تكاد اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية تصبح روتينية بالنظر إلى نتائجها في المرات السابقة التي اتسمت بالرتابة وبعدم الجدوى وباتت وكأنها فرص لتخفيف الضغط على الحكومة الإسرائيلية كلما طفت ضغوط داخلية في الحياة السياسية. وقد يصنف لقاء الأمس بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية أولمرت ضمن تلك اللقاءات العقيمة حيث باتت مجرد لقاءات هي أقرب إلى الاستهلاك الداخلي للجانبين من أن تكون لقاءات جدية تؤسس لخطوط عريضة لحلول طال انتظارها فلسطينيا وإقليميا. وعندما يسبق أولمرت اللقاء بتصريحات فيها الكثير من الاستفزاز والعنجهية فإنه لا يمكن الرهان على شخص مثله ليكون بحق رجل سلام بل لا يعدو أن يكون منفذا لمواقف متطرفة وأهداف لم يعد لها مجال لكي تتواجد في ظل هدوء نسبي على الساحة الفلسطينية قد يسبق عاصفة لا يعلم أحد مداها. فرئيس الحكومة الإسرائيلية لا يتورع عن إرسال طائرته قبل اللقاء لتلقي قنابلها على الفلسطينيين بعد أن سمح لوزير "الدفاع" بقطع الكهرباء عن قطاع غزة ثم يصرح بأن مؤتمر السلام المزمع عقده في أمريكا قد لا يسفر عن اتفاق للسلام ملزم مع الجانب الفلسطيني بل يرى أن المؤتمر قد لا يعقد بالمرة. مثل هذه التصريحات والسلوكيات تشير إلى رغبة إسرائيلية في تكريس الحقائق الميدانية الحالية ذلك أن الأرض والطبقة السياسية والشعب كلهم مقسمون بين ما تبقى من الضفة الغربية وقطاع غزة وهو ما يعني أن السلطة الفلسطينية قد لا تتمكن من الحديث باسم الفلسطينيين في الداخل أما في الخارج فإنهم لم يعودوا محل اعتبار بالنظر إلى الرفض الإسرائيلي الكلي مناقشة مسألة اللاجئين. ولذلك لا تريد إسرائيل نفض الغبار عن جملة من المسائل أهمها بالتأكيد العودة إلى مبدإ "الأرض مقابل السلام" الذي انعقد على أساسه مؤتمر مدريد عام 1991 وكذلك العودة إلى الاتفاقيات المبرمة على أساس لقاءات أوسلو. والواضح أن لا الإدارة الأمريكية ولا الحكومة الإسرائيلية جادتان في تسوية عادلة للقضية الفلسطينية وبالتالي سيبقى الفلسطينيون الأكثر تضررا على أكثر من صعيد خصوصا أن الممارسات الإسرائيلية والمواقف الأمريكية لا يمكن أن تؤدي إلا إلى مزيد اليأس والتطرف لدى جانب كبير من الفلسطينيين .