بعد أن أجاب البوليس الدولي "الانتروبول" منذ أيام السلطات القضائية التونسية رسميا بإدراج الرئيس المخلوع زين العابدين بن حمدة بن علي ضمن قائمة المطلوبين دوليا إثر توجيه احد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس مراسلة إلى الانتربول متعلقة باتهام بن علي بالتورط في جرائم قتل... وبعد إعلان وزير العدل الأزهر القروي الشابي انه تم رفع ثماني عشرة دعوى قضائية ضد الرئيس السابق تشمل اتهامات بالقتل العمد والتآمر ضد امن الدولة واستخدام المخدرات وتهريبها.انطلقت السلطات التونسية في القيام بإجراءات للمطالبة بترحيل بن علي من السعودية التي لجأ إليها مساء يوم 14 جانفي الماضي. وكانت الشرطة الدولية أعلنت قبل ذلك ان مكتبها في تونس أصدر بلاغا دوليا موجها إلى الدول الأعضاء ال 188 بغية تحديد موقع الرئيس التونسي المخلوع وتوقيفه مع ستة من أقربائه بينهم زوجته ليلى بنت محمد بن رحومة الطرابلسي ومحمد فهد صخر بن منصف بن محمد حفيظ الماطري و بلحسن ولد محمد بن رحومة الطرابلسي.. وكان القضاء التونسي أصدر في البداية مذكرة جلب دولية بحق الرئيس المخلوع الذي لجأ إلى السعودية وزوجته ليلى الطرابلسي بتهمة "اقتناء أشياء حسية منقولة وحقوق عقارية موجودة بالخارج" بطريقة غير قانونية و"مسك وتصدير عملة اجنبية بصفة غير قانونية". وهي تهم اعتبرت بسيطة ويمكن حلها عبر الصلح مع القمارق.
تحركات «الانتربول»
وبعد هذه الاجراءات الأولية، ينتظر أن تنطلق المنظمة في اتخاذ الاجراءات اللازمة تتمثل في إذاعة بحث على الصعيد الدولي عن المجرمين الفارين واصدار الأمين العام للمنظمة مذكرة فردية ذات شارة حمراء، تعمم على جميع المكاتب الوطنية للشرطة الجنائية الدولية في بلدان العالم. ويطلب فيها أولا التحري عن المجرمين المطلوبين، وإلقاء القبض عليهم، وتوقيفهم احتياطياً. ويذكر أن المنظمة تنشر في كل شهر جدولاً يحتوي على المذكرات الخاصة بالأشخاص المطلوبين، وفي الحالات الاستثنائية الطارئة، تستعمل شبكة البث السلكي أو اللاسلكي أو البريد الإلكتروني التي تربط قيادة المنظمة بالمكاتب الوطنية في دول العالم، لإذاعة البحث عن هؤلاء الأشخاص. وحسب أعراف "الانتربول" يجب على الدولة المستردة (تونس في هذه الحال) أن تتقيد بمحاكمة الشخص المسترد عن الجريمة التي طلب استرداده من أجلها، ولا يجوز لها توجيه اتهام إليه أو محاكمته أو حبسه تنفيذاً لعقوبة محكوم بها عن جريمة أخرى غير الجريمة التي سلم من أجلها، والجرائم المرتبطة بها، أو الجرائم التي ارتكبها بعد التسليم.
الحصانة
وبخصوص الحصانات التي أحاط بها بن علي نفسه عندما عدل البند 41 من الدستور، والتي يُفلت بموجبها رئيس الدولة من أية محاسبة بعد نهاية مهامه على رأس الدولة، فان خبراء القانون اعتبروها باطلة، لأنها منافية لمنطق القانون الدستوري ولروح المواثيق والإتفاقات الدولية ذات الصلة.كما أن العمل بالدستور ابطل وبموجب البند 41 المعدل من الدستور "يتمتع رئيس الجمهورية أثناء ممارسة مهامه بحصانة قضائية، كما يستفيد من هذه الحصانة القضائية بعد انتهاء مباشرته لمهامه بالنسبة للأعمال التي قام بها بمناسبة أدائه لمهامه".
جرائم ضد الانسانية
وبعد اجابة الانتربول بالموافقة على جلب بن علي بتهمة "القتل" ذكر الأستاذ عبد المجيد العبدلي أستاذ القانون وإخصائي العلاقات الدولية ل"الصباح" أن احتمالات إحالة الرئيس "الفار" بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وارد مع صعوبة محاكمة بن علي دوليا من الناحية القانونية باعتبار ان هذه المحكمة تفترض تدخل مجلس الأمن على غرار ما تم مع الرئيس السوداني عمر البشير.وهو ما يتطلب تصويت مجلس الأمن على قرار يقر بان بن علي يهدد السلم والأمن..وهذا التوجه يبقى صعبا مبدئيا. وأضاف الدكتور العبدلي أن إحالة بن علي أمام القضاء التونسي ممكنة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية نظرا لعدد القتلى الذين ذهبوا ضحية أوامره خلال الثورة وحتى طيلة سنوات حكمه مشيرا أن الأممالمتحدة تبنت سنة 1968 معاهدة تنص على عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وعدم سقوطها بمرور الزمن. وقد صادقت تونس على هذه المعاهدة في 10 مارس 1972.واضاف ان في الجرائم ضد الإنسانية لا وجود لحصانة مهما كان نوعها.وقد اعطت المحكمة اليوغسلافية سنة 2005 تعريفا للجريمة ضد الإنسانية وهي قتل ولو شخص واحد بشرط توفر القصد الجنائي..وبالنظر إلى تاريخ بن علي وحاضره القريب وخاصة ما جرى خلال ثورة تونس المجيدة بتأكد ارتكابه لجرائم قتل عديدة وبالتالي فان أركان الجريمة متوفرة.