تشارك الجامعة العربية وعشرات الوزراء وكبار المسؤولين في الدول العربية والاسلامية والافريقية في المؤتمر الذي يعقد في العاصمة السودانية الخرطوم بحثا عن معالجة الاسباب الانسانية والاقتصادية والاجتماعية للحرب الدائرة منذ 2003 في دارفور.. هذا المؤتمر يسعى الى رصد تمويلات لتنمية الجهة وتوفير موارد رزق لسكان المنطقة تكون بديلا عن انخراط الآلاف منهم في الميليشيات المسلحة والحركات السياسية التي تحصل على تمويلات من عدة عواصم في المنطقة وخارجها..على غرار مئات الميليشيات التي استخدمت طوال العقود الماضية في استنزاف عدة دول افريقية وعربية واسلامية.. ولا شك أن محاولة جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وغيرهما من الهيئات السياسية الاقليمية وضع حد لمعاناة شعب السودان عموما وأهالي اقليم دارفور خاصة مبادرة طيبة.. .رغم اقتناع الجميع بان كثيرا من خيوط أوراق التسوية للحروب التي تشهدها المنطقة توجد في عواصم الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن وبعض حليفاتها.. وخاصة منها الدول التي ساهمت في تفجير تلك الحروب أو في تفعيلها وتعقيدها.. عبر خطوات كثيرة.. من بينها انتهاج سياسة المكيالين واعتماد خطاب مزدوج.. عبر تقديم دعم سياسي ومالي للحكومات ولمعارضيها المسلحين في نفس الوقت.. إن السودان كان ولا يزال أكبر دولة عربية افريقية من حيث مساحته الجغرافية وثرواته الزراعية والمعدنية الافتراضية.. ومنها النفط والغاز والذهب.. لكن شعبه يعاني منذ عقود طويلة من حروب استنزاف ومؤامرات اقليمية ودولية معقدة.. كلفت حكوماته وجيشه خسائر بشرية ومادية هائلة.. وبعد نجاح جهود التسوية بين السودان وجل جيرانه وصولا الى الاتفاق الذي ابرم مؤخرا مع التشاد ثم بعد الوفاق السياسي الشامل مع قيادة متمردي الجنوب بزعامة جون قارنق.. قتل خصوم الوحدة الوطنية جون قارنق ثم فجروا حرب استنزاف جديدة في اقليم دارفور.. وبدأت تحركات دولية لتبرير التدخل العسكري الاجنبي في السودان.. تحركات فسرها خبراء كثيرون بالصراع الصيني الغربي الجديد على افريقيا عامة وعلى الثروات الهائلة التي اكتشفت في اقليم دارفور خاصة.. ولا شك أن تقاريرعشرات المنظمات الانسانية والحقوقية والاممية حول أخطاء القوات الموالية للخرطوم تستحق تفاعلا ايجابيا معها من قبل قيادة السودان.. التي لا بديل لها عن خيار احترام القرارات الاممية وعن تطوير شراكتها مع الاتحاد الافريقي.. لكن على الدول المعنية بالاستقرار والامن في المنطقة وفي العالم أن تفهم أن ليس من مصلحتها تشجيع سيناريو تقسيم بلد عربي واسلامي وافريقي جديد الى عدة دويلات : واحدة في الجنوب واخرى في الغرب وثالثة في الشمال.. إن من مصلحة كل دول المنطقة وحلفائها في العالم مساعدة الخرطوم على معالجة ملفات الجنوب ودارفور ضمن رؤية تعطي الاولوية لوحدة البلد والشعب وليس لمشاريع تقسيمه أو جره إلى حروب استنزاف طويلة.. قد تنجح في اضعاف السلطة المركزية في الخرطوم أكثر على غرار ما حصل في افغانستان والعراق ومنطقة السلطة الفلسطينية ولبنان ذلك أنّ الحصيلة النهائية ستكون مزيدا من الاقتتال والدمار وانتشارالعنف والارهاب .