آسيا العتروس كم كنا نتمنى لو أن احياء ذكرى يوم الارض جسد مناسبة لاعلان تحقيق المصالحة الفلسطينية التي تأبى أن تتحقق، وكم كنا نتمنى لو أن هذا اليوم كان موعدا تتجه فيه الفصائل الفلسطينية المتناحرة من غزة المحاصرة الى رام اللهالمحتلة لاعادة الحسابات المؤجلة وتجاوزالخلافات التي توشك أن تدفع بالشعب الفلسطيني الذي ضاق بها ذرعا الى التمرد وانقاذ ما يمكن انقاذه من ملفات القضية التي تاهت بين الاخوة الاعداء وهم الذين يبدو أنهم تناسوا في غمرة الصراع على السلطة الوهمية أن ما بقي من أرض فلسطين المقسمة الى كانتونات مرجح أكثرمن أي وقت لتتحول الى مستوطنات جديدة لجيوش المستوطنين اليهود المتسللين اليها... بين 30 مارس 1976 وبين 30 مارس 2011 تعود الذكرى الخامسة والثلاثين ليوم الارض لتحمل في طياتها أكثر من رسالة لاكثر من طرف وتؤكد أن ما بقي من الارض التي تجسد الحلم الفلسطيني توشك أن تتلاشى نهائيا أمام استمرار الجشع الاسرائيلي وعمليات المصادرة المستمرة للاراضي والبيوت والمقدسات الفلسطينية كل ذلك طبعا فيما يستمر المشهد الفلسطيني المعطل في تقديم كل التبريرات التي يحتاجها أو لا يحتاجها الاحتلال للمضي قدما في ممارسة سياساته الاحتلالية التوسعية... الحرب المعلنة بالامس في رحاب الكنيست الاسرائيلي بحرمان فلسطيني الداخل او عرب 48 من الجنسية ليست سوى حملة لاقتلاعهم من جذورهم ودفعهم الى الهجرة القسرية وهم الذين تمسكوا بالبقاء على أرض فلسطين التاريخية ورفضوا الخروج من بيوتهم بعد النكبة ليظلوا بمثابة الشوكة في حلق اسرائيل... والمثير ان هذا القانون الذي تقدم به الحزب القومي المتطرف بزعامة افيغدور ليبرمان القادم من الاراضي الروسية النائية والذي تعهد" بقمع أي مواطن ينحازالى العدو" لا يحتمل أكثر من قراءة وهي أنه يتعين على فلسطيني الداخل وهم الذين يمثلون جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني المحتل أن يختاروا بين التنكر نهائيا لجذورهم وهويتهم وانتمائهم التاريخي والحضاري والانساني وبين الحصول على الجنسية الاسرائيلية على اعتبار أنهم مواطنون اسرائيليون مطالبون بالالتزام بغض النظر نهائيا عن مختلف انتهاكات الاحتلال وعدم مجاهرة مواقفهم الرافضة للاستيطان بل والتحول الى أبواق دعاية لفائدة "الديموقراطية الاسرائيلية". مرة أخرى اذن اختارت اسرائيل توجه انظار العالم الى التحولات المتسارعة التي فرضتها رياح التغيير على العالم العربي وانصراف اهتمامات اغلب وسائل الاعلام الى المعركة المستمرة في ليبيا لفرض الامر الواقع على فلسطينيي الداخل والسعي باسم القانون الى مصادرة أحد حقوقهم الاساسية في حرية الرأي والتعبير. والواقع ان هذا القانون أو هذا الشرط التعجيزي ليس سوى حلقة اضافية من حلقات الابتزاز والمساومات المستمرة التي تسعى لتضييق الخناق حول أكثر من مليون ونصف فلسطيني ودفعهم الى الاختيار بين البقاء تحت راية اسرائيل والقبول بممارساتها العنصرية أو الهجرة دون رجعة. والحقيقة انه بعد قانون عزمي بشارة وبعد قرارالكنيست تسليط العقاب على كل من يلجأ الى استخدام عبارة النكبة أويعمد الى احياء هذه الذكرى فان كل التبريرات مهما كانت وهمية تبقى قائمة من أجل استكمال ما كانت سلطات الاحتلال المتعاقبة بدأته قبل اكثر من ستة عقود من أجل اقامة مشروع اسرائيل الكبرى... ولعله من المهم الاشارة في هذه الذكرى، أن هناك على ما بقي من أرض فلسطين شعبا صامدا كان ولايزال يثير اعجاب شعوب العالم بقدرته على الصبر والاحتمال ولكن ايضا بقدرته على النضال من اجل الحرية والكرامة بما يعني أن الكلمة الفصل في نهاية المطاف ستعود الى الشعب الفلسطيني ليقرر وحده المصير النهائي لقضيته التاريخية...