آسيا العتروس العقيد الليبي غاضب من الغرب وقد بلغ به الغضب هذه المرة حد اتهامه الدول الغربية بالقرصنة بعد قرار تجميد الاموال الليبية في انتظار تحويلها الى الثوار الليبيين لتوفير التمويلات المطلوبة ومساعدتهم على التعجيل بسقوط نظامه... ذلك هو المشهد الليبي اليوم بعد أكثر من سبعة أسابيع على انطلاق انتفاضة الشعب الليبي مشهد لا يخلو من تناقضات خطيرة ومن سخرية للاحداث بين زعيم ليس له من هم سوى الحفاظ على سلطة قمعية تأكل أبناءها وتغرق يوما بعد يوم في دماء أطفالها ونسائها وشبابها وبين تحالف يتخبط بين مقتضيات لعبة المصالح وبين مأساة شعب تزداد تعقيدا في كل لحظة فلا هو قادرعلى التدخل الفعلي لوضع حد لعملية الابادة المنظمة في حق الشعب الليبي ولاهو قادر على اعلان عجزه عن ايقاف المجزرة المستمرة. بل ان في تقرير منظمة العفو الدولية الذي يأتي في خضم تعتيم اعلامي منظم من جانب نظام القذافي ما يؤكد همجية العمليات العسكرية التي دفعت بالاف الليبيين الى الهروب من المستنقع الليبي والبحث عن ملجإ امن عبر الحدود مع تونس التي تشهد على فظاعة ما يحدث. وقد اعتبر التقريرأن مصراتة تحت الحصار والنار وأن ما يحدث من استخدام للاسلحة والقنابل العنقودية والصواريخ يرقى الى مستوى جرائم الحرب... وقد جاءت نتائج اجتماع مجموعة الاتصال بروما لتعكس حالة التذبذب المستمرة في توجهات وخيارات قادة التحالف الذي عمد الى المغالطة لاقناع الرأي العام بدوره في ليبيا بل أن في القرارات التي خرج بها اجتماع روما ما لا يمكن الا أن يكون محاولة للضحك على الذقون والاستهزاء بالرأي العام والتسويق باعتماد حلول استعجالية لانهاء مأساة الشعب الليبي. والواقع أن صندوق الخاص لدعم الثوار الليبيين لا يمكن اعتباره منة أو هدية لفائدة الشعب الليبي ذلك أن الجزء الاكبر من هذا الصندوق متأت من أموال الشعب الليبي المرصودة في البنوك الغربية سواء كان ذلك بطريقة شرعية أوغير شرعية... موسم اراقة الدماء في الشارع العربي لا يبدو أنه قريب من نهايته والارجح أن شهية بقية من القادة العرب الذين فقدوا كل شرعية لهم في السلطة ما زالت تتفتح يوما بعد يوم لاستباحة المزيد من الدماء والارواح حتى أنه لا أحد بات بامكانه أن يتكهن بحجم ما يمكن أن يحتاجه هؤلاء من اراقة للدماء قبل أن يقرروا حفظ ماء الوجه والقبول بالامر نزولا عند رغبة الشعوب التي سئمت بقاءهم ولم تعد تتحمل انتهاكاتهم واصرارهم على الظلم والاستبداد .ولكن مقابل هذا الاصرار على استمرار موسم اراقة الدماء والتأكيد على أن دماء الشعوب هينة على الحكام منذ أن بدأت نسائم الثورة تتسرب من تونس ومصر الى بقية الشعوب المتطلعة للخلاص من قيود الانظمة الجائرة فان هناك ارادة شعبية غريبة في مواصلة التحدي ومواجهة الحديد والنار بمزيد الصبر والاحتمال..والطريف أن في اليمن حيث لا يخلو بيت يمني من السلاح فإن المظاهرات الشعبية حافظت على طابعها السلمي ولم تجعل من العنف خيارا برغم كل الاستفزازات التي تتعرض لها وبرغم كل المحاولات لجر المتظاهرين الى مواجهات مسلحة تمنح السلطات الرسمية فرصة اكبر لقمع المتظاهرين وبالتالي تبرير محاولات اخماد تحركاتهم بقوة السلاح، تماما كما هو الحال في ليبيا حيث لم تتم عسكرة انتفاضة الشعب الليبي لتتحول الى حرب مفتوحة الا أمام اصرار ميليشيات القذافي على قمع المعارضة الليبية واستئصالها..