اتصلت "الصباح" من الاستاذ عبد الحميد العابد المحامي لدى التعقيب بتوضيحات في ما يلي نصها: "يشرّفني أن أكتب إلى عنايتكم فيما يتعلق بمقال/خبر نشر يوم 27 أفريل 2011 بجريدة "الصبّاح" الغرّاء، يحتاج إلى التصحيح والتقويم حفاظا على حدّ أدنى من المعرفة القانونية التي تقف جريدة "الصباح" موقفا رياديا فيها إلى حدّ التاريخ. فتحت عنوان "بعدما أثارت أناقة عماد الطرابلسي خلال المحاكمة جدلا، محاميان: قوانين السجون والايقاف تحجر مثل هذا اللباس"، نشرت "الصباح" أنها اتصلت بالزميل المحترم الاستاذ خالد المزوغي، المحامي المتمرن، الذي يبدو أنه صرّح لمندوب الجريدة بما يلي: "...أما عن النقطة الثانية وهي حضور عماد الطرابلسي ببذلة أنيقة مع ربطة عنق فإن هذه الاناقة وإن رأى أغلب الشعب التونسي أنها استفزاز لمشاعرهم خاصة لما نالهم من غطرسة آل الطرابلسية وحاشيتهم فإن ما يثير استغرابي كرجل قانون هو أن أي متهم لا يحق له أن يلبس لباسا من شأنه أن يضر نفسه كالحزام وربطة العنق وأربطة الاحذية خاصة وأنها قد تستعمل للانتحار عن طريق الخنق لذلك فإن قوانين السجون والايقاف تحجر أن يرتدي الموقوف مثل ذلك اللباس وهذا الاجراء لم يقع تطبيقه مع عماد الطرابلسي". كما نشرت «الصباح» أن الاستاذ مالك العمري أضاف "أنه درج أعوان السجون أو أعوان الضابطة العدلية أثناء الايقافات تجريد الموقوفين أو المساجين من كل ما من شأنه أن يتسبب في أذى للمسجون أو الموقوف، مثل الحزام أو أربطة الاحذية أو أربطة العنق وحتى الساعات اليدوية لتجنب الاعتداءات بين بعظهم البعض ولم تشهد المحاكم التونسية يوما حضور موقوف أو مسجون بربطة عنق، وقد شعر الجميع أن هذا الموقف، أي حضور عماد الطرابلسي بربطة عنق ينم عن رغبة في استفزاز المتتبعين لهذه المحاكمة مهما كانت أطيافهم أكثر منه خرقا للقانون وتعد على الاعراف". وحيث تصحيحا للمعلومات القانونية نودّ التنويه إلى أن الفصل 205 من القانون عدد 52 لسنة 2001 المؤرخ في 14/05/2001 المتعلق بنظام السجون والمنقح والمتمم بالقانون عدد 58 لسنة 2008 المؤرخ في 4 أوت 2008، ينصّ على أنه: «يجب على السجين... ارتداء الزي الخاص بالنسبة للمحكوم عليه..»، كما أن الفصل 23 من الامر عدد 1876 لسنة 1988 المؤرخ في 4/11/1988 المتعلق بالنظام الخاص بالسجون ينص على ما يلي: «يبقى الموقوفون تحفظيا بلباسهم الشخصي إلا إذا اقتضت نظافة السجين خلاف ذلك. ولهم قبول اللباس الخاص الوارد إليهم من طرف ذويهم بعد تفتيشه والتحقق من سلامته. وينسحب هذا الاجراء على المحكوم عليهم المعفيين من ارتداء الزي الخاص وكذلك على الملابس الداخلية الواردة إلى بقية أصناف المحكوم عليهم". وحيث لا خلاف في أن المظنون فيه المدعو عماد الطرابلسي لا زال لم يصدر ضدّه أي حكم سالب للحرية. وبالتالي، لا مجال قانونا لفرض أي نوع من اللباس عليه. وحتى في حالة صدور مثل هذا الحكم، فإن المحكوم ضدّه يمكن أن يقع إعفاؤه من ارتداء الزي الخاص بالمحكوم ضدّهم. وحيث يتضّح هكذا أن ما نُقل عن الزميلين المحترمين من أقوال لا يتوفر بشانها أي سند من القانون، وهي من قبيل الحديث العام الموجه للعموم والمُوقع لا محالة في الغلط. وحيث يجدر التنويه أن العُرف يقتضي أن يحضر المظنون فيه المتهم أمام مختلف هيئات المحاكم، بما في ذلك قاضي التحقيق، بلباس لائق وأن يكون نظيفا في بدنه وفي لباسه احترام للهيئات القضائية واحترام لذاته لكي لا يحسّ بالتحقير والازدراء. ولا يُتخيّل في هذا الاطار أن تحضر المومس أمام تلك الهيئات إن كانت محل تتبع قضائي، في لباس عملها، إن صحّ هذا التعبير. وحيث تجدر الاشارة كذلك إلى أن نظرة بسيطة على مختلف الافلام السينمائية الامريكية التي تكون فيها مشاهد محاكمات، تمكن من بيان أن المتهمين، كما المحامين، يحرصون على الظهور أمام الهيئة القضائية، بما في ذلك المحلفون الذين هم من العموم، في أبهى حلة وأكثرها أناقة لكي يؤثر ذلك إيجابيا على هيئة المحكمة وعلى المحلفين. وحيث يتضّح دون أدنى شك أننا نعيش اليوم وضعا انقلبت فيه الامور رأسا على عقب وأصبح فيه الاعتداء على الذوق وعلى حسن الهندام وعلى نظافة المظهر هو القاعدة التي يُسهم في انتشارها الجهل السائد بالبلاد التونسية اليوم. كما لا بدّ من التعريج إلى أن التلوث طال كذلك المنطق والكلام وأصبح بذيؤه والمستهجن منه هو المعتاد، وإلا لا يمكن لنا يوما أن نسمع من محام محترم يتحدث عن السادّة القضاة ويصفهم ب"الازلام". الاستاذ عبد الحميد العابد