من الهند الى بنغلاديش و من جامعة الدول العربية الى مقر الاممالمتحدة، تواترت استقالات الديبلوماسيين الليبيين من مناصبهم في حركة مزدوجة تهدف من جهة الى اعلان دعمهم وتاييدهم الى الشعب الليبي الذي لا يمكنهم الانسلاخ عنه في محنته الراهنة وتهدف من جهة ثانية الى محاولة التاثير على صناع القرار في العالم من اجل تحرك جدي يضع حدا للمجزرة المفتوحة التي يواصل مرتزقة القذافي المستجلبين من افريقيا ارتكابها في حق الابرياء . بل ولاشك ان الخطاب المطول الذي اراد العقيد الليبي بالامس من خلاله مواصلة الهروب الى الامام و محاصرة الشعب الليبي بمزيد من الاتهامات "بالهلوسة" فضلا عن التهديدات و التحذيرات من "الزحف المقدس" للملايين عبر الصحراء قد كشف حالة الهستيريا التي يتخبط فيها وهو الذي ظل يرفض النظر الى الواقع بدون تلك النظارات السوداء التي تحجب عنه استفاقة شعبه وصحوته وتجنده في تحقيق خياره من اجل مستقبل الافضل. قد لا يختلف اثنان في ان ما يحدث في ليبيا من قصف مدفعي واستهداف بالطيران الحربي لمختلف فئات الشعب الليبي خلال مظاهراته الاحتجاجية المستمرة منذ ايام من بنغازي الى طرابلس جريمة بشعة و منظمة ضد الانسانية وهي جريمة لايمكن الا لمحتل جائر او لمن اصيب باختلال في العقل الموافقة على ارتكابها ,والواقع ان افظع ما كشفته تلك المجازر حتى الان تمثل في ذلك الموقف الدولي المخجل الذي رافق هذه الجريمة المستمرة منذ بدايتها وهو بالتاكيد موقف مهين للانسانية ولحقوق المواطنة. واذا كان غياب الموقف العربي لا يعد بالامر الغريب او المفاجئ بالنسبة للشعوب العربية حيثما كانت فان الواقع ان في غياب موقف دولي واضح و قادرعلى وضع حد للجريمة يشكل صفعة اخرى للضمير الانساني و للعدالة الدولية المغيبة من اجندات صناع القرار في العالم ... في ظل تعتيم اعلامي خطير وغياب مدروس للمنظات الانسانية والحقوقية واصلت فلول العسكريين المرتزقة المستجلبين من افريقيا عملياتها الشرسة ضد المتظاهرين الليبيين العزل في محاولة لوأد انتفاضة الشعب الليبي على الظلم و الاستبداد الذي لازمه اكثر من اربعة عقود .بل و لاشك انه في غياب أي حصيلة نهائية حتى الان عن حجم الخسائر البشرية وعن قوافل المصابين و الجرحى الذين سقطوا في الساعات القليلة الماضية ما يؤكد خطورة المشهد في ليبيا الذي يظل مرجحا على كل السيناريوهات في ظل تعنت النظام الليبي واصراره على الاستهزاء والسخرية بمطالب الشعب الليبي و تطلعاته من اجل الحرية. بالامس دخلت الاحتجاجات الشعبية في ليبيا اسبوعها الثاني دون مؤشر واضح على امكانية ان تستوعب رموز السلطة في ليبيا ابعاد و دروس تحركات الشعب الليبي الذي يتوق الى تغيير واقعه و الخروج من حالة العاجزين والقاصرين التي فرضت عليه الى دائرة المسؤوية الفاعلة مهما كلفه ذلك . و في انتظار ما يمكن ان تحمله الانباء القادمة من ليبيا لا يمكننا الا ان نقول عذرا ايها الشعب الليبي... فقد وجب الاعتذار علنا ازاء حالة الصمت الدولي و العربي المتواطئ و البغيض الذي لا يمكن تبريره الا بسبب تلك الصفقات النفطية التي تستخدم لبيع الذمم و اخماد الاصوات... آسيا العتروس