تعدّدت البرامج الرياضية على القنوات التلفزية المحلية وتنوعت فقراتها بتنوّع ضيوفها ومؤثثيها وأصبح لهذه البرامج نوع من الجرأة المحبذة في طرح الملفات والقضايا ومعالجة عديد المسائل إلا أن البعض يعتبرها برامج «إثارة» لا «إنارة» وآخرون يرون في انتقادهم تصفية لحسابات... تعدّدت الآراء واختلفت الأسباب لكن ما رأي أهل الذكر؟ "الأسبوعي" اتصلت ببعض مقدّمي هذه البرامج، وتساءلت إن كانت هذه البرامج فسحة لتصفية الحسابات أم وسيلة تبليغ وإنارة وإثراء للحوار خدمة للرياضة؟ الإجابات اختلفت نظرا لاختلاف توجهات كل برنامج وكل قناة وهذا ما جاء على لسان من تحدثنا إليهم... مهدي كتو (قناة نسمة(: المكرفون سلاح ذو حدين" يرى منشط «سبور نسمة» مهدي كتو أن المشهد الإعلامي المرئي أصبح متنوعا من خلال تواجد أربع قنوات تلفزية وكلها تعنى بالشأن الرياضي وهو ما جعل البرامج الرياضية يطغى عليها في أغلب الأحيان الحماس وردود الفعل على «البلاتو»، إن كان البعض يرى في عديد التدخلات أو الافصاح بالرأي تصفية للحساب بين ظرفين أو أكثر فإن الاحصائيات تؤكد عكس ذلك بل إن المشاهد هو الرابح الأكبر لكن لا بد من الالتزام بالروح الرياضية لكي لا يقع ضيوف البرنامج أو المتدخلين في فخ «المصلحة الشخصية» أو الأغراض الخاصة حيث يقول «صحيح وأن لغة الحوار تغيّرت ولم تعد لدينا مفردات المجاملة والثناء والمديح لكن هدف البرنامج يظل دائما خدمة الرياضة وليس خدمة الأشخاص فلا بد أن نفرّق بين الشخص الواجب احترامه والمسؤول وطريقة تسييره القابلة للنقد أو الانتقاد كل ذلك يكون حسب طريقة حضارية لأنه من واجب المنشط أن يحسن إدارة الحوار وتعديله والتدخل إن لزم الأمر حتى لا يتجاوز أي متدخل حدوده... أكيد وأن العديد من المشاهدين أصبحوا اليوم يميّزون بين الإنارة والإثارة فعندما يشير أحمد المغيربي للنقائص والهفوات في عمل أي مسؤول أو أي مدرب إنما أراد بذلك الإنارة ولفت الانتباه وحين يكون عمل المسؤول أو القرار محمودا فإن نفس المحلّل سيكون في الموعد لشكره ومدحه إن لزم الأمر وهذا ما حدث مع المدرب محمود الورتاني في وقت ما. لذا لا بد أن نميّز بين علي الحفصي كشخص نحترمه كثيرا وعلي الحفصي كرئيس جامعة من خلال مهامه بإمكانه أن يخطئ لأنه بشر مثلنا ولا يمكن له أن يتهم من أشار لأخطائه بتصفية الحساب معه... الميكروفون سلاح ذو حين لا بد أن نحسن استعماله لنحقّق به الأهداف السامية كإعلاميين». المنذر الجبنياني (قناة حنبعل(:بين الإثارة والإنارة «أرى أن البرامج الحوارية الرياضية لم تعد موضة باعتبارها ظاهرة عالمية نتابعها طوال الأسبوع على عديد القنوات ويحتد النقاش مرات ومرات لكن مع نهاية هذه البرامج يعود الهدوء وتسود الروح الرياضية العلاقة بين المتدخلين أما البرامج الرياضية اليوم بتونس فلا أحد ينكر عليها الإثارة التي أصبحت تعتمد في بعض الأحيان وهذا مردّه الفراغ في الإعداد حتى يضمن معدّ هذه البرامج أكبر نسبة مشاهدة ولئن نجحت هذه الطريقة في بعض الأحيان وتسبّبت في تجاوزات وثلب وتصفية الحسابات فإن ذلك قد تسبّب أيضا في هجر المتابع لهذه البرامج لذا لا بد من الموازنة وحسن إدارة الحوار في ظل المواجهات بين الأطراف المختلفة لأن المواجهات مطلوبة للارتقاء بالحوار خدمة للرياضة لكن علينا الابتعاد عن المواجهات الجوفاء والتفاهات فقد أثبتت التجارب السابقة وأن المعادلة بين الرأي والرأي المخالف جد صعبة لكن نتائجها تكون عادة ايجابية نظرا لردود الفعل التي تتبعها". وعن أسباب إفصاح العديد من المتدخلين بآراء تمسّ من سمعة الطرف الآخر وإظهار أغراض شخصية بعيدة عن الموضوع الذي وقع التطرّق إليه أجاب محدثنا قائلا: «إن الخروج عن الموضوع وارد جدا وذلك لعدة أسباب إما لضعف الحجّة أو الشعور بالإحباط والتأثر بوجود الكاميرا التي ستنقل ما حدث لملايين المشاهدين... لذا فإن دورنا في مثل هذه الحالات الاعتذار وإيقاف النزيف لعودة المياه لمجاريها وما يحزّ في نفسي بعد تجربتي المتواضعة في الميدان الإعلامي هو أن العديد من المتدخلين يتصرّفون دون ضوابط لعل أبرزها آداب الحوار ومن ضمنه آداب الاستماع لذا فقد كان لزاما علينا عند إعداد فقرات البرنامج أن نحسن اختيار ضيوفنا رغم أن الاختيار أصبح اليوم ضيقا والتعويل كذلك على فريق قار لأن الحصص الحوارية لا يمكن لها أن تعرف النجاح وبلوغ الأهداف المرسومة لها بعد أسبوع كامل من العمل والبحث إلا باللغة الصادقة وتفادي اللغة الخشبية والتفريق بين الإثارة والإنارة وكذلك الصراحة والوقاحة لأن لعبة الحوار تتطلب منا الكثير من الموضوعية وآداب الحديث". سهام العيادي (قناة21(:فذلكة و"تنكيت" المنشطة سهام العيادي لها رأي آخر في خصوص تحقيقنا إذ أشارت في بداية حديثها إلى أسفها لما أصبح يتابعه المشاهد على شاشاتنا قائلة: «لقد ابتعدنا اليوم عن المصداقية والنزاهة في طرح عديد المواضيع الحساسة التي تخص الشأن الرياضي وأصبح القاسم المشترك للعديد من البرامج الإثارة وتأجيج الصراعات بين الأشخاص لتجد شخصيات رياضية رموز للفذلكة و«التنكيت». لقد آن الأوان لإيقاف هذه المهازل ومراقبة ومتابعة كل هذه التجاوزات والردع إن لزم الأمر فحريّة التعبير لا يمكن أن تستغل لأغراض شخصية وهتك أعراض الناس بدعوى خدمة مصالح الرياضة التونسية. صحيح أن المشهد الإعلامي التونسي أصبح مواكبا لما تشهده عديد القنوات العالمية من تطوّر على نطاق الصورة والفضاء والحضور وكذلك الخطاب الجديد لكن لا بد أن يكون ذلك مقترنا بوجود أسماء لها من الامكانيات الشيء الكثير في الميدان الصحفي وتقنياته لا أن يتواصل زحف كل من هبّ ودب على قطاع لا يعرف منه سوى متابعة النشاط الرياضي. فهل يعقل أن يتدخل المحامي والمحب وعالم الاجتماع في حياة المسؤول الشخصية ويدلون بدلوهم في برنامج رياضي. المطلوب اليوم تأطير كل القطاع وأعني به قطاع الإعلام الرياضي المرئي ووضع ضوابط حتى لا يصبح أفضل متدخل من يسبّ ويشتم أكثر لقد ملّ المشاهد هذه التصرفات رغم ما يسبقها من هالة وإثارة إذ أصبحنا اليوم نستمع لأنواع عديدة من النعوت وكذلك الشتم وإن كان في ظاهره نقدا أو دفاعا عن مصلحة الرياضة لكن الحقيقة تظل واحدة وهي تصفية حسابات وأنا أعلم جيّدا الأسباب الحقيقية لكل ما تابعناه من حوارات وتدخلات فالبعض يختبئ وراء المكرفون والبعض الآخر يختبئ وراء جهاز الهاتف أما المنشط فهو على علم بما ستؤول إليه الأمور في النهاية وهذا هو المخجل». معز بن غربية (قناة تونس)7:سوء استغلال المساحة الزمنية أشار محدثنا في بداية حديثه إلى التطور الحاصل في المشهد الإعلامي بتونس ومدى إقباله على متابعة البرامج الرياضية الحوارية وهذا ما جعل كل المهتمين بالشأن الإعلامي يعدّلون ساعاتهم على ماهو معمول به بعدة برامج عالمية إذ يقول: «هذا لا يمنع من الحديث اليوم عن النتائج السلبية لحرية إبداء الرأي وتجاوز الحدود المسموح بها فظاهرة تصفية الحسابات بالفضاءات التلفزية هي ظاهرة غير صحية. وهي نتاج حسابات ضيقة لأشخاص يسيئون استغلال المساحات الزمنية والميكروفون وفي نفس الوقت لا يحترمون الطرف المقابل وذلك بالاعتداء عليه ولو كان ذلك بالإشارة ومن خلال تصرّفه هذا يظهر عدم احترامه للمشاهد والمتابع وإن يكون في عديد الأحيان سببا مباشرا في التأثير السلبي على الرأي العام باعتبار المكانة المرموقة التي تحتلها التلفزة في حياة التونسي... ومن خلال تجربتي في ميدان التنشيط أؤكد لكل المهتمين بالشأن الرياضي وأن المواقف الشخصية لا يمكن أن تساهم في اثبات قدرة البرنامج والمنشط على الاقناع ما دام فاقدا للمؤيدات والاثباتات حتى لايقع اتهامه بتصفية الحسابات مع طرف آخر ومع ذلك ف«البلاتو» يظل دوما الفضاء المناسب لابداء الرأي في أي ظاهرة رغم ما تسببه من ردّة فعل المهم وأن الموضوع الذي يقع التطرق إليه يكون مثيرا للجدل والاختلاف ولو أن البعض يشتمّ في مواقف عدة ضيوف أو محللين رائحة «تصفية الحسابات» إلا أن إعدادنا الجيد للحصة يجعلنا ندير الحوار ونوجهه في مصحلة الرياضة التونسية لأننا كفريق متكاتمل نعلم جيدا ما يدور على الساحة الرياضية كما أننا نمنح الطرف الثاني بحق التدخل مباشرة للرد أو التوضيح. ما يمكن التأكيد عليه اليوم وأن الافصاح بالرأي وإثبات الحقيقة من العوامل الرئيسية لانجاح البرامج الحوارية رغم ما تفعله من ردود أفعال المهم الابتعاد عن الإثارة». من جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أننا حاولنا الاتصال بمقدم برنامج الأحد الرياضي رازي القنزوعي لكن لم يتسنّ لنا الحصول على رأيه... غرسل بن عبد العفو