لا ادري لماذا تحصر النساء خوفهن على مكتسبات المرأة في نقاشاتهن العلنية والخفية من السماح للرجل بالزواج بأكثر من واحدة او فرض النقاب عليها أو بحرمانها من حقها في العمل بإرجاعها - كما نادى بعض المتزمتين في بداية الثورة - إلى المطبخ وتخصيص محصلها العلمي و شهائدها لتربية أبنائها ( وكأنها لا تفعل هذا) لتكسير شوكتها ، في حين ان هذه ليست من أفضل مكتسبات المرأة أو أنها هي التي تواجه مخاطر التراجع فيها بعد الثورة أكثر من غيرها . ان التونسية التي رجعت بعد مشاركتها في الثورة للعمل في الحقول والمصانع والمعاهد والمدارس والإدارات تكد وتناضل لتعود إلى المنزل لتجتهد في تدريس أبنائها وهم اليوم يستعدون إلى امتحانات آخر السنة ،لا تعرف بالضبط صعوبة المرحلة والتحديات التي ستواجهها؟ ومطالبة بعض النساء ب « المساواة الكاملة و الفعلية بين النساء و الرجال دون تحفّظ و تمييز سواء على مستوى التشريعات أو على مستوى آليات المراقبة. - مناهضة كل أشكال التمييز بين الجنسين - إقرار مبدإ التناصف بين النساء و الرجال في كل الهيئات المنتخبة - مناهضة كل أشكال العنف المادي والمعنوي ضدّ النساء و توفير كل الإجراءات الحمائية لهنّ. - حق النساء في العمل و الأجر المتساوي مع الرجال بعيدا عن كل مساومة - لا مساومة على حرّية المرأة سواء كان ذلك بالمنطق السياسي أو الديني أو الأخلاقي» قد لا يعني للأغلبية سواء في العاصمة او داخل الجمهورية -رغم أهميته- شيئا وقد لا تفهم بعضهن المقصود به أصلا . فالتونسية اليوم ترفض التفكير في إمكانية ان يتزوج عليها زوجها وترى « ان هذا لا يمكن أن يحدث إلا للأخرى اما هي فلا « وهنا تكمن خطورة الوضع كما أنها تتصور أنها ستبقى حرة في اختيار الحجاب او النقاب من عدمه او انها ستخلعه عندما تريد - كما ارتدته - وان الأمر سيعود لها دائما في ان تعمل او تبقى في المنزل . والمرأة التونسية العادية تشعر بهذا لأنها لا تعرف بالضبط مكتسباتها ولا تؤمن بان الجدات والأمهات عانين في سبيل التخلص من ظلم الزواج بالإكراه الذي كان منتشرا والزواج العرفي والتعدد والطلاق بإرادة منفردة من الزوج. وفتياتنا اليوم لا تعرفن ما كان يعنيه ان يفرض على الفتاة عقد زواج مع رجل لا تعرفه ولا ترضاه ولعلهن لا تعرفن من بنود مجلة الأحوال الشخصية إلا إقرار سن دنيا للزواج و إلغاء الزواج العرفي وإلغاء تعدد الزوجات، وتقنين الطلاق. لعلهن لا تعرفن ان هذه المجلة تمكنهن من حق موافقة الأم على زواج أبنائها القصر ، وعلى صندوق للنفقة يحميها من الرجوع ذليلة إلى منزل والدها بأبنائها الذين قد لا تقبلهم العائلة ويرفض الجد والخال إعالتهم، ومن حق تحديد النسل والإجهاض إذا رأت أن صحتها وظروف زوجها وعائلتها الاقتصادية لا تسمح لها بمزيد من الأطفال. وقد لا تعرف المرأة اليوم ان هذه المجلة التي يشكك فيها البعض والتي ترى بعض النساء أنهن غير معنيات بما فيها أنها تضمن لهن إسناد لقب عائلي للأولاد المهملين أو مجهولي النسب و بنقل جنسية الأم التونسية المتزوجة من غير تونسي لأولادها وأنها تجرّم العنف ضد المرأة . ولعلهن لا تعرفن أيضا ان المجلة ضمنت للتونسية الحاضنة لأبنائها إحالة المنح العائلية وللزوجة نظام الملكية المشتركة وحق إبرام العقود والصفقات والتصرف بالممتلكات دون تدخل الزوج، وهو ما اعتبره شخصيا وفي الوقت الحالي أهم بكثير من المشاركة السياسية وإدماج المرأة في التخطيط التنموي. أليس ضياع هذه المكتسبات اخطر بكثير من القضايا المغلوطة التي تطرح اليوم. أرجوك سيدتي ان ضياع حقك في طلب الطلاق اخطر من زواج زوجك بثلاث. علياء بن نحيلة