يتطلع العالم إلى ما اعتبره «البيت الزجاجي» لشدة شفافيته و التزامه بقواعد النزاهة والعدالة...وهو ما تجسده وفرة شعاراته الداعية إلى النظافة ولا شيء غيرها الى حد تم معه إحداث «لجنة القيم» إلا انه في هذا اليوم بالذات وهو يوم تزينت فيه «الفيفا»لاختيار البلدين المستضيفين لكاس العالم 2018 و2022 تحاصر الفضائح الاتحاد الدولي لكرة القدم بكل الألوان بفعل تهم الرشوة و تلاحق الفضائح وهو ما جعل البعض يطالبها بإعلان «الحداد» على ما طالها من فضائح ما انفكت تتعقد بحكم تفجير فضيحة الفساد. إلا أن الأكثر خجلا من هذه الشبهات هي الكرة الإفريقية حيث تم الكشف عن تورط كل من النيجيري آموس آدامو والتونسي سليم علولو وأخيرا الكامروني عيسى حياتو...وكل هؤلاء تم الحديث عن ضلوعهم في التآمر ضد بعض الملفات المطروحة على التصويت... لكن من أين أتت الرشوة؟ بعضها أتى من شركة آي إس إل التي كانت تتخذ من سويسرا مقرا لها وكانت شريكا للفيفا وذلك قبل إعلان إفلاسها في 2001... وهو ما يعني انه للفيفا شراكة في الارتشاء و ان هذه الفضيحة لم تكن سوى أحدث الحلقات فى سلسلة الفضائح التى أحاطت بالفيفا، وورد اسم بلاتر نفسه فى عدد منها... والتهمة لطخت صورة الكرة الإفريقية (ان كانت لها صورة بيضاء) حيث تفيد «صنداي تايمز» البريطانية ان النيجيري اموس ادامو، احد اعضاء المكتب التنفيذي للفيفا، طلب مبلغ 800 الف دولار (570 الف أورو) للتصويت لاحد البلدان المرشحة، كما لاحقت التهمة رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الكامروني عيسى حياتو حيث تسلم 100 الف فرنك عام 1995 وهو ما شوه صورة الكرة الإفريقية أكثر من أي وقت مضى...حتى في ظل تفنيد الفيفا للامر التي اكدت ان السلطات السويسرية حققت في الأمر واقفلت الموضوع نهائيا قبل سنوات و«القضية اغلقت تماما».ولو ان اثنين من مسؤولى كرة القدم فى عام 2002 قريبين من بلاتر عرضا مبالغ مالية من أجل حصد بعض الأصوات خلال الانتخابات التى جرت عام 1998 على رئاسة الفيفا والتى فاز فيها بلاتر ليخلف البرازيلى جواو هافيلانج فى هذا المنصب. وكان من بين هؤلاء محيى الدين حسن علي النائب السابق لرئيس الاتحاد الصومالى لكرة القدم الذى اعترف بحصوله على مبالغ مالية من بلاتر... كما قال علي فى ذلك الوقت «حصلنا على المال نيابة عن الاتحاد الصومالى من أجل التصويت لصالح جوزاف بلاتر فى الانتخابات على رئاسة الفيفا التى جرت بالعاصمة الفرنسية باريس». وطفت على السطح ادعاءات مماثلة فى انتخابات الفيفا عام 2002 التى واجه فيها بلاتر منافسه الكامرونى عيسى حياتو ونجح بلاتر فى الفوز برئاسة الفيفا للمرة الثانية على التوالى. كما لابد من التذكير بفضيحة تذاكر المونديال التي تضمنها تقرير صادر من شركة «إيرنست ويانج» لمراجعة الحسابات أن وارنر تربح بشكل شخصي من بيع تذاكر كأس العالم. وفى وقت سابق من العام الحالى، ذكرت هيئة ممثلى الادعاء فى مدينة زوريخ السويسرية أن العديد من أعضاء الفيفا تلقوا مساعدات من مجموعة «آى إس إل/ آى إس إم إم» للتسويق ولم يسلموها إلى الفيفا. وكل ما يجرى الآن في أروقة الفيفا.. لم يعد يعنى إلا الحظ السيء لرئيسي الفيفا جوزاف بلاتر و رئيس «الكاف» عيسى حياتو فالفضيحة مؤكدة ومكتملة الأركان.. و الدليل أن جوزاف بلاتر لم يقدر على تجاهل الأمر أكثر من نصف نهار قبل أن يأمر بالتحقيق ولو تجاهل الأمر لكان أفضل وسيلة لغلق هذا الملف...لأنه سيكون أول رئيس يخسر بسبب انفجار فضيحة الرشوة داخل الفيفا وهو ما يعتبر إهانة للهيكل الذي يديره. والخاسرون كثر من هذه الفضيحة وأكثرهم خسارة بلا شك هو عيسى حياتو.. فالرجل فوجئ بالفيفا ولجنته الخاصة بالانضباط والأخلاق.. توقف أربعة من قادة الكرة فى أفريقيا.. رئيس الاتحاد النيجيرى.. ورئيس الاتحاد المالى.. واثنين من أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا ممثلين لأفريقيا.. التونسى سليم علولو والبوتسوانى إسماعيل بامجى.. ولم يقتصر الأمر على ذلك.. وإنما تأتى تلك الفضيحة وهذا القرار العقابي من أعلى سلطة أخلاقية فى الفيفا بعد انفجار أزمة تقييم التحكيم فى أفريقيا واتحادها الكروي برئاسة حياتو عقب فضيحة الحكم الغاني لامبيتي الذي أساء إدارة مباراة الأهلي المصري والترجي التونسي فى رادس... والفضائح تدونها السجلات مهما سعى حياتو إلى التنصل منها إلى أن لعب فيه «دور شاهد ما شافش حاجة» ورغم ما تضمنته الملفات المفتوحة من تهم للكرة الإفريقية.. فإن رئيس «الكاف» لاح وكأنه لا يعنيه التحقيق أو الكشف عن أى خطأ أو فساد.. بل ولم يهتز حياتو ولم يضطرب حتى في حضور تهم من الفيفا ضد أربعة من قادة الكرة فى أفريقيا وكأن الأمر لا يعنيه.. وكأنها ليست لحظة مناسبة فى رأي حياتو لمعاودة النظر فى كل أنظمة الكاف وسبل إدارته وملفات مشكلاته وخطاياه...والحال ان الانذار جاءه من الفيفا حين وضعت رئيس لجنة الحكام الأفريقية في دائرة الشبهات.. من خلال منعه من ممارسة أي صلاحيات له كأحد أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا... كما ان عيسى حياتو لم يتحرك لما تم ضبط البوتسواني إسماعيل باهمجي، مورطا في المتاجرة في السوق السوداء بتذاكر مباريات كأس العالم 2006 وعاقبه بلاتر بطرده من التراب الألماني. وإذا قال بلاتر ذات مرة ان سنة 2010 هي سنة الكرة الإفريقية بامتياز فان التميز لم يكن من فراغ او جاء هدية لان المال كان وراء ذلك وكلنا يعرف ما بذلته دولة جنوب إفريقيا من جهد وما دفعته من مال لاستضافة وإنجاح كأس العالم. لكن إذا تخلل سنة 2010 هذا الحدث فإنها ستودع باكبر صفحات الخجل للكرة الإفريقية بفعل وقع الصدمة التي إن لطخت سمعة الكرة الإفريقية وهو الظاهر فان الباطن ابعد من ذلك لان المتهمين فيها هم في الحقيقة وقود حرب خفية موجهة ضد الرئيس بلاتر الذي لم ينقطع بشأنه اللغط منذ خلافته للبرازيلي جوا هافلانج عام 1998. ولم يعد سرا أن الإنقليز لم يهضموا أبدا خسارتهم لرئاسة الإتحاد الدولي بخروج ستانلي روس عام 1974، مع العلم أن الإنقليز والفرنسيين هم وحدهم الذين تداولوا على حكم «الفيفا» لمدة سبعين سنة...ويعزّ على الجميع أن يكونوا بعيدين عن «الأممالمتحدة لكرة القدم» واكبر إمبراطورية في التاريخ حيث صارت كرة القدم لغة تواصل وإحدى أهم الآليات التي تبرز تقدم الأوطان.