يكتبه كمال بن يونس من بين أكثر الاسئلة إلحاحا في تونس منذ 14 جانفي: هل ستنجح وسائل الإعلام في ان تساهم في انجاح مسار الاصلاح السياسي وان تقطع مع الانتهاكات السابقة لاخلاقيات المهنة ومع الاولويات التجارية ارباب صحف الاثارة والفضائح وما عرف بالصحافة الصفراء؟ تسرع كثيرون منذ الايام والاسابيع الاولى للثورة في الحكم بقسوة على الصحف والقنوات التلفزية والاذاعية.. واتهامها باعادة انتاج المشهد الاعلامي والسياسي القديم.. واصدر اخرون احكاما قاسية على بعض الاعلاميين واصحاب المؤسسات الاعلامية واتهمهم ب"الفشل المهني وبالحنين للعهد السابق ولاولوياته.." واستدل هؤلاء واولئك على كلامكهم بعزوف الشباب وتيار عريض من المواطنين عن وسائل الاعلام التقليدية وهجرتهم الى المواقع الاجتماعية لا سيما "فايس بوك".. الذي تطور عدد المنخرطين فيه من مليون و800 الفا قبل الثورة الى حوالي مليونين ونصف بعدها.. اي ان حوالي 700 الف تونسي اضافيين اصبحوا بدورهم من بين المدمنين على "فايس بوك" بعد الثورة رغم تزايد الاقبال النسبي على الصحف والقنوات الاذاعية والتلفزية التونسية.. لكن رغم كل التقييمات المتشائمة لاداء الصحافة التونسية جاءت طريقة مواكبة بعضها لحادث الروحية (التي رجح البعض علاقة المتهم الهارب فيها بتنظيم القاعدة) لتدعم وجهة نظرالمتخوفين.. بسرعة غريبة "ارتمت" بعض الصحف على "حادثة معزولة".. وتورطت في استنتاجات متسرعة.. وضخمت العملية.. وتحدثت عن سيناريوهات واشاعات بصيغة تقريرية.. وذهب الخيال ببعضها حد الحديث عن صياغة "افلام" وعن تهديدات لسلسة من الفنادق السياحية من بنزرت الى الساحل والجنوب من قبل شخصين اوثلاثة. اثنان لم يعرف احد هويتهما لانهما قتلا.. والثالث سحين سابق مع مجموعة سلفية متشددة عام 2003 لا علاقة له ب"القاعدة" ولا ب" الراقدة" أو"الواقفة" ؟؟ كتب الكثير دون تحريات.. الى درجة ان بعض المجموعات الشبابية انشات مواقع هزيلة استفزاية بديلة مثل موقع "تنظيم الراقدة" و"تنظيم الواقفة".. وبلغ الامر ببعضها الى حد تكذيب ما نشر في وسائل الاعلام بحكم التناقضات التي وردت فيه.. من مجموعة فيها 9 او7 اشخاص الى "مجموعة" اثنين من ثلاثة.. فشلت وسائل الاعلام التونسية في هذا الامتحان الجديد.. وتعاملت مع حادث الروحية بطريقة تعاملها مع حوادث سليمان وباب سويقة وغيرها.. أي باجندا تقف وراءها جهات "مشبوهة جدا".. من بينها تبرير إلغاء الانتخابات أوتاجيلها.. على جميع الاعلاميين والسياسيين القيام بوقفة نقد ذاتي..لأن الاعلام التونسي فشل في الامتحان الاول.. فعسى ان ينجح في "دورة التدارك".