آسيا العتروس أزمة قناة فرانس 24 مع السفيرة السورية في باريس لمياء شكور تدفع الى السطح بأكثر من ملف حساس عندما يتعلق الامر بمسألة السبق الصحفي "السكوب" الذي يلهث وراءه كل صحافي وهذا السكوب اذا كان ناجحا فقد كان داعما لمسيرة الاعلامي واذا كان فاشلا فقد كان هداما وخطيرا على مسيرته . واذا كان الصعود في أي مجال كان بما في ذلك المجال الاعلامي الصحيح صعب التحقيق وغالبا ما يأتي بعد عمل دؤوب ومستمر فان السقوط اذا ما حدث يكون سريعا وفي الغالب لا يمكن تفاديه.. تفاصيل الازمة الحاصلة بين القناة الفرنسية التي استطاعت أن تتميز أمام بقية الفضائيات العربية الاجنبية التي ظهرت على المشهد خلال السنوات القليلة الماضية ليست الاولى من نوعها، وقد سبق لفضائيات تعد من أكثر الفضائيات نجاحا وانتشارا أن وقعت في نفس المأزق وعاشت نفس التجربة تماما كما حدث لوزير الخارجية التونسي الاسبق الحبيب بن يحيى مع قناة الجزيرة على سبيل الذكر لا الحصر. ولعل من يمنح قضية الحال بعدا اخر هي الظروف والملابسات التي تم فيها «الحوار المزعوم» للسفيرة السورية لقناة فرانس 24 في خضم المشهد السوري المتأزم وغياب وسائل الاعلام الاجنبية والمنظمات الحقوقية عن سوريا وهو ما يمكن أن يكون وراء استدراج قناة فرانس 24 وقوعها في الفخ فيما كانت تعتقد أنها بصدد تحقيق قنبلة اعلامية مع اعلان أول استقالة في صفوف النظام السوري تماما كما كان الحال في قناة الجزيرة وغيرها مع انطلاق مسلسل الاستقالات في صفوف السفراء والمسؤولين الليبيين احتجاجا على ممارسات كتائب القذافي الشنيعة في حق الشعب الليبي. ويبدو أن القناة الفرنسية وقعت بذلك ضحية رغبة جارفة لا يدرك معناها غيرمن ابتلي بهموم وأعباء السلطة الرابعة أومهنة المتاعب واللهث وراء الجديد من المعلومات التي تجمع بين الاهمية والاثارة الا أنه يبدو أن القناة وفي غمرة تلك الرغبة في تحقيق السبق أغفلت التحقيق في حقيقة شخصية السفيرة السورية والتي قد لا نكشف سرا أن الكثيرين لن يخفوا سعادتهم ورضاهم بأن تكون امرأة أول من يرفع راية التحدي في وجه النظام السوري ويعلن صراحة رفضه للمشهد الدموي المستمر في سوريا، وربما ذهب كثيرون الى حد تحميل «تصريحات السفيرة أكثر مما تحتمل» على اعتبارأنها جاءت من عاصمة النور باريس وما يمكن أن يعنيه ذلك لمسألة حقوق الانسان المنتهكة في جزء كبير من عالمنا العربي، ولكن كل ذلك قبل أن يتضح المشهد بالنسبة للقناة التي يبدو أنها وقعت ضحية فخ استدرجت اليه لتسقط بذلك في ورطة مهنية معقدة تشير مختلف المعطيات الى أنها مرجحة للتحول الى القضاء. وبالعودة الى ما حدث فان القناة الفرنسية وبعد أن أذاعت تصريحا صوتيا اعتبر الاول من نوعه في السلك الديبلوماسي السوري أعلنت خلاله السفيرة لمياء شكور وهي ابنة ضابط سوري استقالتها من منصبها «احتجاجا على موجة العنف التي يتعرض لها الشعب السوري واقرارا منها بشرعية مطالب الشعب السوري «وجدت القناة نفسها في مأزق له أول وليس له اخر بعد أن خرجت السفيرة المعنية على قنوات أخرى تكذب ما نسب لها بل وتعلن مضيها قدما في مقاضاة القناة ومطالبتها بتعويضات..وتبعا لذلك وجدت القناة نفسها في وضعية لا تخلو من احراجات كثيرة تمس مصداقيتها ونزاهتها. وبعد أن كانت القناة وراء سبق صحفي سرعان ما تناقلته وكالات الانباء وجدت نفسها في موضع تشكيك واتهامات بانعدام القدرة على التثبت من صحة الاخبار الواردة عليها. ولا شك أن خبراستقالة السفيرة قد أثارأكثر من نقطة استفهام بشأن مفاهيم وشروط الاعلام المهني الحر بعيدا عن كل أنواع القيود والضغوط ما ظهر منها وما خفي. فاذا كانت القناة تصر على أن كل الخطوات التي اتخذتها للاتصال بالسفيرة تمت عبر السفارة نفسها التي أمدت القناة بكل الارقام والعناوين الالكترونية للسفيرة وهو ما جعلها تطمئن الى المكالمة التي تم بثها بالعربية والفرنسية والانجليزية، على أن هذه المعطيات لا تزيل الغموض المحيط بهذه الازمة ولاتلغي بأي حال مسؤولية القناة التي تدفع وحدها الثمن في هذه الازمة التي أرادتها أن تكون فرصتها لتحقيق سبق اعلامي فوجدت نفسها على العكس من ذلك في مواجهة ما يبدو أنه عملية خدعة محبوكة قد لا تخفي أهداف أصحابها ولسان حالها يقول أن المشهد السوري لم يبح بعد بالكثير من أسراره الخفية وأن الاصرار على رفض وصول وسائل الاعلامية الاجنبية الى سوريا قد يعني أن الازمة التي وقعت فيها «فرانس 24» قد لاتكون الاخيرة من نوعها على أن الاهم من كل ذلك أن يبقى شعار البحث عن السبق الصحفي «ابحث عن الحقيقة مهما كان الثمن»... [email protected]