تعهد رئيس الجمهورية المؤقت السيد فؤاد المبزّع بالقطع التام مع النظام البائد فاتحا بذلك أبواب الأمل أمام التونسيين للدخول في الجمهورية الثانية بعد جمهورية أولى تمخضت عن النضال من أجل الإستقلال. جاء ذلك في خطابه الذي توجه به إلى الشعب التونسي مساء أول أمس الخميس وسجّل من خلاله التزامه بتجسيم مطالب التونسيين. خطاب كان له صداه الإيجابي لدى مختلف الأطراف السياسية والناشطين على الميدان خاصة منهم المعتصمين بالقصبة منذ أيام. فقد سارع هؤلاء منذ يوم أمس إلى فكّ الإعتصام. ولئن جاء الخطاب ملبيا لمطالب الشعب المتمثلة أساسا في إلغاء الدستور وحلّ مجلسي النواب والمستشارين، الغرف النيابية التي لم تكن في أي وقت من الأوقات معبرة عن طموحات الشعب ولا ممثلة له تمثيلا شرعيا وبعث مجلس وطني تأسيسي تعهد له مهمة إعداد دستور جديد للبلاد يكفل للشعب حقه في ممارسة سيادته الكاملة فإنه برز كذلك بالقطيعة الكاملة في مستوى لغة الخطاب. لاحظنا أن اللغة المعتمدة حاولت التقليص قدر المستطاع من الهوة بين الشعب والسلطة الحاكمة التي لم تستطع الحكومة المؤقّتة السابقة برئاسة السيد محمد الغنوشي التخفيف من حدتها. السيد فؤاد المبزع استعمل مصطلحات قريبة من الشعب التونسي تمجد الثورة الشعبية وتدين طغيان النظام السابق وتقر بشرعية مطالب التونسيين خاصة عندما نادوا بإظهار إرادة حقيقية في القطع مع النظام البائد. وإذ جاءت الإستجابة لمطالب الشّعب بعد أكثر من شهر ونصف على انتصار الثورة وهي فترة اختلفت التقييمات حولها فإنها مكنت على الأقل من بث شيء من الطمأنينة لدى عدد كبير من مكونات المجتمع الذين بدأوا يتساءلون عن مستقبل البلاد بعد ملاحظة عودة الإضطرابات إلى أكثر من منطقة في تونس العاصمة وعدد من جهات الجمهورية. وقد تزامن التغيير في الخطاب المعتمد لدى رئيس الدولة المؤقت الذي أصبحت فيه اللهجة أكثر وضوحا كما أنه خطى خطوات في اتجاه الإقتراب من مشاغل الشارع التونسي، تزامن مع تعيين السيد الباجي قايد السبسي وزيرا أولا خلفا للسيد محمد الغنوشي. ولا يمكن القول أن الأمر مجرد صدفة. الوزير الأول الجديد وهو صاحب الخبرة السياسية الطويلة والذي تعامل عن قرب مع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة استخدم خبرته وحنكته السياسية من أجل امتصاص حالة الغضب وتهدئة الخواطر على الأقل كانطباع أول يخرج به الملاحظ منذ تعيينه وقد كان في أول خطاب له يوم أمس وفي أول لقاء مع الإعلاميين قد برهن عن إرادة واضحة في القطع تماما مع حالة التردد والتذبذب التي أعابها مختلف الملاحظون على الحكومة السابقة. وبقدر ما كان حازما بشأن معاقبة رموز الفساد ومن أسماهم بالعصابة المفسدة ويقصد بهم رموز النظام السابق فإنه شدد على هيبة الدولة وعلى أهمية عودة الأمن للبلاد. خطاب ناتج حتما عن الخبرة السياسية وعن الفطنة ولكنه مستلهم كذلك من التجربة التي عرفتها تونس بعد الثورة والأخطاء التي مرّت بها الحكومة المؤقتة الأولى والثانية. مبدئيا إن كل من الرئيس المؤقت الذي أعلن في نفس الخطاب عن مواصلة اضطلاعه بمسؤوليته على رأس الدولة إلى غاية يوم 24 جويلية القادم التاريخ الذي حدّد لإنتخاب المجلس الوطني التأسيسي والوزير الأول الباجي قايد السبسي الذي بين أنه يفضل اعتماد سياسة تجمع بين اللين والقبضة من حديد أظهرا حرصا على آداء المهمة بروح من المسؤولية. بقي علينا أن ننتظر ما يفيد حقا بأن هناك إرادة كافية من باقي مكونات المجتمع في العمل معا من أجل إنجاح ما أسماه رئيس الدولة المؤقت في خطابه الأخير بالإنتقال الديمقراطي السليم والهادئوبقدر ما كان حازما بشأن معاقبة رموز الفساد ومن أسماهم بالعصابة المفسدة ويقصد بهم رموز النظام السابق فإنه شدد على هيبة الدولة وعلى أهمية عودة الأمن للبلاد. خطاب ناتج حتما عن الخبرة السياسية وعن الفطنة ولكنه مستلهم كذلك من التجربة التي عرفتها تونس بعد الثورة والأخطاء التي مرّت بها الحكومة المؤقتة الأولى والثانية.
مبدئيا إن كل من الرئيس المؤقت الذي أعلن في نفس الخطاب عن مواصلة اضطلاعه بمسؤوليته على رأس الدولة إلى غاية يوم 24 جويلية القادم التاريخ الذي حدّد لإنتخاب المجلس الوطني التأسيسي والوزير الأول الباجي قايد السبسي الذي بين أنه يفضل اعتماد سياسة تجمع بين اللين والقبضة من حديد أظهرا حرصا على آداء المهمة بروح من المسؤولية. بقي علينا أن ننتظر ما يفيد حقا بأن هناك إرادة كافية من باقي مكونات المجتمع في العمل معا من أجل إنجاح ما أسماه رئيس الدولة المؤقت في خطابه الأخير بالإنتقال الديمقراطي السليم والهادئ.