سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«لا ندعو إلى تصدير «النموذج الموريتاني»... ولكل بلد ظروفه» لا بد من توفر شروط عديدة لنجاح الانتخابات التعددية الرئيس الموريتاني السابق ولد محمد الفال ل«الصباح»:
الرئيس الموريتاني السابق العقيد علي ولد محمد الفال الذي قاد انقلاب الإطاحة بالعقيد معاوية ولد الطايع يبدو على غرار جل الموريتانيين أسمر ونحيف ومتواضع جدا.. كان من ضيوف الشرف وأبرز المتحدثين في المؤتمر الثاني للديموقراطية والإصلاح الذي نظم في الدوحة مطلع الأسبوع بحضور حوالي 400 شخصية إعلامية وسياسية وحقوقية عربية.. كان من بينهم الماريشال سوار الذهب رئيس السودان سابقا الذي قاد انقلاب الاطاحة بالماريشال جعفر النميري وانسحب من الحكم بعد عام واحد مباشرة بعد تنظيم الانتخابات العامة.. على هامش مؤتمر الدوحة كان هذا الحوار مع العقيد ولد محمد الفال: * سيادة الرئيس قدتم تحركا عسكريا أدى إلى تغيير على رأس هرم السلطة وإقالة الرئيس معاوية ولد الطايع الذي حكم البلاد أكثرمن عشرين عاما.. وعوض أن تبقوا في الحكم غادرتموه طواعية بعد انتخابات بلدية وبرلمانية ثم رئاسية تعددية.. هل أنتم راضون عن هذا المسار أم أجبرتم عليه؟ - الشعب الموريتاني شعب مثقف سياسيا..وكان يتطلع إلى التغيير..والجيش قام بواجبه وتدخل لوضع حد للأخطاء السياسية والاقتصادية وملفات الفساد التي تراكمت.. وبعد أن نفذنا كلجنة عسكرية ما تعهدنا به إلى الشعب ونظمنا انتخابات بلدية وبرلمانية تعددية ناجحة أكملنا المشوار فنظمنا انتخابات تعددية رئاسية.. انسحبنا بعدها من المواقع القيادية العليا.. والرئيس الجديد رئيس منتخب يمثل كامل الشعب الموريتاني وكل المواطنين وأنا واحد منهم.. ويسرني خدمة بلدي بصفة مواطن.. بعد أن خدمتها ضابطا ثم رئيس دولة مؤقت.. الجيش بنى الديموقراطية في أمريكا وفرنسا * لكن بعض خصومكم قد يشككون في جدية المسار الذي قدمتوه.. فهل يمكن لقادة العسكر أن يبنوا مسارا ديموقراطيا عبر الانقلاب؟ - التاريخ علمنا أن أكبر الديموقراطيات بناها عسكريون.. فباني الولاياتالمتحدة وهي أكبر ديموقراطية هو الجنرال جورج واشنطن.. والامبراطور نابليون باني فرنسا الحديثة عسكري.. والجنرال ديغول باني الجمهورية الخامسة عسكري..ولا تسل عن دور الجيش في بناء الديموقراطية في بريطانيا وغيرها.. والمهم أن الشعب نجح في تنظيم انتخابات ذات مصداقية على المستوى المحلي (الانتخابات البلدية) والوطني (التشريعية والرئاسية).. وأنا متفائل بمستقبل بلدي.. بعد انسحابي ورفاقي العسكريين من اعلى هرم السلطة..لصالح القيادة الجديدة المنتخبة.. انقلابات جديدة؟ * لكن التجربة بينت في السودان مثلا أن انسحاب قائد انقلاب عام 1986 الماريشال سوار الذهب بعد عام من الحكم بعد انتخابات ديموقراطية (أفرزت حكومة الصادق المهدي) لم يؤد إلى بناء ديموقراطية.. بل وقع انقلاب جديد في 1988؟؟ - لا أريد أن أخوض في تجارب الآخرين.. وإني أرجح أن تستقر الاوضاع نهائيا في بلدي موريتانيا وأن يولي عهد الانقلابات نهائيا.. مع الاشارة إلى أن تاريخ البلدان الاوروبية الديموقراطية شهد انتكاسات استؤنفت بعدها الحياة الديموقراطية.. ويكفي أن تستحضرتاريخ فرنسا بين الثورة الفرنسية إذ عادت الديكتاتورية في القرن ال19 ثم هزمت مجددا.. وحصل نفس الشيء في ايطاليا الفاشية والمانيا النازية إذ تراجعت الديموقراطية ثم انتصرت مجددا.. والعسكر ساهم في الانتصار للخيار الديموقراطي وليس العكس.. النموذج الموريتاني؟؟ * ما هي رسالتكم من وراء خطوتكم؟ هل تريدون الترويج إلى " نموذج مويتاني " في التغيير السياسي السلمي؟ - لا.. ليس لدينا أية نية لترويج "النموذج الموريتاني".. لكل بلد اختياراته وظروفه.. ولكل شعب حقه في اختيار الشكل الأنسب لتجسيم التعددية والديموقراطية واحترام حقوق الانسان وتكريس أولوياته التنموية.. موريتانيا اختارت منهجا في التغيير والاصلاح ومحاربة الفساد.. ولكل بلد أن يختار ما يراه أنسب لشعبه عاجلا وآجلا.. ونحن نحترم الدول في اختياراتها.. حسب أولوياتها وروزنامتها.. إعادة الترشح للانتخابات هناك من اعتبر أن انسحابكم من السلطة مرتبط بخلافات داخل القيادة العسكرية المؤقتة.. وأنه استثمار لحملة انتخابية رئاسية قادمة قد تشاركون فيها بصفتكم مرشحا مجددا لمنصب الرئاسة لكن بلباس مدني.. بعد أن يلاقي الفريق الحالي صعوبات اقتصادية وسياسية جديدة؟ ليس لي حاليا أية نية لاعادة الترشح للرئاسة أو لغيرها.. هناك رئيس دولة منتخب.. وأدعو المواطنين إلى التفاعل معه ايجابا خدمة لمصالحنا الوطنية.. أنا قمت بواجب وطني مع ثلة من رفاقي في قيادة الجيش.. والمؤسسات السياسية والعسكرية تقوم حاليا بدورها تحت إمرة الرئيس المنتخب ديموقراطيا.. وأنا مع الجميع في خدمة بلدي.. وأكرر أنا أستبعد إنتكاسة المسار التعددي الديموقراطي في بلدي لأننا وفرنا له شروطا عددية منها معالجة قضايا الحريات وتلبية مطلب تحرير الحياة السياسية عبر التدرج.. بدءا بالانتخابات البلدية فالتشريعية قبل أن تنظم الانتخابات الرئاسية.. وقد سبقت كل عمليات التصويت الحر والاقتراع العام عملية تحرير وسائل الاعلام وتدريب الشعب على الحوار وقبول الرأي المخالف والانفتاح على وجهات نظر ممثلي كل التيارات والاحزاب.. تغيير الدستور * لكن بعض خصومكم يعتبرون أن الانفتاح خلال المرحلة الانتقالية كان مشروطا.. لأنه لم يشمل بعض الاطراف السياسية والحزبية؟ - الترخيص لحزب يعتمد أساسا على الدين يستوجب تعديلا للدستور.. لكن كل السياسيين بمن فيهم الذين لهم مرجعيات دينية ينشطون في قيادة مختلف الأحزاب.. وقد عارضت القيادة الانتقالية الاعتراف باحزاب دينية تلعب على القاسم المشترك للشعب الموريتاني وهو هويته الدينية.. والرئيس الجديد حر في اختياراته وتوجهاته.. * هل يعني انسحابكم من رئاسة الدولة انسحاب الجيش من الحكم ومن الحياة السياسية رغم بقاء الكثير من أعضادكم السابقين في مواقعهم؟ - العسكريون الذين لم يبلغوا سن التقاعد باقون في مواقعهم.. لكن المؤسسة العسكرية لا تقوم حاليا بدور سياسي.. فتلك من مشمولات الهيئات المنتخبة من البرلمان الى رئيس الجمهورية المنتخب بشفافية في الدورة الثانية.. بعد حملات انتخابية شهد الجميع بنزاهتها داخليا وعربيا وإقليميا ودوليا.. فشل النموذج العراقي * هل تعتبرون أن الديموقراطية يمكن أن تنجح في العالم العربي رغم فشلها في العراق وتعثرها في فلسطين ومصر؟ - نعم يمكن أن تنجح.. ليس هناك شعب في العالم محكوم عليه بالاقصاء والفشل ورفض الحريات العامة والفردية.. كل شعوب الدنيا بما فيها الشعب العربي تتطلع الى الاصلاح والديموقراطية والتعددية والتداول السلمي على السلطة والشفافية في التسيير.. ومن باب العنصرية الزعم بكون الشعوب العربية والاسلامية لا يمكن أن تنجح فيها الديموقراطية والتعددية.. وما حصل في العراق وفلسطين من مشاكل له أسباب أخرى وليس حرية الإعلام وتنظيم الانتخابات التعددية.. وإذا توفرت شروط تنظيم الانتخابات الشفافة والنزيهة ومنها تطوير الدساتير والقوانين وضمان حق التعبير والتجمع ومراقبة المستقلين للانتخابات فإن الديموقراطية مسار يمكن أن ينجح في كل دول العالم بما فيها الدول العربية.. وحرية التعبير والانتخاب ستساعد على تحقيق التنمية السياسية والاقتصادية وعلى تسوية المشاكل التنموية. فلا تنمية بدون ديموقراطية.. ودون شفافية سياسية واعلامية.. حاوره: كمال بن يونس