تونس:الصباح تختزل إحصائيات حديثة صادرة عن وزارة التربية والتكوين تطور عدد التلاميذ الذين يؤمون المدرسة التونسية خلال السنة الدراسية الحالية ليصل إلى حدود 2188080 تلميذ وهم يتوزعون على مستويات التحضيري والتعليم الأساسي والثانوي ومدارس المهن.. كما تشير إلى أن نسبة التمدرس لدى الأطفال في سن 6 سنوات بلغت 99 بالمائة ولدى الفئة العمرية الممتدة بين 6 و11 عام بلغت 97 فاصل 3 بالمائة ونجدها لدى الفئة العمرية بين 6 و16 عام في حدود 90 فاصل 5 بالمائة ولدى الفئة المتراوحة بين 12 و18 سنة في حدود 76 فاصل 1 بالمائة.. ولكنّ تحسن هذه المؤشرات يجب أن لا يخفي على العيان التوترات التي تعيشها المدرسة التونسية ويذهب الأستاذ طارق بن الحاج عمار الباحث في علم الاجتماع التربوي في دراسة بيداغوجية وردت في العدد الجديد للنشرية البيداغوجية التربوية "أنوار" الصادرة عن المركز الجهوي للتربية والتكوين المستمر بزغوان إلى القول إن الصحة النفسية يجب أن تتحول إلى جزء من الثقافة التربوية فرغم ترسانة القوانين والأوامر المنظمة للحياة المدرسية ورغم استفحال الأزمة العلائقية داخل المدرسة وانكشاف معالمها بوضوح لم تنجح المدرسة في اعتماد التشخيص الصائب والقراءة الدقيقة للمرحلة. ويرى الباحث أن تحديد مدخل جديد لتجاوز هذا المأزق والحيلولة دون تحول الأزمة التربوية إلى أزمة اجتماعية يمر حتما عبر التشبع بروح الإصلاح ومرجعيته والعمل على ألا يطغى الخطاب الاجتماعي والإعلامي على الخطاب التربوي داخل المدرسة..ومن بين الشروط لتحقيق ذلك على حد قوله هو أن تتحول الصحة النفسية إلى جزء أساسي ومبدئي في الثقافة التربوية "لأننا نريد أن نعلّم.. ولكن كذلك نريد أن نربّي على مجموعة من القيم ويكون ذلك ممكنا بجعل غاية المدرسة الأساسية هي تربية طفل متوازن منفتح ومطلع ومندمج في المدرسة وخارجها". ويقول الباحث إن المدرسة وكلما أدت دورها التربوي على أحسن وجه ازدادت كفاءاتها الداخلية والخارجية ليس في ميدان التعليم فحسب بل كذلك في مجال التربية القويمة فكل ما يتميز به الفرد من خصال وكل ما يترسّخ لديه من خصائص مثل حدة الوعي والتفكير البناء وقوة الإرادة والخصائص الأخلاقية الرفيعة وتماسك الشخصية إنما يأتي نتيجة لتفاعل الفرد مع غيره في وسط اجتماعي رصين ومنظم تمثله المدرسة وذلك من أجل جعلها مكانا للتنشئة الاجتماعية السليمة وليس مكانا للإقصاء والعنف التربوي والاجتماعي.فهدف المدرسة على حد تعبيره هو إحداث ما يسمى بالاندماج الذي يتطلب درجة كبيرة من المرونة والحرفية.. التنشئة الاجتماعية يأتي الأطفال إلى المدرسة وهم بحاجة إلى الأمن والمحبة والإحساس بالانتماء والرغبة في الاعتماد على النفس وقد لا تكون المدرسة، كما يذهب الباحث، قادرة دائما على تلبية احتياجات المنتسبين إليها.. فالنظام التربوي المدرسي الذي يهمل جانب التنشئة الاجتماعية ويقتصر على التدريس فقط والذي يقوم على أسباب العقاب والتوبيخ والأمر والنهي يهدد إحساس الطفل بالأمان ويجعله يخاف من المدرسة ويفقد الثقة بالراشدين وتتحول الخبرات المدرسية لديه إلى خبرات مؤلمة ومزعجة. ويقول الباحث في علم الاجتماع التربوي إن دور المدرسة ليس التعليم فقط بل التربية في جميع مستوياتها بما في ذلك التربية على الاتزان الشخصي والنفسي والسلوكي باعتبارها تؤثر في تكوين الفرد وفي نموه النفسي.