لقد شغل الحراك السياسي في بلادنا كل مكونات النسيج الاجتماعي حيث تداخلت الادوار واضحت تتشابه . فكان اتخاذ او تبني مواقف سياسية السمة البارزة لعمل مختلف الأطراف من احزاب سياسية و مستقلين ومنظمات و جمعيات حتى إن البعض قد ذهب الى القول بان بعض منظمات المجتمع المدني هي امتداد لأحزاب سياسية معينة لتبنيها لتوجهاتها بل وللدعوة والعمل من اجل نشرها في الشارع التونسي، فيما ذهب البعض الآخر الى عدم صحة ما قيل مؤكدا على استقلالية المنظمات. اما الطرف الثالث فقد اكد على ضرورة الاستئناس بارائها (المنظمات والجمعيات) حتى وان كانت سياسية اومتوافقة مع ما دعت اليه بعض الاحزاب. و بين هذا وذاك سالت «الاسبوعي» ممثيلين عن احزاب ومنظمات حول ما اثير من اراء و مواقف تهم توجه و عمل المنظمات بين السياسة و عملها المنظماتي و الجمعياتي العادي المعلوم فكانت هذه آراؤهم . مواقف تترجم طموحات المنخرطين. يقول الامين العام لحركة التجديد احمد ابراهيم :»لطالما اكدنا في حركة التجديد احترامنا لإستقلالية الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني في تونس في فترة ما قبل 14 جانفي و بعدها ، ونعتقد انه لا يمكن حرمانها من حقها في اتخاذ مواقف تتماشى وتوجهاتها السياسية المرتبطة اساسا باختصاصها كمنظمة (كانتهاج منظمة تهتم بانتهاكات حقوق الانسان اوبالتعذيب او بالمرأة توجها وتبني مواقف سياسية تستجيب لاهدافها) دون ان يكون هناك تداخل في الادوار بينها وبين الاحزاب . ومن حقها كذلك ان تكون لها كلمة اوراي اوموقف يترجم طموحات منخرطيها الذين بدورهم ينتمون لتيارات سياسية مختلفة.» ويتابع الامين العام لحركة التجديد حديثه قائلا :»اعتقد ان الاهداف الانية التي تعنينا في تونس بدرجة اولى هي بناء جمهورية و نظام ديمقراطي وباعتبارها جزء هام من النسيج الاجتماعي في بلادنا علينا جميعا ان نتعاون (كل مكونات المجتمع المدني) من احزاب و منظمات و جمعيات و مستقلين حتى نبني نظاما ديمقراطيا توافقيا يستجيب لتطلعات كل الاطراف وللشعب التونسي .». التاثير في السلطة وليس الحصول عليها من جهتها تقول سعيدة قراش عضو جمعية النساء الديمقراطيات عند حديثها عن هذا الموضوع"في البداية لابد من الاشارة الى ان العديد من المناضلين و المناضلات قد اختاروا العمل في صلب الجمعيات متبنين بذلك توجهات فكرية معينة . لقد كان عمل المنظمات و الجمعيات في عهد بن علي بشكل استثنائي اذ ساندته سابقا اكثر من العمل في اختصاصها حتى انتقاداتها للعديد من القرارات او التوجهات في تلك الفترة قد جعلتها في بعض الاحيان في صف المعارضة حيث اثقلت بذلك بالهاجس السياسي؛ لكن بعد سقوط هذا النظام لابد لها من العودة الى العمل بشكل عادي و طبيعي لأن البلاد في حاجة إليها في هذا الظرف بالذات و الاستعانة بخبرتها في كيفية ادارة النقاشات في مجالات اختصاصها و بقربها من المواطن والاهم من هذا وذاك فهي تسعى الى التاثير في السلطة عبرمراقبتها و تنبيهها وليس الحصول على السلطة ." وعن دور منظمات النساء الديمقراطيات في فترة ما قبل الثورة اضافت محدثتنا :"لقد عرفتنا الجماهير في مرحلة صعبة قاومنا خلالها بن علي ودافعنا عن المرأة المضطهدة في كل شبر من هذا الوطن بل و تبنينا قضاياها واظن ان الشارع التونسي يعي جيدا من كان بجانبه ايام الازمات وهو ما عجزت عن فعله عديد الاحزاب السياسية في تلك الفترة." التمييز بين الحزب و المنظمة كما اكد محمد عبو المحامي والناشط السياسي واحد اعضاء حزب المؤتمر من اجل الجمهورية ضرورة معرفة حدود العمل السياسي اذ قال :» في البداية علينا ان نعي جيدا متى يبدا العمل السياسي ومتى ينتهي مع التمييز بين الحزب و الجمعية او المنظمة لأن لكل هيكل خصوصياته و ما يميزه عن الآخر..يكمن دور الجمعيات و المنظمات اساسا في اقتراح قوانين حتى وإن كان لها بعد سياسي - لتنظيم قطاع ما.»و يتابع الاستاذ عبو حديثه قائلا :"قبل 14 جانفي كانت بعض الجمعيات والمنظمات تمارس في نشاط حزبي معين لكن وبعد الثورة وجب عليها ان تحسم المسالة بخصوص توجهها لأن الحزب حزب والجمعية جمعية." لقد قامت الجمعيات والمنظمات ولا تزال بعمل جبارإبان الثورة اذ كانت من بين المكونات الاساسية والقوية التي لعبت دورا فعالا في توجيه الراي العام و في الدفاع عن آراء منخرطيها ومؤيديها حيث تبنت العديد من المواقف السياسية وهو ما اعتبره البعض توجها منافيا لعملها العادي والطبيعي، لكن الظرف الذي تعيشه بلادنا يحتم وجود توافق على اهم المسائل الكبرى بين كل مكونات المجتمع المدني من احزاب و منظمات و جمعيات و مستقلين لأن مصلحة تونس تقتضي التفاف الجميع مع التنصيص على عدم تداخل الأدوار بين هذه الاطراف.