تثير حالة الفتور التي تبدو عليها الحياة السياسية في البلاد جملة من التساؤلات تصب كلها في اتجاه الحيرة والخوف من المجهول خاصة أن الأوضاع الأمنية قد عرفت تحسنا ملحوظا وبالتالي يفترض أن تكون هناك بداية جدية لإنجاز المطلوب في المرحلة الانتقالية. ففي كل يوم يمر يلاحظ المرء أن الهوة تتسع بين الآمال والواقع وبين المطلوب والموجود وبالتالي فإن حالة الانتظار لا مبرر لها خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار بعض المؤشرات السلبية منها شبه انطواء الحكومة على نفسها واحتشام في تعاطيها مع مكونات المجتمع المدني وحتى إن كانت مؤقتة فلا بأس من تحسيس المواطن التونسي أنها بصدد فعل ما في سياق حلحلة الأوضاع حتى لا نجد جميعا أنفسنا أمام مأزق انتهاء المدة الدستورية للرئيس المؤقت . كما أن لجنة الإصلاح السياسي مازالت لم تقدم شيئا ملموسا من شأنه تفنيد الانتقادات وطرح تصوراتها على العموم بأكثر تفاصيل فيما يتواصل اعتصام مفتوح أمام مقر الحكومة بالقصبة، مازال القائمون به يأملون في تحقيق مطالب وهو ما يستوجب توضيح الأمور حتى لا تشكل هذه الفترة الحساسة قطيعة مع الثورة وأهدافها. ولا يجب إهمال الوضع الاجتماعي المتسم ب"انفجار" المطلبية وهو ربما ما أثر على عمل الحكومة الانتقالية التي تنهمر عليها المطالب من كل حدب وصوب إضافة إلى انعدام الاستقرار في الإدارات، وفي غالب الأحيان لا يوجد أي دليل لوضع حد لهذه الفوضى. وأمام هذا الوضع لا بد من تحرك جماعي حكومة ومجتمعا مدنيا للإسراع بوضع سيناريوهات ل 14 مارس ولما بعده ولا بد من الحذر من مأزق دستوري، فالوقت يمر ولا تبدو أن هناك إرادة لتحرك فعلي. يبقى التحرك الثاني المفقود والذي يتعين القيام به للحد من ريبة المناطق الداخلية تجاه الحكومة التي لم تكلف نفسها إرسال وزرائها إلى مناطق الداخل، إلى قلب تونس النابض.. معقل الثورة التي بفضلها تحرر جميع التونسيين. كل يوم يمر يعني إهدارا للقدرة على المرور إلى مرحلة الانقاذ الفعلي.. ولا بأس من الاستفادة من الثورات والانتفاضات الشعبية فيما حولنا حتى لا نندم.