث في الجزائر كان حرب مقاومة واستقلال. وهي التي ظلت لعقود وحتى بعد انتهاء الحرب تصّر على تسمية ما حدث في هذه الحقبة "بعمليات لحفظ الامن".
أحداث الفيلم تتعاقب عبر شخصية الضابط "تريان" الذي يمثل دوره "بنوا مجيمال" الحائز على جائزة أفضل ممثل، في مهرجان كان سنة 2000 عن دوره الممّيز في فيلم "عازف البيانو". أحداث الفيلم تحكي قصة شاب يتطوع في الجيش الفرنسي سنة 1959 قادما من جنوب فرنسا لخدمة وطنه، وهو لا يعرف عن هذه المستوطنة الفرنسية سوى ما يراه في النشرات، من أخبار عن بضعة متمردين يقلقون أمن الوطن في الجزائر، ليفاجأ بعد ذلك بحجم العنف وبشاعة الحرب وأساليب الجيش القاسية في التعامل مع الجزائريين. "تريان" هو بطل الفيلم، وهو في ذلك تجسيد لتأنيب الضمير الاخلاقي، حيث نراه يتمرد في كل مرة على أساليب التعذيب، القتل الهمجي والترحيل، ويدخل في اشتباك مستمر مع زملائه بخصوص الاساليب المستعملة. لقطات المواجهة التي تجمعه بزميله دونياك الذي يلعب دوره الممثل "ألبير دوبونتيل" تجسد التناقضات الكبيرة التي ميزت هذه الحرب، كاللقطة التي بدا فيها تريان وهو يسأل زميله دونياك، لماذا يعامل الجيش الاهالي بهذه الطريقة، وهو الذي، من المفروض، أنه آت لحمايتهم. أليسوا مواطنين فرنسيين أم أنهم مواطنون من الدرجة الثانية؟ أو تلك اللقطة التي يبرر فيها ضابط المخابرات "برتو" لتريان لجوءه لاسلوب التعذيب مع الاهالي، ليعترف له بعد ذلك أنه نفسه قد عانى من التعذيب، وهو جندي في الحرب التي خاضتها فرنسا في الهند الصينية. كما نرى الجندي دونياك، وهو ينتقد المقاومين الجزائريين، ويجادل المجاهد الذي مثل دوره الجزائري محمد فلاق، حول جدوى المقاومة، لنعلم بعد ذلك أنه نفسه قاوم الالمان في منطقة "ليموزان". التناقضات تستمر وتتصاعد لغاية آخر الفيلم، حيث نكتشف أن الشخصيات تنقلب تماما. فبينما يقرر الجندي دونياك الذي كان يختلف مع تريان ويجد التبريرات للتجاوزات والعنف، الهرب من الجيش، يصبح الضابط تريان، مثل غيره ممن يعذبون وينتهكون الحقوق.
تأثير التجربة الهوليوودية للمخرج فلوران سيري، الذي سبق أن تعاون مع بروس ويليس في فيلم "الرهينة"، بدا واضحاً في طريقة تصويره للفيلم الذي جاء قريبا جدا من الافلام الحربية الامريكية. فهو على غرار فيلم "من ينقذ الجندي رايان؟" و"بلاتون". وقد ظهر ذلك تقنياً، من خلال اللقطات القصيرة والمفاجئة، وسرعة تسلسلها، مع اللجوء لتصوير المعارك من زوايا مّقربة. تبني هذه التقنية جاء مُتعمدًا، كما يقول مخرج الفيلم الذي يشرح: "انها تقنية استخدمت لتجسيد قوة العنف والفظاعة التي تميزت بها هذه الحرب. كان من اللازم وضع المتفرج في قلب الاحداث. وهذا لن يحدث إلا إذا حملنا الكاميرا على الكتف ودخلنا بها ساحة القتال، لنعيش أحداثها بأعين الجنود". التأثير الهوليوودي كان واضحا أيضا، باعتراف المخرج نفسه الذي قال انه استوحى عنوان الفيلم من عبارة شهيرة في فيلم "بلاتون" للمخرج الامريكي أوليفر ستون حيث يقول أحدهم: "ليس عدوك هو من أمامك بل من بداخلك...". وهو نفسه مغزى الفيلم الفرنسي الذي يطرح إشكالية صراع الانسان مع نفسه، بسبب تصادم قناعاته الشخصية وضميره الاخلاقي، مع ما يمليه عليه واجبه كجندي يحافظ على مصالح وطنه. لكن على عكس الافلام الحربية الامريكية، فإن "العدو الحميم" ليس بطوليا، ولا يُظهر الجيش الفرنسي إلا وهو يُهَاجم أو يُهزم، كما بينّ هشاشة قضية الجنود الذين غمرهم الشّك في جدوى القتال، فظهر العمل كأنه دعوة لنبذ العنف والحروب. وهو ما أوحت به عبارة الجندي دونياك الذي قال في آخر الفيلم: "أصدقاؤنا ماتوا من أجل لا شيء..."
للتذكير فإن موضوع الفيلم يتطرق لحقبة مهمة من الحرب الفرنسية - الجزائرية. وهي الفترة الممتدة بين جويلية 1959 الى غاية مارس 1960، والمطابقة تاريخياً للمرحلة المسماة "بمخطط شال" التي عمد خلالها الفرنسيون إلى تصعيد المواجهة من أجل القضاء على المجاهدين المختبئين في الجبال. كما تميزت هذه الفترة بارتفاع وتيرة التجاوزات، وإفلات الجنود من العقاب، بسبب التصويت على قانون حالة الطوارئ في أوت 1955، فكثُر التعذيب وترحيل الاهالي. ولهذا فقد اعتبرت هذه الفترة تاريخيا، من أعنف فترات الحرب الجزائرية -الفرنسية.
وقد ظهرت في نهاية الفيلم، فقرة مكتوبة تُذكرنا أن مليوني فرنسي شاركوا في هذه الحرب وأن 27.000 منهم فقدوا حياتهم، مقابل 1.600.000 جزائري (مليون ونصف) حسب الارقام الجزائرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.