اللقطات كانت حرجة لأننا أردنا أن نعرض ونكشف دون أن نحكي أو نفسر هكذا كان رد فعل مخمور معي بعد مشاهدته الشريط انطلق في الاسبوع الفارط عرض الشريط الطويل الثاني لجيلاني السعدي «عرس الذيب» بعد أن قدم في أيام قرطاج السينمائية للمرة الاولى فبعد «خرمة» الذي لم يعمر طويلا في القاعات يأتي الجيلاني بخطاب سينمائي جريء يركز على واقع الاغتصاب من خلال شخصية مركزية وهي سلوى التي تجسدها الممثلة الشابة أنيسة داود ولمزيد التعرف على هذه الفنانة وعلى دورها التقيناها وكان لنا معها هذا الحوار: * إذا أردنا أن نقترب أكثر من أنيسة داود ليتعرف عليها الجمهور ماذا تقولين؟ - لقد انطلقت منذ الصغر في فضاء رحب هو مسرح الهواية وبالتحديد من المسرح المدرسي ثم كانت أول علاقة مع الحرفية عبر شريط للطيب الجلولي، وبعد فترة وجدت أن الاطار الذي أعيش فيه أي أتحرك في صلبه فنيا سيبعدني عن عشقي الاول وبحثت عن الحل وكان ذلك في المعاهد المسرحية المختصة في باريس وهنا تلقيت تكوينا مسرحيا. * لكن في كل ذلك لاحظت إرادة قوية منك للوصول الى هذا الهدف؟ - أجل لقد ثابرت كثيرا وكنت مهوسة بالفن الرابع لذلك سعيت دوما أن أكون المبادرة ولا أنتظر أن تأتيني الحلول هكذا لهذا أستطيع أن أقول إنني عصامية فهمت أن قدري هو المسرح فتوجهت صوبه وجهة حرة. * والسينما هل سلكت فيها نفس التمشي؟ - الفن السابع كان منذ المنطلق في دماغي ولم أخطط أبدا لذلك وكانت أولى التجارب مع الياس بكار في عمل «هي وهو» مع محمد علي بن جمعة وكانت ظروف الانجاز صعبة جدا ولكننا تمكنا من النجاح ثم كان اسهامي في باب العرش. * كيف تنظر أنيسة الى هذه المرحلة؟ - أعتبر نفسي محظوظة جدا ولقد أحاطتني الدنيا بلفيف من الناس «الحلوين» ساعدوني كثيرا مثل محمد قلاتي في فرنسا وهو مسرحي، اضافة الى الياس بكار ومحمد علي بن جمعة والتجربة معه أفادتني جدا وأعتبره موجهي وأخي الأكبر وقد عرف كيف يفيدني بنصائحه. * بمن تأثرت أنيسة؟ - من منّا لم تعلق بذاكرته مجموعة المسرح الجديد انها تجربة قيّمة خطابها متطور ومنهجها علمي عشقت جليلة بكار والفاضل الجعايبي وطبعتني مسيرة رجاء بن عمار، وكذلك فاطمة بن سعيدان وقد شاركت معها في احد التربصات وتعلمت منها الكثير. * هل تعتبرين أن التجربة التمثيلية تتشكل بعيدا عن فنون أخرى؟ - لا طبعا وهذا تعلمته من كوريغراف من جزر القمور أعطاني أدوات الرقص وتقنياته وهذا الشكل غذى عقلي وهذا الشخص هو «كاري كمال كاري». * في لغتك الكثير من الانفتاح الثقافي؟ - صحيح لقد تأثرت بالسينما الايطالية وخاصة «سراق الدراجات» كما اهتممت بالكوميديا الغنائية الامريكية، وبعد كل هذا كنت مولعة بمشاهدة الافلام الكبرى اضافة الى ذلك فأنا مغرمة بأدب أمريكا الجنوبية. * وعلاقتك الآن بعرس الذيب لجيلاني السعدي؟ - لقد قام الجيلاني بكاستينغ في تونس وآخر في فرنسا فشاركت فيه ونجحت بالمصادفة، لقد تحدثت كثيرا مع المخرج عن الشخصية وأعطاني السيناريو وحين قرأته قررت أن أقوم بهذا الدور. * ألم تشعر بالخوف؟ - لا أبدا، لماذا انها مظاهر واقعية نعيشها وتصادفها أمامنا يوميا فلماذا لا نجسدها ونضع من خلالها النقاط على الحروف لقد اشتغلت في البداية على الدور بمفردي ثم بعد ذلك مع محمد قريع عبر الصورة ولاحظنا تناسبا بين سلوى وصطوفة. ولقد مرت بذهني صور عديدة حين بدأت أتعامل مع النص ، صور لأفلام ايطالية ولأبطال على غرار جولياتا ماستيا. لقد وجدت أن الجيلاني السعدي يكتب بطريقة تقنية وفنية جميلة جدا فتمتعت بالقصة وكأنها صورة أدبية. * أنت متحدية؟ - يقولون لي لذلك وأعتبر أن هذا الامر ايجابي جدا لقد حسمت أمري وقررت أن أمثل هذا الدور وكان عمري آنذاك 23 سنة. * لقد حصل انطباع لدى بعض النقاد الذين شاهدوا عرس الذيب أنه عمل مباشر يصدم في بعض لقطاته؟ - هذا أمر ايجابي لأن العالم عنيف جدا، المجتمع يختزل هذه الصور الصادقة والمخرج دوره أن يعكس صورة المجتمع، مجتمع لا يشاهد ذاته مجتمع مريض ولا يريد الشفاء. * ما هي العلاقة بين سلوى وأنيسة؟ سلوى بعيدة كل البعد عني ولكنني تقمصتها بحب وبتأن لذلك تشابهت معها أمام الكاميرا. هذا العمل رهان أردت أن أكسبه. * كيف تمكنت من تجسيد دور بائعة الهوى أو المومس؟ - لقد تعرفت على مومسات من خلال حوار معهن ودخلت مع الجيلاني الى أماكن عملهن ووجدت مومسات صغيرات السن رأيت حركتهن ومواقفهن معي لقد شاهدت مواقف «توجع القلب». لقد رفضت أن أقدم صورة كاريكاتورية بل صورة حقيقية لأتمكن من خلق شيء جديد. * رأينا لقطات في عرس الذيب صريحة وحرجة لماذا؟ - لأن التقنيات الخاصة بالعمل تفرض ذلك، هذه اللقطات كانت بهذه الطريقة لأننا أردنا أن نعرض أن نكشف كل شيء دون أن نحكي أو نفسر.. هو شريط عضوي بالأساس، لحظة الاغتصاب أردنا أن نبرز من خلالها أن سلوى كانت جثة وهذا لا يحتاج الى تفسير ثم غناء سلوى «لتيتاتيتا» فيه الكثير من المعاني. دعني أقول أن عرس الذيب فيه خوف، صدمة، حزن واحباط. * لكن نلاحظ أن كل الحكاية ارتكزت على الجسد دون غيره؟ - الجسد هو مركز العمل وهناك حكمة في ذلك، فحركات كل الشخصيات مبنية على هذا المقوم، نحن عالجنا اشكال الاغتصاب وعلاقة ذلك بالابطال وهذا خيار العمل. * لكن التونسي المحافظ يرفض ذلك؟ - لماذا لا نحكي عن جراحنا الداخلية، لماذا نخاف، لماذا نرفض المواجهة هناك مشكل هوية عند التونسي يجب أن نحسمه. كل ما في الشريط تونسي يحكي عن المجتمع. * ولكن حتى عربيا رفضت بعض الدول عرض عرس الذيب؟ - ولكنها تأسفت وندمت بعد ذلك على عدم برمجته * لو تحلل أنيسة شخصية سلوى؟ - سلوى جسد وقع استعماله، تخفي طفولتها وراء القسوة والشراسة تعيش واقع المومس في قسوة ونراها تعيش حالة مزرية، المومس تعاني وليس لها أن تفكر في المستقبل لحظة الاغتصاب كانت حرجة جدا وقد أرجعتني الى نفسي كأمرأة ولكنني كنت مقتنعة أني أقوم بلعب سينمائي وأفرق بين الواقع والدور. * ألم يحرجك هذا الموقف؟ - لو لم أكن مقتنعة بالدور وبقيمة حرفية الجيلاني وكل الفريق التقني لما استطعت أن أقوم بالدور. * هل تقبل أنيسة القيام بأدوار فيها اغراء؟ - طبعا لا حضور الجسد يتوقف حين لا يوظف ، الجسد للعرض فحسب لا أتعامل معه أنا أرى الجسد فكرة والفكرة تنمو وتتطور * بعض من حضر عروض عرس الذيب غادر القاعة قبل نهاية الشريط ما هو تعليقك على ذلك؟ - الجمهور حرّ ، الفيلم وجع أحسه بعضهم ولم يحتملوا. أذكر لك حادثة وقعت خلال أيام قرطاج السينمائية أحد السكارى دخل لمتابعة العمل ولما خرج رأيته يتجه صوبي جاريا فخفت ولكن حين اقترب مني قبلني وقال بعد الاغتصاب ومشهد الاغتسال «حشمت على روحي» ولكني واجهت الموقف وتفاعلت معه لأنه حقيقتنا.. أرى أننا نحتاج الى ثقافة سينمائية والى ثقافة تحليلية. * ألا تطمحين الى أدوار تلفزية تعرف بك أكثر؟ - لم تعرض علي التلفزة أعمالا أعجبتني. وأنا لا أفكر في انتشار اعتباطي.. أنا أخاف من شهرة التلفزة لأنها تعطي أحيانا صورة مفزعة. * هل تفكرين في الهجرة والاستقرار فنيا خارج تونس لضمان فرص عمل أكبر؟ - لا أبدا، أمي ايطالية فرنسية وأبي تونسي وأنا معتزة بثقافاتي المتنوعة. * مشاريعك؟ - عرض علي عمل مسرحي في بوركينافاسو وأنا الآن بصدد التصوير مع الفاضل الجزيري في ثلاثون. * ماذا تقولين للجمهور؟ - ما نعرفش ، آه شاهدوا عرس الذيب وساندوا فتح قاعة أفريكا فهي مكسب هام وجب المحافظة عليه وتدعيمه.