من المرات القلائل التي أضحكتني فيها ما كان يعرف بقناة «تونس7» الفضائية زمن حكم المجرم بن علي - على الرغم من أنها تعتبر بالمقاييس المهنية واحدة من أحط وأسفل القنوات التلفزية في العالم وأنها قناة تعاسة ورداءة و«كبي» وتضليل اعلامي - عندما «أتحفتنا» ذات ليلة بنقل وقائع ذلك الحفل «الأكاديمي» البهيج الذي أقيم باحدى الجامعات الايطالية الخاصة وتم بموجبه منح الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية - كان صدقني ربي ولم تخني الذاكرة - للرئيس المجرم زين العابدين بن علي... ليلتها ضحكت وشكرت لقناتنا التلفزية العتيدة «تونس7» حرصها على اتاحة الفرصة لنا (نحن التونسيين ) لكي نقف - مرة أخرى - على مدى غباوة وسذاجة و»قلة عقل» رئيسنا «المفدى» المجرم زين العابدين بن علي... لقد ضحكت أكثر من مرة وأنا أشاهد ليلتها «رئيس كل التونسيين» وقد استمرأ المسألة و«جدت عليه الحكاية» واعتقد أنه - وبموجب هذه الشهادة - قد أصبح «دكتورا» وفي العلوم السياسية «زادة»... وذلك قبل أن أتساءل في السر - طبعا - من أين لشخص كهذا أن يصبح من حملة الدكتوراه في العلوم السياسية وهو الذي لم نعرف عنه سوى أنه من أولئك «السياسيين» الذين لا يقدرون على ارتجال جملة وحيدة مفيدة دون أن تكون مكتوبة له من طرف مجموعة مستشاريه وكتبة خطاباته في القصر بل ان المرة الوحيدة التي حاول فيها «المسكين» ارتجال كلمة يتوجه بها الى الشعب كانت بمثابة الامتحان الذي سقط فيه سقوطا نهائيا... كان ذلك ليلة الرابع عشر من جانفي 2011... عندما تلعثم وأخذ يردد كالبهلول: «فهمتكم»... «فهمتكم» تذكرت هذه الطرفة وأنا أقرأ بالأمس خبرا مفاده أن الهيئة العلمية لاحدى الجامعات السودانية قد قررت سحب الدكتوراه الفخرية التي كانت منحتها للعقيد القذافي في وقت سابق وذلك احتجاجا على بشاعة الجرائم التي يرتكبها هذا «الدكتور» في حق شعبه هذه الأيام وهو يتوعدهم بالمطاردة «دار - دار»... «بيت - بيت»... «زنقة - زنقة»... أيضا، وفي نفس السياق تتناقل هذه الأيام الصحف البريطانية فضيحة أخرى مفادها أن سيف الاسلام القذافي نجل العقيد القذافي الحاصل بدوره على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة لندن ربما يكون قد انتحل الرسالة الجامعية التي نال بها هذه الشهادة وأن أحد الأكاديميين الليبيين قد يكون هو الذي كتبها له... فقد جاء في تقرير نشرته صحيفة «اندبندتن اون صنداي» أن أحد الاكاديميين الليبيين أجبر من طرف النظام الليبي على «مساعدة» سيف الاسلام في تحرير المادة العلمية للأطروحة التي قدمها ونال بها الدكتوراه... وهي الفضيحة التي لازالت تتردد أصداؤها هذه الأيام في أوساط الأكاديميين في بريطانيا وأدت الى حد الآن - من بين ما أدت - الى استقالة رئيس الجامعة بل وأصبحت الجامعة نفسها محل تندر وسخرية في أوساط الطلبة والأساتذة الذين غيروا اسمها من «جامعة لندن للاقتصاد» الى «جامعة الاقتصاد اللّيبية»... أيضا - ولولا ألطاف الله - فقد كدنا ( نحن التونسيين ) - خاصة خلال السنوات القليلة الماضية - أن نفاجأ بأن «السيدة الفاضلة» ليلى بن علي قد أصبحت بدورها تحمل لقب «دكتورة» من احدى الجامعات... فلقد بدأ اعلاميو التملق والتضليل وكأنهم يهيئون الرأي العام الوطني لتقبل خبر من هذا «النوع» فالمرأة أصبحت تخطب وتستقبل وتتلقى دروعا وميداليات التكريم من جهات مختلفة حقوقية واجتماعية وغيرها - كما تنقل لنا ذلك وبالتفصيل الممل قناة «تونس7» العتيدة -... ولم لا - يا أخي - أوليست هي «رئيسة» منظمة المرأة العربية ؟؟؟ هذه عينات من ممارسات ديكتاتورية طال فسادها جميع القطاعات دون استثناء... ممارسات مضحكة - مبكية لأنها تعكس حالة من العبث ومن الاستخفاف بالمواطن والمؤسسات والشهائد العلمية... حالة كانت لها بالمرصاد أخيرا ثورات شعبية شجاعة فاجأت الجميع في تونس ومصر وليبيا... ومازال... مازال.