"طائر الرماد" "مجموعة قصصية لشهاب بن يوسف فازت بجائزة نادي القصة على عشر مجموعات قصصية لما تميز به صاحبها من قدرة على فن الحكي وعلى استكناه دواخل الشخصيات ولسلامة لغتها. عشر قصص قصيرة يجمع بينها عمق السؤال الداعي إلى التفكير في الأشياء التي تنبثق من العدم فتركيبة "طائر الرماد" متكونة من مشهدين احدهما حاضر بالفعل والآخر بقوة التخيل - النار واللهب والجمر تغيب وتخلف الرماد الذي ينبثق منه الطائر-هذا ما اتفق عليه الحضور في نادي مطارحات أدبية حيث انعقدت جلسة احتفاء بالكاتب شهاب بن يوسف شقيق الشاعر والروائي والناقد والمترجم محمد على اليوسفي والدكتور محمد لطفي اليوسفي المختص في النقد الأدبي وفي الكتابة عن شعر وشعرية الفلاسفة والمفكرين العرب وان كان شهاب تأخر في النشر رغم ان علاقته بالكتابة قديمة حسب ما تبين في جلسة حضرها مؤخرا كل أعضاء نادي القصة ونشطها الكاتب يوسف عبد العاطي. لا صعوبة ولا ضياع في اللامعنى وقد استغل الأستاذ احمد ممو المناسبة ليبين للحضور أسباب اختيار اللجنة لهذه المجموعة التي اعتمد فيها شهاب بن يوسف شكلا كأنه شكل حكائي استرسالي غير محدود كما ان المجموعة تميزت ببناء قصصي قائم على التدقيق في الأحداث والشخوص التي كانت كثيرة وتريد ان تفضي بما عندها للقارئ كما أن اللجنة وجدت عند قراءة "طائر الرماد" جانبا روحيا كبيرا تعامل به مع الشخصيات والأحداث التي تغلب في كثير من الأحيان على المضمون. وأضاف في نهاية حديثه:»عندما أغلق المجموعة يمكنني أن أقول أنني قرأت نصوصا قيمة وجادة لكاتب يريد أن يعبر بالكلمة ويعتمد منهجا أدبيا قريبا من ذهن القارئ بلا صعوبة ولا ضياع في اللامعنى". أما الكاتب عبد الواحد ابراهم فقد أكد خلال الجلسة ان شهاب بن يوسف سحب من ماضيه وذكرياته الموغلة في القدم صورا وحكايات يضنها القارئ متفرقة مشتتة ولكن أواصرها متلاحمة مترابطة ويظن ان النسيان غيبها فإذا هي حية ساعية إلى إدراك المستقبل للارتباط به ويتبين ذلك في اقصوصات "أجنحة الصمت" و"الصندوق الخشبي ذو المفتاح المعرّش" و"ذاكرة النسيان" والحقيقة ان هذه القصص الثلاث:"تكتسي صبغة حميمية لصيقة بمشاعر الكاتب وتاريخه حتى كأنها جزء من سيرة ذاتية كتم الكاتب أمرها وأبى نعتها بصفتها الحقيقية. أما في خصوص الجدل الذي ثار حول اعتبار مجموعة « طائر الرماد" تجاوزا للمسطّر من أشكال التخيل الأدبي عندنا حرص فيه الكاتب على النقاء اللغوي ومتانة التعبير وشحن الأحداث بالرموز الثرية وعمل في ذات الوقت على إضافة متعلقاته المخصوصة بأسئلة الواقع التونسي الراهن والمستقبلي فاتخذ إنتاجه في نفس الوقت شكلا مبسطا على المستوى الإنشائي ليتيسر تبليغه إلى أوسع شريحة من القراء ، وشكلا معقدا مستبطنا على مستوى الترميز ليشير إلى تعقيدات الحياة والمجتمع وضبابية المستقبل، فقد رد الكاتب عبد الواحد ابراهم خلال الجلسة بقوله انه يعتبر المجموعة تجاوزا لكنه لا يعني بذلك التعالي، أما المسطّر فيقصد به السائد. وما هو في النهاية إلا تعبير أدبي فني عن وعي فردي حساس ، متغاير مع الوعي الجماعي الاستاتيكي المتماثل. وفي خصوص مضمون المجموعة القصصية فقد تناول شهاب بن يوسف مواضيع اجتماعية ووجودية وسلط وعيه على تعقيداتها بتأمل فلسفي فكري وهي تجريد للواقع من الواقعية على مستوى النص بتعرية مخزونه الرمزي للغوص في المضامين المعيارية لأنظمة القيم السائدة ويبقى الرأي الأصح هو رأي الذي سيطالع المجموعة.