سطع نجمه في الأوساط الجامعية منذ سنتين تقريبا ولو مع كثير من التعثر وهو اليوم يستثمر هذا النجاح ويضاعفه بفضل المناخ الاجتماعي والسياسي المساعد على القول والتعبير بحرية. «بنديرمان» شاب ال 27 سنة هو نجم الأغنية المعاصرة في هذه الفترة والكل ملتف حول تجربته التي زادتها ثورة 14 جانفي شرعية واقترابا من عامة الباحثين عن تعبير فني مغاير ينتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية بمفردات تذهب صوب الموضوع دون تلطيف أو تمويه. هذه الموجة الغنائية التي يعرفها المجتمع الغربي جيدا منذ عقود تسللت الى مجتمعنا في السنوات القليلة الأخيرة ووجدت الصد في البداية ويقول «بنديرمان» في هذا الاطار «لا أريد أن أردد ما أطالعه أحيانا بالصحف من أنني عانيت من القمع في العهد البائد لأنني اتحمل مسؤولية اختياراتي ولست متطفلا عن هذا الاختيار فوالدي» زار» السجن قبلي بسبب أفكاره الثورية كذلك تعرضت والدتي وهي المناضلة في صفوف الاتحاد العام التونسي للشغل الى المضايقات, وجاء دوري فيما بعد ليتتبع البوليس السياسي خطواتي وتعرّضت للضرب وتم ايقافي في مناسبات ولكني إذا ما وضعت الأمور في سياقها التاريخي أجد أن الامر عادي وطبيعي لأن نظام ديكتاتوري يرفض الاصلاحات لينهب ويظلم ويسرق لا يعبر عن نفسه إلا بتلك الطرق». لم أغنّ للثورة.. وعن سبب عزوفه عن تقديم اغنية خاصة بالثورة في الفترة التي هبّ فيها عدد هام من الفنانين الى تحقيق ذلك كانت اجابته «لقد أنتجت طوال سنتين 16 أغنية تحدثت عن تزوير الانتخابات وعن الفقر والتهميش الذي تعيشه بعض الفئات الاجتماعية وعن استحواذ العائلة المالكة على ثروات هذا البلد وعن تورط الاعلام والفن في تجميل الواقع واخفاء الحقائق المؤلمة, ثم ان الثورة ليست «كاس العالم» حتى أنفذ لها أغنية على المقاس في ظرف زمني قصير, وفي تقديري أحتاج الى مزيد من التريث حتى تكتمل ملامح النص الذي أنوي تقديمه عن أحداث 14 جانفي وفي كل الحالات لست مستعجلا على ذلك». ويرى «بنديرمان» أن من حق كل فنان أن يعبر عن موقفه ومشاعره من ثورة الشعب وسقوط نظام بن علي ولكنه ضد ما انتهجه البعض من مسار دعائي وركوب على الحدث, خاصة أولئك المتورطين فعليا مع الحزب السابق ومع العائلة الحاكمة, فهؤلاء مطالبون أكثر من غيرهم بالتروي وحتى بالصمت حتى تمر الأحداث. وانتقد محدثنا موجة العنف في التعبير التي اكتسحت المواقع الالكترونية التي هاجم فيها الفنانون بعضهم البعض بأسلوب فيه «قلة حياء» و تجريح حسب قوله. وأضاف «بنديرمان» «أنا ضد أن ينصّب الصحفي أو الفنان نفسه قاضيا ليحاسب زملاءه, وأجد القضاء أولى بهذه المهمة بما أننا في دولة القانون». وفي اجابة عن سؤال ما اذا كان يرى أن المستقبل يخدم هذا الصنف من الغناء والموسيقى المعاصرة الشبابية أجاب «نحن نبحث عن مكان بين بقية الأنماط الكلاسيكية وليس طموحي أن أصبح الأهم والرائد, فالمالوف والوتري و»المزود» وغيرها من الأنماط ضرورية ولها عشاقها لكن دون تغييب الأنماط المعاصرة أو ما يعرف «بla musique alternative» أي الموسيقى البديلة التي يتابعها أساسا الشباب. إلا أن باندرمان يشير من جهة أخرى إلى أن جمهوره لا يقتصر على عشاق الموسيقى الحديثة بل هو متنوع ومن كل الفئات العمرية تقريبا. وتتنتظر هذا الفنان الشاب جولة فنية هامة بالخارج حيث يسافر بداية الأسبوع القادم الى كندا في جولة أولى تتلوها رحلات الى كل من فرنسا والمغرب والجزائر من أجل لقاء جمهور الاغنية الشبابية الناقدة والمتفاعلة مع الأوضاع السياسية والاجتماعية على طريقتها الخاصة التي تجمع بين الجرأة والطرافة والقرب على مستوى المفردات من لهجتنا العامية وما نتداوله من ألفاظ وعبارات «دارجة».