يبدو أن تعيين وزير الداخلية الجديد لن يمر هذه المرة أيضا مرور الكرام وقد يكون خلال الأيام القادمة وجبة سياسية دسمة تتلاقفها الأفواه والنخب وصفحات الفايس بوك على غرار ما حصل خلال تعينات حكومة الغنوشي السابقة لعدد من الوزراء والولاة وكانت السبب المباشر في سحب الثقة من الحكومة وعودة الإعتصامات لساحة القصبة. فبمجرد الإعلان عن قرار تعيين وزير الداخلية الجديد الحبيب الصيد عوضا عن فرحات الراجحي في بلاغ أوردته وكالة تونس افريقيا للأنباء -دون أي إشارة لأسباب هذا التحوير ودوافعه- تناقل الناشطون على الموقع الاجتماعي "الفايس بوك" جملة من التعاليق بشأن هذا التحوير وتوقيته والذي مس وزارة سيادة ذات أهمية بالغة في مرحلة حساسة من مسار الثورة التونسية يبحث فيها الجميع عن استتباب الأمن تمهيدا للاستحقاقات السياسية المقبلة المحددة لمستقبل البلاد. "الفايسبوك" مرة أخرى ولعل غياب المعلومة الكاملة والإيضاحات حول دواعي اتخاذ قرار بتعيين وزير الداخلية في هذا الظرف وفي هذا التوقيت بالذات، ما دفع بشباب الفايسبوك على غرار المرات السابقة التي أثارت فيها بعض التعينات جدلا واسعا - إلى النبش في السيرة الذاتية للوزير الجديد والخروج باستنتاجات تناقلها كثيرون على صفحاتهم. وركزت التعاليق المتداولة على المناصب التي تقلدها سابقا الوزير الجديد في عهد الرئيس المخلوع كرئاسته لديوان وزير الداخلية بين سنتي 97 و2000 واشرافه على دائرة الأمن التابعة لرئاسة الوزراء. وعلق البعض على ذلك بعودة جديدة للنظام البوليسي والقبضة الأمنية حماية لمصالح البعض لا سيما وأن معطيات أخرى متداولة تشير إلى علاقة سابقة بين الوزير الجديد وأحد أشقاء زوجة الرئيس المخلوع. وتحدثت تعاليق أخرى عن وجود علاقة بين قرار إقالة فرحات الراجحي وبين صدور الحكم النهائي بحل التجمع يوم أمس، لا سيما وأن الحكم الصادر في التاسع من الشهر الجاري القاضى بحل التجمع جاء بناء على طلب كان تقدم به وزير الداخلية المقال تعاط جاف ومهما تكن حقيقة ما تم تداوله حول التحوير وتوقيته تجدر الإشارة إلى أن التعاطي الرسمي مع وسائل الاعلام بخصوص هذا التعيين لم يرق إلى المستوى المطلوب في مرحلة جديدة وحساسة يتطلع فيها الإعلام للاضطلاع بدور في إنارة الرأي العام حول قضاياه وينتظر فيه الإعلاميون ومن خلفهم المواطنون إلى المعلومة الكاملة والواضحة من مصدرها خاصة إذا ما تعلق الأمر بأهم مشغل اليوم للتونسيين ألا وهو الوضع الأمني في البلاد ورمزه الأساسي وزارة الداخلية. وكان الأجدر أن يقدم قرار بهذا الحجم بصيغة مخالفة لتلك التي قدم بها ( بلاغ جاف في وكالة الأنباء الرسمية دون إشارة لحيثيات ومقتضيات القرار ) كأن تعقد ندوة صحفية للغرض أو يوفر المكلفون بالإعلام المعطيات الضرورية للصحفيين دون ذلك فالتعاطي الجاف مع المعلومة لا يمكن من القطع مع مخلفات الماضى وقد يفتح الباب لمزايدات وتأويلات لا تخدم مصلحة أحد.