ماذا عن تحدّيات الديموقراطية والتنمية في عالم اليوم؟ تونس الصباح:انطلقت صبيحة يوم أمس فعاليات الندوة الدولية التاسعة عشرة حول موضوع "الديمقراطية والتنمية في عالم متغير" حيث تضمنت الجلسة الافتتاحية كلمة السيد الهادي مهني الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي التي وضعت الندوة في إطارها ورحب بالضيوف الاجانب كما تمنى خلالها الشفاء العاجل للسيد حامد القروي النائب الأول للتجمع. وعلى اثر القاء الوزير الأول للخطاب الافتتاحي الذي توجه به الرئيس زين العابدين بن علي الى المشاركين في الندوة، انطلقت أشغال الجلسة الأولى التي خصصت للحديث عن تحديات الديمقراطية والتنمية في عالم اليوم. وحاضر في هذا الموضوع السيد بريس هورتوفو وزير الهجرة والاندماج والهوية الوطنية والتنمية المشتركة بفرنسا والسيد لزهر بوعوني وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا والسيد فيليب دي فونتان فيف نائب رئيس البنك الأوروبي للاستثمار إضافة إلى السيد فرانسوا كسافي دي دونيا وزير الدولة ورئيس المعهد الأوروبي للبحوث حول التعاون المتوسطي والاورو عربي بلجيكيا. تطرق السيد بريس هورتوفو في محاضرته إلى ترابط مفهومي الديمقراطية والتنمية من منطلق أنه لا يمكن تصور ديمقراطية دون تنمية ولا تنمية دون ديمقراطية وأشار كذلك إلى أن تحقيق الترابط بين المفهومين لايتم بيسر في ظل التغيرات التي نعيشها اليوم ويتطلب جملة من التوازنات الدقيقة. يضيف المحاضر أن فشل بلدان الجنوب مثلا في إقامة النماء الديمقراطي والاقتصادي جعل هذه البلدان عرضة للاراء والأفكار المتطرفة في المقابل نجد أن تونس التي كانت مهدا للكثير من الحضارات وتميز شعبها بالتفتح والتسامح جعلت أن ليس من الغريب أن لا يجد التطرف مكان له فيها كذلك التجربة التونسية التي توخت منذ الاستقلال اختيارات صائبة في دعم مجالات مثل التمدرس والتعليم وحرية المرأة ووضع قانون الأحوال الشخصية واختيار مسالك ناجعة في مجال التنمية ودعم الدولة للطبقة الوسطى ووجود اتحاد نقابي قوي.. والرهان على الانسان كخيار ذي أولوية على غرار ما يشير إليه الرئيس بن علي كلها عوامل جعلت تونس تثير الكثير من الحسد لدى بلدان أخرى. التنمية المشتركة عرج وزير الهجرة الفرنسي كذلك في حديثه عن موضوع التنمية على موضوع التنمية المشتركة والشراكة المتوسطية في هذا المجال وكيفية جعل المتوسط عامل وحدة مشتركة بين الشمال والجنوب مشيرا إلى نظرية الرئيس الفرنسي ساركوزي بأن تكون الوحدة المتوسطية وحدة عملية براغماتية. وأضاف المحاضر أن التنمية المشتركة نموذج للتعاون ورفع التحديات التنموية التي تواجه افريقيا لأن نماء افريقيا هو التحدي الأكبر الذي نواجهه في هذا القرن. وفي حديثه عن موضوع الهجرة اشار السيد هورتوفو إلى ان فرنسا تحاول أن تكون نموذجا لسياسة حكيمة في مجال الهجرة من خلال تحديد سياسة مشتركة مع البلدان الافريقية للحد من انعكاسات الهجرة (افريقيا تساهم ب 65 بالمائة من تدفق المهاجرين إلى فرنسا) مع اقتراح اقامة اتفاقيات تنظم عملية الهجرة والسعي إلى تشجيع المهاجرين على المشاركة في التنمية في بلدانهم الاصلية من خلال الاستثمار والمساهمة في التنمية الاقتصادية والسياسية لأن 80 بالمائة من تحويلات الأموال تخصص للاستهلاك الجاري والهدف المرسوم تحويلها إلى مجال التنمية... تحديات الديمقراطية والتنمية في محاضرته ركز السيد لزهر بوعوني على رصد التحديات التي تواجه الديمقراطية والتنمية مشيرا في هذا السياق إلى أنها تنقسم إلى تحديات داخلية وأخرى خارجية. الداخلية تتمثل في اختلال التوازنات الاجتماعية وتفشي ظاهرة التهميش والاقصاء لبعض الفئات التي تعيش على هامش عملية التنمية مما يؤدي إلى استفحال الفقر والجهل والبطالة والتأسيس بذلك إلى تربة خصبة للفكر المتطرف بمختلف تجلياته. من التحديات الداخلية الأخرى نجد غياب التجانس الاجتماعي وتكريس العصبيات البدائية القديمة والولاءات التقليدية التي تؤدي حتما إلى التصدع الداخلي للجبهة الوطنية وقيام النزاعات والحروب. أما التحديات الخارجية التي تواجه المسار الديمقراطي والتنموي فتتمثل في الاملاءات والاسقاطات الناتجة عن تسليط الضغوطات الخارجية خاصة تلك المتأتية من الضغوط أحادية الجانب ومن مجموعات فاعلة من الدول، إلى جانب التدخل عسكريا لتغيير الأنظمة السياسية القائمة بدعوى إزاحة الدكتاتوريات وإرساء الديمقراطية والحرية. وتحدث المحاضر أيضا عن مجالات التحديات التي تواجه تحقيق الديمقراطية والتنمية وفي مقدمتها التناقضات التي تقوم عليها العولمة وعدم التوازن بين الخطاب الداعي إلى دمقرطة المجتمعات النامية الموظف سياسيا والفعل الغائب في ما يتعلق بالمساعدة على التنمية وعدم الاكتراث بمصير شعوب بأسرها تعاني من الفاقة والخصاصة والتهميش وعدم الاقرار بضرورة التنمية المتضامنة. من جهته تحدث نائب رئيس البنك الاوروبي للتنمية على ضرورة دفع ديناميكية التشارك بين الشمال والجنوب لتحقيق المزيد من التنمية في بلدان الجنوب لأن المساهمة في تقليص الفقر وتوفير دخل للفرد هو وسيلة للمساهمة في الحفاظ على حقوق الانسان وهنا تتداخل الديمقراطية والتنمية. وأشار السيد دي فونتان فيف إلى أن بلدان الجنوب التي تتراوح نسبة النمو فيها بين 4 و5 بالمائة يجب أن ترتفع إلى مافوق 7 بالمائة لتكون قادرة على التقليص من نسب البطالة. الأنظمة الديمقراطية أشار السيد دي دونيا وزير الدولة البلجيكي في حديثه عن أوجه الترابط بين الديمقراطية والتنمية إلى أن النظام الديمقراطي الذي يقوم على انتخابات حرة وعادلة يمكن من تأمين العدالة الاجتماعية وأن البرلمانات المنتخبة بحرية تؤمن العدالة في عملية التنمية وأن الحكومة الرشيدة شرط من شروط التنمية المستديمة ولا يمكن لأية ديمقراطية أن تنمو في ظل وضع اقتصادي سيء.