تطورت الأحداث في البحرين بشكل دراماتيكي خلال الأيام الماضية خاصة بعد دخول قوات درع الجزيرة الى البلاد مما اثأر حفيظة العديد من الجهات التي اعتبرتها خطوة غير محسوبة العواقب ومن شأنها ان تؤزم الوضع في البحرين. فيما رأى فيها آخرون دليلا على التعاون بين الدول الخليجية لصد التمدد الايراني في المنطقة. وللوقوف اكثرعلى خلفيات ما يحدث اتصلت الأسبوعي بالدكتور منصور الجمري، رئيس تحرير الوسط البحرينية، مباشرة من المنامة الذي أدلى لنا بالحديث الآتي رغم صعوبة الاتصالات: ما تداعيات تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين ؟ -في الحقيقة . هنا لم يكن المواطنون مدركين معنى تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين. لكن التطور الدراماتيكي للأوضاع بعد دخول هذه القوات يوضح بجلاء تداعياته الأمنية والسياسية . فاليوم نقاط التفتيش تنتشر في البلاد وتعرض حياة من يحاول الاقتراب منها للخطر ، فالمستشفيات غير قادرة على استقبال المرضى والمصابين ومعالجتهم والحياة المدنية تعطلت بالكامل بعد حظرالتجول في العاصمة وبعض المناطق وانقطعت وسائل الاتصال فليس هناك من يمدنا بأية معلومة عن المفقودين.وانتشرت ظاهرة ما يسميه المصريون ب «البلطجية» وهم جماعات ملثمة مسلحة تدعي أنها تدافع عن سنة البلاد بوجه الشيعة ومن الواضح ان لديها تعاون مع جهات رسمية لبث الذعروالبلبلة. وفي الحقيقة فان قوات درع الجزيرة لا نراها فعليا على الأرض وربما هي متمركزة في أماكن حيوية اوهي للدعم السياسي او لإيصال رسالة محددة . فبعد دخولها أصبح الوضع في البحرين أسوا وأكثر تعقيدا ودخلنا مرحلة من الجراح العميقة التي بدأت تتوسع ولا أحد يعرف كيف سيخرج البلد من محنته هذه وكيف ستجتاز الدولة هذه الأزمة. لقد كان هناك شعب واحد موحد ، أما اليوم فقد بات مقسما وصوت العقل مفقودا ولا يسمع من قبل الجهات الرسمية الممسكة بأطراف اللعبة، وحتى أبناء الشعب البحريني على اختلاف مذاهبهم لا يريدون ان يسمعوا صوت العقل . هل ما يحصل يمكن ان يؤثث لبوادر فتنة مذهبية سنية- شيعية ؟ -طبعا .على الأرض لا توجد فتنة ولكن يوجد قراربافتعال الفتنة .إذ يبدو ان هناك خطة لتقسيم هذا البلد بين سنة وشيعة وينعكس ذلك بجلاء من خلال استهداف المحال التجارية الشيعية والأحياء السكينة التي تقطنها أغلبية شيعة. وقد انتشرت الجماعات الملثمة المسلحة التي لديها ارتباطات بأجهزة امنية واستخباراتية معينة وهي تدعي الدفاع عن السنة بوجه الخطرالشيعي.لكن استطيع ان أؤكد لك بان تركيبة المجتمع البحريني يتداخل فيها الى حد كبيرالسنة والشيعة من خلال علاقات المصاهرة الوثيقة بين المذهبين. فالسنة هم أقاربنا وأهلنا . وقبل ذلك لم يكن هذا التوترالطائفي موجودا. وهذا الفصل مرفوض تماما من كافة أبناء الشعب البحريني . الأمور في البحرين تتطور الى نحو خطير خاصة اذا ما تدخلت إيران ردا على تدخل قوات الردع الخليجية. فهل تتوقعون بوادر لحرب خليج جديدة وما سيكون موقف الحركة الاحتجاجية البحرينية أمام هذا الخطر القادم؟ -لا اعتقد ان إيران ستتدخل اوتدخل على خط الأحداث. صحيح ان لها مواقف تصرح بها علانية عبروسائل الإعلام فيما يخص الوضع في البحرين ولكن الوضع حاليا في البلاد لا يحتمل أي تدخل أجنبي الذي قد يعمق الهوة ويذهب بالبلاد نحوما لا تحمد عقباه. هل تعتقدون ان أيادي أرادت تسييس الاحتجاجات والمطالبات الإصلاحية وإظهارها بمظهرمذهبي كي تفقد شرعية أهدافها؟ -حينما فشل الجيش الوطني في بداية الأمرفي قمع التظاهرات السلمية كان لا بد من إيجاد مبررأمام العالم لتدخل قوات الردع الخليجية فكانت الدعاية بان هناك خطرا يستهدف الأمة وخط اعلى الأنظمة الحاكمة في الخليج. ومن ثم تمّ استدراج المتظاهرين الى العنف مما أوصل البلاد الى هذه المرحلة الخطرة. 9 pt الى أين ستؤول الأمور في البحرين؟ وهل يمكن ان تنتقل هذه الازمة الى باقي الدول الخليجية؟ -لا اعرف حقيقة الى أين ستؤول الأمور لكن أريد ان أوضح أمرا هاما وهو ان البعض يعتقد ان ما حصل في البحرين يمكن ان ينتقل الى الدول الخليجية الأخرى مثلما حصل في تونس حينما اندلعت شرارة الثورة وانتقلت الى مصر وليبيا. لكن الوضع في البحرين مختلف ومغاير تماما عما حصل في تونس التي تتميز بوجود مجتمع مدني وطبقة متوسطة متعلمة عالية وجيش صغير من أبناء البلد الواحد وقف وقفة حازمة وتحلى بمسؤوليته الوطنية لدعم المتظاهرين ضد نظام بن علي. ما يحصل في البحرين أمرمختلف تماما. فالجغرافيا مختلفة ...والتحالفات مغايرة...والقضايا والتركيبة الديموغرافية والمذهبية خاصة وتركيبة الجيش مختلفة أيضا وأغلب جنوده في البحرين ليسوا من أهل البلاد و هم يفتقدون للروح الوطنية. اذن. باعتقادكم هل ثورة البحرين نجحت أم فشلت الى حد الآن؟ -لا اعتقد ان المطالبات الإصلاحية ستحقق أهدافها لأن المجتمع البحريني اليوم يدفع ضريبة باهظة جدا وهناك أمور عكست الأحداث الى غير مصلحة البلاد . وهناك جراح ستأخد وقتا طويلا كي تلتئم . لأن مصيبة كبيرة حلت علينا.