أية مسؤولية تتحملها وزارة الثقافة في ما تعرض له الكتاب في تونس من اهانة تمثلت في حرمان الكاتب مصطفى الكيلاني من جائزته بعد ان تم إعلامه بالفوز بها ثم إسنادها إلى الكاتب السعودي يوسف المحيميد فسرقوا بذلك -والكلام له- منه الفرح وهذا اشد على النفس من أنواع كثيرة من الظلم والإقصاء الذي عرفه بعض الكتاب في تونس وقد كانوا قبل الثورة يصنفون حسب انتماءاتهم وولائهم؟ وأي موقف ستتخذه المؤسسات الثقافية في تونس للتصدي لمثل هذه الاهانة - وقد تم الاتفاق تقريبا على هذا المصطلح- وهل يصلح اعتذار البنك التونسي وإسناده للجائزة لصاحبها الأصلي الوضع أم أن القضية أعمق من تسوية بين الكيلاني والبنك التونسي باعتباره صاحب الجائزة والمسؤول في النهاية عنها. وإذا رفع الكاتب مصطفى الكيلاني أمره إلى القضاء هل ستسانده المؤسسات الثقافية ام ستتبنى قضيته؟ وما حدث في هذه الجائزة سابقا ام انه أمر عادي يرافق كل الجوائز ولا يعدو ان يكون رفضا لقرار لجنة تحكيم؟ ولجان تحكيم هذه الجوائز من الصالح ان تتكون من أكاديميين ام من الهيئات المديرة للمؤسسات الثقافية اومن أعضائها اوكما قالت الكاتبة نتيلة التبانية من «أعضاء نستضيفهم من الخارج»، مثلما نستضيف الحكم «كولينا» لإدارة مباريات الدربي؟ كل هذه الأسئلة وغيرها طرحت صباح أمس بنادي القصة بالنادي الثقافي أبوالقاسم الشابي خلال ندوة صحفيها عقدها الأديب مصطفى الكيلاني للحديث عن ظروف إقصائه وحرمانه من جائزتها وما تبعها من أصداء في تونس وخارجها وخاصة في السعودية.
الوزير سلم الجائزة رغم الجدل
بحرقة وتأثر شديدين تحدث الكيلاني بعد ان وضع الكاتب عبد الواحد ابراهم الندوة في إطارها فقال: «نلت جائزتي بهذا الحضور الكريم وبالمكالمات الهاتفية التي تلقيتها وبمساندة من يعرفني ومن لم يعرفني في حياته قط وكذلك بتعاطف المثقفين السعوديين ومن بينهم محمد المزيني الذي قال لي قضيتك عربية وليست تونسية بعد ان نشرت عديد الصحف العربية ما تعرضت له حيث اختارت اللجنة العليا لجائزة أبو القاسم الشابي ولجنة القراءات روايتي للتويج بشهادة الكاتب محمد الباردي والأستاذ شكري المبخوت وكان من المفروض ان أتسلم الجائزة في نهاية شهر ديسمبر 2010». وأضاف: «وأنا ألوم وزير الثقافة السيد عز الدين باش شاوش الذي قبل بتسليم الجائزة لغيري وقد علم بما كتبته الصحف صباح ذلك اليوم ومن بينها جريدة «الصباح»». وحمل الكيلاني مسؤولية ما حدث له إلى حسن احمد جغام بسبب خلافات قديمة والى السيد عز الدين المدني لفتحه لباب التلاعب بالجائزة ولأحمد خالد وزير ثقافة سابق والى ساسي حمام. وقد تحدث الكاتب محمد الباردي خلال الندوة بصفته احد أعضاء لجنة القراءات في الجائزة فقال ان رواية المحيميد ممتازة ولكن بما أني أفضل الرواية التجريبية وبأنها تقليدية في أسلوب كتابتها فرشحت بدرجة أولى رواية مصطفى الكيلاني وبعدها رواية مصرية وأخرى من سوريا. أضاف :» تكونت الهيئة من مسعودة أبو بكر ومن نافلة ذهب وساسي حمام وعز الدين المدني واحمد الوذرني وفوزية المزي واخترنا رواية مصطفى وأمضينا محضر الجلسة وأعلنا عن اسم الفائز دون اعتراض من احد ولكنني لا اعتقد ان احمد خالد هو العامل المؤثر في هذا الانقلاب وعلى كل حال هذا الإشكال رافق عديد الجوائز والدورات». ووضح الكاتب عبد الواحد ابراهم بان: «حضور الكتاب وممثلي المؤسسات الثقافية إنما هو في الأساس لان القضية أصبحت وطنية وتهم كل الكتاب وعندما طرحت موضوع الندوة عاضدني رئيس نادي القصة احمد ممو واتحاد الكتاب ونقابة الكتاب ورابطة الكتاب الأحرار وهم جميعا ممثلون في هذه الندوة».
كتاب عرب تسلموا جوائزهم وفي لمح البصر سافروا
وذكر بان كتابا عربا جاؤوا إلى تونس لاستلام جوائز عديدة دون ان يتعرف عليهم الكتاب التونسيون اوالقراء باعتبارعدم توفر رواياتهم اودواوينهم وبان عدد الكتاب التونسيين الذي يحصلون على جوائز عربية قليل جدا لذا فإننا أولى بهذه المعاضدة وهذه الجوائز. وقال محمد الهادي الجزيري بان اتحاد الكتاب اصدر بالمناسبة بيان مساندة وطالب بان تشرف الهياكل الثقافية المعترف بها على هذه الجائزة واعتبر لسعد بن حسين ان ما حدث هو قضية فساد واضحة وعبرعن استعداد نقابة الكتاب لرفع الأمر للقضاء ونادى بان يكتفي البنك التونسي بدورالتشجيع المالي وبان يعود أمر جائزة أبو القاسم الشابي إلى كلية الآداب اومراكز الدراسات اووزارة الثقافة حتى تختار لجان التحكيم وتحدثت رشيدة الشارني عن رأيها الشخصي في وضعية الأديب التونسي المظلوم داخل البلاد وخارجها وذكرت ببيان الرابطة الذي نشره الكاتب محمد الجابلي على الانترنات. وتحدث امين مال نادي القصة عن تغييب النادي -حسب تأكيده رغم انه اعرق مؤسسة اعتنت بالسرد في تونس (أكثر من 40 عاما)- من الجوائز ولجان التحكيم فقال: «نحن لا ننكر فضل المؤسسات الاقتصادية على النهوض النوعي والكمي بالإبداع بصفة عامة ومع أننا لسنا طرفا في القضية إلا أننا نتساءل عن دور وزارة الثقافة في اختيار لجنة تحكيم الجائزة وقد أشرفت على هذه الدورة باعتبار ما حدث في الدورة السابقة كما نتساءل عن فكرة الإشراف اوالتنسيق مدى الحياة. وقد اقترح عبد الواحد ابراهم كتابة عريضة لمطالبة البنك بالاعتذار من مصطفى الكيلاني ورد الاعتبار له وتمكينه من جائزته ولاقتراح مراجعة كل ما يخص الجائزة. وأكد الكيلاني على أن المسالة اعتبارية وأنها ليست مالية وان الجانب المالي يعبر عن حسن النية وقال : «إذا لم يرد لي اعتباري وفي تعذر الحل الودي أرى ان تتبنى المؤسسات الثقافية قضيتي وان ترفع الدعوى اما تبنيا او مساندة».