بين معاناة نفسية خلفتها مشاهد العنف والفوضى التي شهدتها الأراضي الليبية ومعاناة مادية بسبب تنكيل قوات القذافي بالتونسيين ومصادرة كل ما يمتلكونه من أمتعة ومن أموال، وجد أغلب الفارين من جحيم الثورة الليبية أنفسهم عاجزين عن تأمين مصاريف حياتهم اليومية واسترجاع حقوقهم لذلك طرقوا أبواب السلطات الجهوية علهم يحصلون على مساعدات. "الأسبوعي"التقت بعضهم في مكتب العلاقات بالمواطن بولاية منوبة حيث عبروا عن معاناتهم ساردين تفاصيل مرعبة عما عاشوه في ليبيا من رعب. يقول فتحي الجلاصي: "ما عشناه هناك مرعب حقا فقد اعترضوا سبيلنا مسلحون، شتمونا ونكلوا بنا فلم نسمع منهم سوى عبارات «التوانسة كلاب، حشرات» وكل المفردات التي تفوه بها القذافي في خطابه لقد قسوا علينا وكأننا جناة ارتكبنا ذنبا هناك في حين أننا اختفينا خوفا على حياتنا فطاردنا رصاص الميلشيات الذين ارتكبوا أمام أنظارنا جرائم إنسانية بشعة". رفس وأضرار كما يقول قيس النفزي صاحب مستودع ميكانيك : "بعد أن حصلت على ترخيص بالسفر إلى تونس من قنصلية تونس عطلوني في المطار نظرا لوجود إشكال في جواز سفري فعادت زوجتي وطفلي واضطررت للبقاء بليبيا وقبل أن أصل المنزل الذي أقطنه هناك تعرضت «لبراكاج» فقدت أثناءه قرابة 4 آلاف دينار كانت بحوزتي فعدت للمطار وظللت هناك يومين وتعرضت للرفس وتضررت رجلي بشكل كبير وأنا الآن مفلس تماما غير قادر على العلاج أملي أن تتدخل مصالح ديوان التونسيين بالخارج لمساعدتنا على تجاوز هذه المرحلة الصعبة" ضحايا أما فضيلة الماجري مقيمة بالزاوية منذ 25 سنة فتقول: "لقد نجونا بصعوبة ونجحنا في إقناع صاحب سيارة أجرة بنقلنا إلى رأس جدير مقابل 30 دينارا للشخص الواحد... وفي الطريق تعرض للاعتداء بسببنا وقال له بعض الأشخاص الذين اعترضوا طريقنا «تحمل كلاب تونس» لقد شاهدتهم بأم عيني يشربون الجعة ويتعاطون الممنوعات أثناء قيامهم بإيقاف السيارات وتجريد المسافرين من أمتعتهم، أملي أن تنظر الحكومة لوضعنا كضحايا للثورة التي وقعت بليبيا وتنقذنا من براثن الفقر". اعتداء لفظي وبدني وأكد العربي النفاتي الذي يعمل في مجال «الطولة والدهينة» بالقول: "لم تكتف الميليشيات بسرقتنا فقط بل أهانونا ولولا تدخل بعض الليبيين لكان مصيرنا الموت فبمجرد أن كشفنا عن هويتنا تعرضنا للضرب والشتم، ونعتنا بأفظع النعوت بتعلّة أن الشعبين التونسي والمصري هما سبب البلية». من جهته بيّن مهدي قدراوي قائلا: " لقد امتنع مؤجرنا عن دفع مستحقاتنا كاملة واضطررت مع ثلاثة شبان تونسيين آخرين إلى دفع مبلغ ألف دينار لصاحب سيارة خاصة ليبي مقابل نقلنا إلى رأس جدير... لقد قطعنا أميالا طويلة من أجل أن نصل إلى تونس وأمضينا ساعات رعب لا توصف في مناطق جبلية وصحراوية نائية فعنفونا وسرقونا". هل من لفتة اجتماعية؟ وقال أيضا حسام الحناشي:"رفض مؤجرنا تمكيننا من حقوقنا ووجدنا أنفسنا نخوض مغامرة خطيرة نجونا منها بأعجوبة، فقد جردنا من أموالنا وهواتفنا المتضمنة لمشاهد حقيقية تنقل جرائم القذافي ونرجو من الحكومة المؤقتة أن توفّر لنا فرص شغل تحمينا من البطالة والعوز" في الاتجاد ذاته قال خالد الطياري: "تركت سيارتي ورأس مالي وكل ما بحوزتي ولا أدري كيف سأعيش. أملي أن تراعى ظروفنا كضحايا للثورة الليبية التي تركت فينا آثارا نفسية سيئة"وأشار ذهبي المرزوقي ومحرز إلى ضرورة النظر إلى حالة العائدين من ليبيا بشكل خاص خاصة بعد أن عادوا فارغي اليدين بلا مال ولا أية ضمانات قد تساعدهم على تجاوز هذه المرحلة الصعبة خاصة أن أغلبهم يعيلون أسرا وفيرة العدد..