تونس الصباح: أفادت دراسة أعدها باحثون في علم الاجتماع حول العنف اللفظي لدى الشباب التونسي شملت عينة تجاوزت 600 شاب من فئات اجتماعية واوساط ريفية وحضرية مختلفة وكذلك من الجنسين أن 88,18% من الشباب يستخدمون العنف اللفظي. رقم آخر لفت انتباهنا في هذه الدراسة والذي يؤكد أن 62.26% يوجد في عائلتهم من يمارس هذا العنف اللفظي وتبلغ نسبة الآباء المستعملين لهذا الكلام في العائلة 21.99%. يرى بعض الشباب أن تغير سلوك الآباء تقف وراءه عدة أسباب نتيجة تأثرهم بالاحداث اليومية مثل نتائج جمعياتهم الرياضية التي يتعاطفون معها والعنف اللفظي اصبح لا يفرق بين الذكور والاناث الذين يتلفظون بعبارات منافية للاخلاق في الشارع امام كبار السن. ويفسر علماء الاجتماع تفشي ظاهرة العنف اللفظي الى التحول والتغيير الاجتماعي العميق الذي تمر به المجتمعات اليوم وذلك بسبب مؤثرات كبيرة وكثيرة من ذلك الفضائيات ووسائل الاتصال الحديثة من أنترنات وهاتف جوال وما يوفره من ارساليات قصيرة (SMS) وما تتضمنه هذه الارساليات من نكت وصور مضامينها منافية للأخلاق ومفسدة للذوق العام في بعض الأحيان.. كل هذا يتدخل في المرجعيات القديمة والتقليدية. كان في الماضي القدوة هو الأب والأستاذ.. لكن اليوم تغيرت الأشياء فأصبحت القدوة هي نماذج تخلقها ثقافة الكرة والثقافة العصرية الجديدة من كليات وغيرها.. فنحن لا نقول يجب أن نقبل هذا السلوك ولكن نقول كمربين وكباحثين في علم الاجتماع يجب أن نفهم هذا ونأخذه بعين الاعتبار بأساليب التنشئة أو بأساليب سطحية. مظاهر العنف اللفظي العنف اللفظي فضلا عن كونه يجسد لدى الشباب آلية لتميز الذات واثباتها فهو حقل خصب لتكريس العدوانية وهو سلوك يورد في سياقات مختلفة، حيث يبرر عدد من الشباب كثرة الكلام البذيء في حالة الفرح الشديد وقد رأى أحدهم انه يعبر بذلك النوع من السلوك المنافي للاخلاق الحميدة لأنه لا يمكن أن يسيطر على نفسه. وفي المقابل يرى شق آخر من الشباب أن العنف اللفظي لا مبرر له في مجتمعنا بالمقارنة مع ما تعانيه بعض المجتمعات من ضغوطات أكثر من مجتمعنا ولا تسمع في شوارعها ما نستمع اليه في شوارعنا يوميا. الحاجة تبدو ملحة للتدخل والاصلاح في ظل ما تشهده من استعمال للألفاظ العنيفة خاصة لدى الشباب الذي يعيش في عالم متغير سريع الحركة يتفاعل معه البعض من خلال التطبيع مع سلوك عدواني يتخذ من اللغة محملا له ويتجاهل قيم التسامح والتضامن والاعتدال والانفتاح التي تميز المجتمع التونسي منذ القدم. ففي نظر علم الاجتماع لا يجب أن ندعو للعقاب بل الى الحزم والتأطير والتوعية وهنالك أيضا أمر مشترك على مستوى الجمعيات وقوى المجتمع المدني المطالب بالقيام بدوره التحسيسي. ووسائل الاعلام تلعب دورا كبيرا عن طريق البرامج التوعوية والتخفيف من حدة بعض الاستعمالات اللغوية. فمثلما نتابع في بعض مباريات كرة القدم أو في المباريات الرياضية تستعمل مصطلحات وكأننا في حالة حرب وبطبيعة الحال فالشباب يتأثر بتلك الأجواء المشحونة. وتتطلب مقاومة العنف اللفظي اذن جهدا جماعيا يقدر اسلوب الوعظ والارشاد بمقاربات تشاركية تتخذ من الحوار والاصغاء الى الشباب مبدأ له.