وتوفّي - رحمه اللّه - بتاريخ 15 أفريل 1985 ما يعني أنّ مائة سنة كاملة قد مرّت اليوم على مولده ... انّه الصّحفي الكبير بل عميد الصّحفيّين التّونسيّين الأستاذ الهادي العبيدي ، أحد «جماعة تحت السّور» الّذي جمع بين صفة الصّحفي والفنّان والشّاعر. مسيرته الصّحفيّة انطلقت تحديدا سنة 1927 من خلال جريدة «الصّواب» ثمّ تواصلت من خلال عديد الصّحف التّونسيّة الأخرى الّتي كانت تصدر في تلك الفترة مثل «الزّمان» و «السّرور» و«السّردوك» و«الوطن» و«الحياة» و«الزّهرة» و«الثّريّا» و«الأسبوع» ... لينتهي به المطاف رئيسا لتحرير جريدة «الصّباح» منذ صدور أوّل عدد منها بتاريخ فيفري 1951 وقد ظلّ في رتبته تلك الى آخر يوم في حياته... والمرحوم الهادي العبيدي لم يكن - فقط - ذلك الاعلامي اللاّمع صاحب الأسلوب الشيّق في الكتابة الصّحفيّة ولكن أيضا رجل الثّقافة بالمعنى الشّامل والعميق للكلمة فهو أحد مثقّفي «جماعة تحت السّور» ... أي أحد أولئك الأدباء والفنّانين والشّعراء والموسيقيّين الّذين طبعوا الحياة الثّقافيّة والابداعيّة التّونسيّة في فترة ثلاثينات القرن الماضي وما تلاها بطابع انتاجاتهم في مختلف مجالات الفنون والابداع (أدب وشعر ومسرح وأغنية وموسيقى...( على أنّ ما يلفت الانتباه أكثر في مسيرة عميد الصّحفيّين التّونسيّين الأستاذ الهادي العبيدي أنّه من الرّموز الثّقافيّة البارزة الّذين أخذوا من كلّ شيء بطرف - بالمعنى العميق للكلمة وليس بمعنى السّطحيّة - ... فمساهماته التّاريخيّة - نعم التّاريخيّة - نظرا لأهميّتة دورها في التّأسيس للحركة الثّقافيّة والابداعيّة في تونس تتجاوز حدود الحقل الاعلامي ( الصّحفي) لتطال مختلف المجالات الفنيّة والابداعيّة ... فالهادي العبيدي - رحمه اللّه - كان أيضا - والى جانب كونه صحفيّا كبيرا ولامعا - أحد مؤسّسي «الرّشيديّة» ستة 1934 كما أنّه هو من أشرف - أيضا - على تأسيس وبعث أوّل اذاعة عربيّة في تونس ... هذا فضلا عن تعدّد ألوان ابداعاته (مسرح وشعر وأدب وصحافة ( ولعلّ من أعذب شعره الغنائي تلك الأغنية الجميلة بالعاميّة المهذّبة عن الأمّ الّتي كتبها وغنّتها الفنّانة نعمة والّتي يقول مطلعها: محلاها كلمة في فمّي ... كي نادي ونقول يا أمّي ... الى أن يقول : محلاها وما ألطفها كلمة ... تجمعت فيها معاني عظمى ... فيها الحبّ وفيها الرّحمة ... وفيها اللّي يجلّيلي همّي ... كي نادي ونقول يا أمّي ...