على ضوء الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلادنا على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي أصدرت جمعية الاقتصاديين التونسيين مؤخرا بيانا عبر فيه أعضاؤها عن مساندتهم لمطالب الجماهير الداعية إلى الإسراع بإرساء نظام ديمقراطي تسهر عليه قوى مستقلة قوية و نزيهة وحكومة بعيدة عن رواسب الماضي.كما أكدوا على ضرورة الحفاظ على الممتلكات العمومية والخاصة داعين إلى تافر جهود جميع الأطراف المكونة للمجتمع المدني من اجل بناء أسس اقتصاد جديد قوامه و شعاره الإنتاج و الإنتاجية و التوزيع العادل لخيرات بلادنا على مختلف الجهات.ولمعرفة رؤية أهل الاختصاص للوضعية الحالية لاقتصادنا الوطني قبيل و بعد الثورة,التقت «الأسبوعي»الكاتب العام للجمعية (جمعية الاقتصاديين التونسيين) السيد رضا قويعة وطرحت عليه تساؤلات ترددت كثيرا في الشارع التونسي تعنى بوضعية اقتصادنا الوطني فكان هذا الحديث: قبيل اندلاع الثورة و بعد بلوغها ذروتها و الى حد اليوم,كيف تقيّم وضع الاقتصاد التونسي ؟ لقد اثبت تاريخ الثورات انه بعد كل ثورة او انتفاضة شعب لا بد من وجود وقفة هدفها اعادة هيكلة الاقتصاد لان الخسائر في مثل هذه الاحداث (الثورات) ضرورية لقلب الاوضاع و اعادتها بالضرورة الى مسارها الصحيح.بالعمل الجدي ورفع الانتاجية يمكن استرجاع ما اتلف و كسر اثناء المظاهرات في اغلب مؤسساتنا الاقتصادية. لقد أجمع كل العارفين بالمجال الاقتصادي ببلادنا ان تضرر هياكل الاقتصاد التونسي كانت بسبب ادارة الشؤون في نظام الرئيس المخلوع لذلك لابد من الصبر و العمل و الوقت ليتسنى إعادة الحياة الاقتصادية في تونس الى مسارها الطبيعي خاصة و ان اهم ما يميز اقتصادنا هو تكامله من حيث القطاعات كما لا يمكن نسيان العنصر البشري الذي يعد رأس مال بلادنا. ما مدى تأثر اقتصادنا بقيمة ما سرق من اموال من قبل الرئيس المخلوع و عائلته و اصهاره؟ بالطبع كل ما سرق من اموال سيكون له تاثير على اقتصادنا خاصة اذا كانت له قيمة هامة لكن استرجاعها سيكون له دور كبير في تحريك عجلة الاقتصاد. اعتقد ان نوعية الخسائر التي وقعت في بلادنا في الفترة الاخيرة لا يمكن تقديرها مقابل تغيير نظام سيعود خلع رئيسه بالفائدة على القوى الحية في تونس وهو ما سيكون له انعكاسات ايجابية على اقتصادنا في قادم الايام. ما مدى تأثير الإضرابات و المظاهرات على صيرورة و عطاء اقتصادنا الوطني؟ تعطلت الحركة الاقتصادية خلال هذه المظاهرات و الإضرابات العامة بسسب غلق المصانع والمؤسسات الاقتصادية لكن وبعد نزيف المال المهدور ان صح التعبير من خلال التكسير و التهشيم والاضرابات العامة بدأت بلادنا تسترجع عافيتها و أظن انه خلال اسبوع او اثنين ستعود الحركية الاقتصادية الى سالف عهدها او اكثر. ماهي الحلول للنهوض باقتصادنا الوطني ؟ في البداية لابد من تنقية مناخ الاستثمار على جميع المستويات (الاجتماعية والادارية والاقتصادية),لارجاع ثقة الشعب في العديد من المؤسسات على غرار صندوق 26-26 ,إعادة هيكلة الادارة و دمقرطتها عبر اشعار الاداري بانه في خدمة المواطن. اما من الناحية الاقتصادية فانه من الضروري الاعتناء بالقطاع الفلاحي الذي يساهم بنسبة تترواح بين 10و20 بالمائة من الناتج المحلي الخام ليس ماديا بل التفكير في انشطة فلاحية ذات قيمة اضافية تتنوع وتختلف من جهة لاخرى بربوع بلادنا. علينا بالاعتناء بالقطاع السياحي.كما لا يمكن نسيان الاستثمار الداخلي والخارجي. عموما على الادارة القادمة ان تكون عادلة وحكيمة حتى تضرب بقوة كل ماهو تفاوت بين الجهات عبر بعث المشاريع. كيف يمكن النهوض بالمناطق الداخلية التي مثلت انطلاقة هذه الثورة ؟ تعج العديد من مناطقنا الداخلية بالخيرات و كثافة اليد العاملة لكن تهميشها من النظام القديم جعلها تشكو صعوبات جمة على مستوى التشغيل وقلة انتصاب المؤسسات الاقتصادية بها. على الحكومة الانتقالية التفكير في تكوين جمعيات اقتصادية جهوية و تكثيفها قصد خدمة مواطني الجهة .كما لا بد من خلق لجان تفكير للبحث عن الاليات لحل كل المشاكل الاقتصادية,وللاشارة فقد كنا دعونا من خلال البيان الذي اصدرناه مؤخرا كل الاقتصاديين التونسيين للمساهمة في التفكير في امكانية الخروج من هذه المرحلة الانتقالية وفي ضبط الاختيارات الاقتصادية الوطنية و الجهوية الكفيلة بالنهوض باقتصاد بلادنا. كما دعونا كل المنتجين و التجار و غيرهم من القوى العاملة بالبلاد الى مضاعفة الجهود و العمل للرفع من نسق نمو الانتاج الداخلي لتوفير فرص العمل الجديدة و الرفع من الدخل للاسر التونسية. تحدث الرئيس المخلوع قبيل هروبه عن توفير 300 الف موطن شغل خلال سنتين. كيف تقرأ هذا الراي كعارف بالمجال الاقتصادي في بلادنا ؟ ما عرف عن الرئيس المخلوع ان يعد و لا يفي بالوعد وهو ما لمسناه طيلة فترة حكمه,لذلك فان حديثه عن تشغيل 300 عاطل عن العمل خلال سنتين هو احد وسائل تمويهه لانه من المستحيل خلق هذا العدد من الوظائف في المدة المذكورة.في المقابل ولايجاد حل لطالبي العمل من حاملي الشهائد في بلادنا لابد من تضافر جهود جميع الاطراف و بوعي جماهيري يمكن لتونس ان توفر قرابة 50 او 70 الف موطن شغل .