آسيا العتروس افضل رد يمكن بمقتضاه للشعب المصري ان يسحب البساط امام من يزرعون الفتنة ويقفون في انتظار الفرصة لدفع ابناء الشعب المصري في أتون صراع طائفي بين المسلمين والمسيحيين، ان يقف هذا الشعب كوقفته بعد ان اسقط الطاغية من عليائه وان يعيد بناء الكنيسة التي وقع هدمها لتكون جاهزة لاستقبال المصلين الشهر القادم خلال عيد القديسيين. وبذلك سيوجه رسالة مزدوجة اما الاولى فسيقرأها الذين يعملون في الخفاء على اثارة الفتنة في الداخل او في الخارج على حد سواء وأما الثانية فسيقرأها بالتاكيد الذين يتأهبون للقفز على الاحداث وهم الذين يشتركون مع الفئة الاولى في معاداة ثورة الشعب المصري ومحاولات الشد الى الوراء. طبعا لا نقول هذا الكلام من فراغ فالفتنة كانت ولاتزال اشد من القتل وما عاشت على وقعه العاصمة المصرية خلال الساعات القليلة الماضية لا يختلف عما عاشت عليه تونس في الاسابيع الاولى للثورة من محاولات الترهيب وترويع المواطنين لمختلف فئاتهم في الشوارع كما في المدارس او حتى في البيوت الامنة وهو ما من شأنه ان يدعو للتوقف بدل اللحظة لحظات فعودة الهدوء لا يمكن ان يعني باي حال من الاحوال نهاية الاستفزازات والمخاطر والمرحلة الانتقالية ستكون من اصعب المراحل قبل جني ثمار الثورة التي حررت الشعبين في تونس كما مصر من قيود الخوف واعادت اليهما الكرامة المصادرة بقوة البطش لا بقوة الشرعية... بل الارجح ان الطرف او الاطراف التي وقفت خلف تلك المشاهد المرعبة التي دفعت أبناء البلد الواحد في مواجهة بعضهم البعض لن تيأس وستبحث لها عن فرصة جديدة لاحداث البلبة بين المصريين مسلمين ومسيحيين والدفع بالبلاد الى أتون صراع طائفي قد يكون من اليسير الانزلاق اليه ولكن قد يكون من الصعب جدا تجاوزه والخروج منه. قد يتساءل البعض عن المستفيد من وراء ذلك وهذا بالتاكيد تساؤل مشروع ولكن الاكيد ان هناك مستفيدين من هذا الوضع ولو اننا حاولنا تصنيف هؤلاء لوجدنا انهم يجتمعون على هدف واحد وهو الا تعرف تونس ومصر معنى للاستقرار والازدهار والا يتحقق الحلم المطلوب من اجل الديموقراطية. وكما ان في تونس اذنابا للنظام والانتهازيين الذين يرفضون الاعتراف بالواقع الجديد الذي فرضته الثورة الشعبية فان في مصر ايضا اذنابا للنظام المخلوع يرفضون التخلي عن مصالحهم الذاتية وامتيازاتهم الكثيرة التي كانوا ينعمون بها تحت مظلة الحزب الحاكم ويسعون بكل ما يتوفر لديهم من وسائل خسيسة لتغليب مصالحهم الضيقة والدنيئة على مصالح الوطن العليا. اما الصنف الثاني الذي يعمد لنشر الفوضى والعنف فهي بالتاكيد تلك الفئة التي تخشى فتح الملفات التي يمكن ان تكشف تورطها مع شبكات الفساد والظلم في النظامين السابقين. ويبقى لاعداء الثورة من تونس الى مصر فئة ثالثة وهي بالتاكيد فئات خارجية لا تريد للثورتين النجاح حتى لا تتحول كل منهما الى نموذج يحتذى في بقية انحاء العالم العربي الذي يعيش على وقع عواصف التغيير التي لا يمكن لكل الحصون ان تقف امامها او تمنع تقدمها، كل ذلك طبعا دون ان نتجاهل الاسباب الاخرى المرتبطة بمصالح الغرب الذي لايبدو انه ينظر بعين الرضا الى التحولات المفاجئة في الخارطة العربية والتي قد لا تتماشى مع مصالحه ولا سيما عندما يتعلق الامر بالمصالح النفطية ومصالح اسرائيل ومستقبل اتفاقيات السلام مع مصر والاردن بنظامين كانا يمتلكان كل اسباب البقاء والاستمرار واستعباد العباد الفتنة مصيبة واذا حلت بأمة فانها ستنتهي الى الخراب فالهدم دوما اسهل واسرع من البناء. ثم ان الفتنة والديموقراطية عدوان لا يلتقيان وطالما وجد فتيل الفتنة منفذا فانه لا يمكن ان ينطفئ، قد يختفي بعض الوقت ولكنه لن يختفي كل الوقت وسيبقى متربصا بانتظار اللحظة التي ياتي فيها على كل شيء طالما بقيت اسباب الفتنة قائمة ولكن في المقابل فان الشعوب التي نجحت في استئصال أنظمة كانت تمتلك كل اسباب البقاء لا يمكن ان تنجرف الى الفتنة ولا يمكن ان تمنح المتربصين بالثورة فرصة تحقيق مآربهم التي لن تجد لها موقعا في تاريخ الشعوب التي اثارت الكرامة والحرية على الاستعباد والانتهازية...