شهدت الساحة السياسية في بلادنا في الآونة الأخيرة حراكا سياسيا لم تعهده تونس منذ زمن بعيد حيث احتدم الصراع بين الفرقاء السياسيين حول العديد من المواضيع التي تهم الرأي العام . والحديث عن موقفه من الموعد الجديد لانتخابات المجلس التأسيسي ومن العدد الكبير للأحزاب وقراءاته لما جد في بلادنا في الأيام الأخيرة تحديدا في المتلوي وعن هذه المواضيع وغيرها تحدث الأستاذ الدكتور عبد الجليل التميمي صاحب مؤسسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات ل"الاسبوعي" فكان هذا اللقاء: ما هو موقفك من الموعد الجديد لانتخابات المجلس التأسيسي المعلن من طرف الحكومة؟ -اعتقد انه موعد مناسب خاصة بعد حصول توافق لأغلب مكونات الخارطة السياسية في بلادنا حياله. هو بداية الاختراق الحقيقي للوفاق الوطني. و أخاف أن تتكالب علينا بعض الظروف والملابسات المفتعلة من بعض الأطراف الداخلية لتأخرها . اظن ان هناك أطرافا تريد تأخير ذلك الموعد الى ما لا نهاية . ومن هي هذه القوى حسب رايك؟ -هي قوى متنفذة في العهد السابق وقع تقزيمها وتحجيم أدوارها على جميع المستويات. ومن بينهم بعض رجال الأعمال والبنوك الذين منهم منم انتمى الى أحزاب سياسية وفيها من لم تنظم. والاخطر من هذا هو المشروع الأورو-امريكي الذي يثير استفهامات عديدة على غرار:هل ان المعسكر «الأورو امريكي «من مصلحته «دمقرطة» تونس .؟ لأن القضاء ومحاربة الفساد في بلادنا سيتنافى ومصالح الغرب الذي كان على علم بالفساد والاستيلاءات غيرالقانونية لبن علي و لم يحرك ساكنا . وإن نجحنا في صياغة نظام ديمقراطي فاننا سنكون نموذجا يحتذى به وهو ما أمر سيقلق الغرب ؛ لذلك فهل يمكن القول بان الغرب مخلص لنا ولثورتنا عندما ينادي بالديمقراطية ومساعدتنا على تحقيقها (أي الديمقراطية)؟ لقد اعطانا فكرة مفادها اننا غيرمؤهلين لصياغة نظام ديمقراطي وقد اثبتنا من خلال الثورة التي قام بها الشعب التونسي والتي فاجاتته وازعجته في العمق ان التونسي قادرعلى القيام بثورة دون تدخل أي طرف خارجي . بين الموعد المقترح من طرف الهيئة المستقلة للانتخابات والمعلن من طرف الوزير الأول؛ هل ترى ان الحكومة في حاجة لأسبوعين أوأكثر لتاخير الموعد النهائئ للانتخابات أسبوعا إضافيا؟ -أظن أن موقف الحكومة غيرحكيم منذ البداية بشان موعد انتخابات المجلس التأسيسي فقد كان بالإمكان ان تتشاورمع كل الأطراف السياسية وتتوافق مع الهيئة المستقلة للانتخابات على اساس اختيارموقف يتفق بشانه الجميع. فاقتراح 16 اكتوبر ثم تحديد 23 من نفس الشهر كموعد نهائي هو عبارة عن مهزلة بالرأي العام وكما انه يعد نقصا في النضج السياسي لأنه كان بامكاننا ربح الوقت منذ البداية باتفاق الجميع حول موعد نهائي وارجو ان يكون نهائيا لأنه في ضبط موعد آخر وبغض النظر عن الأسباب الدافعة لذلك سيشكل بداية انتكاسة للثورة والتفاف عليها من قبل الراغبين في القضاء عليها خطوة خطوة . ووقتها بإمكاننا القول إن الثورة لم تنجح. هل هي مناورة من الحكومة بتحديد موعد آخر؟ اقول إن هيبة الدولة مست عن طريق الاقتراح الاول 24 جويلية وهو تاريخ لم يكن حكيما و ناضجا . لكن الآن وبعد تعين 23 اكتوبر كموعد نهائي والحكومة مطالبة بالحفاظ عليه مهما كانت الظروف . بعد 24 جويلية ينتهي عمل هذه الحكومة فكيف ستعدير البلاد في انتظار 23 اكتوبر؟ -اعتقد ذلك ونظرا للطابع اللاقانوني للحكومة فاني اؤيد منحها والمنتظران يتم ذلك حرية التصرف بمرسوم يشرع ما تقوم به. وعلى الوزير الاول ومستشاريه ان يجدوا الوفاق بين اهم التيارات السياسية والفكرية والاجتماعية في بلادنا لتحقيق ذلك . كثرة الاحزاب في تونس . هل يمكن اعتبارها ظاهرة صحية؟ ان كثرة الاحزاب لا تعني بالضرورة ظاهرة صحية بل ان هذه الطفرة لا تعكس نضجا سياسيا تعيشه تونس و ليس علامة على الانفتاح الديمقراطي بل انها ظاهرة غير صحية . اعتقد ان الوضع السليم للساحة السياسية في بلدنا في ظل هذا الكم الهائل من الأحزاب السياسية هو التحالف و التكتلات و التي عليها ان لا تتجاوز 10 تكتلات بين مختلف التيارات أوالأحزاب السياسية. تتباين المواقف حول مسالة الاستفتاء على الدستور. فاي الطرق تراها الأنسب بخصوص الدستور المرتقب ؟ -اولا و لتوضيح بعض المسائل بالنسبة للراي العام فان دستور 57 و الذي تجاوز وجوده والعمل به لأكثر من نصف قرن قد ولد في مناخ سياسي خاص ووضعية اجتماعية معينة لكن الآن و بعد هذه الثورة فان كل الامور قد تغيرت لذلك لا بد ان تنبثق رؤية جديدة تعمل من اجل ايجاد قانون جديد يتماشى و التطورات الحاصلة في بلادنا و يستجيب لتطلعات المواطنين, لذلك ارفض رفضا قطعيا العودة الى الدستور القديم لأن تكليف خبراء في المجلس التاسيسي المرتقب سيكون افضل بكثير من الحنين الى دستور تجاوزته الاحداث والزمن . كيف تفسر الاحداث الاخيرة بالمتلوي ؟ -ان اساس النعرة الجهوية هو عدم شمولية التنمية الجهوية في المناطق التي شهدت تطاحنا و صراعا وصل الى حد القتل . ولو وفقنا في تحقيق التوافق الاقتصادي والاجتماعي بين مختلف الجهات خاصة الداخيلة التي ظلت محرومة و لسنوات لقضينا على هذه الظاهرة . فالجهوية ستبقى ضاربة و بقوة ما لم نؤمن وفاقا اجتماعيا . ماهي قراءتك لمستقبل تونس في الايام القادمة في انتظار انتخابات التاسيسي ؟ -لنجاح المسار الديمقراطي الذي نناشده و لإنجاح الثورة لا بد من توفر عنصر الامن وهو رهان ستعمل الحكومة على تحقيقه . بالاضافة الى تامين المساعدات اللازمة من الخارج تحديدا من الدول الخليجية كالسعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت المطالبة بتقديم دعمهم اللامحدود لتونس التي شرفت العرب بثورتها. فمن غير المعقول ان نستجدي الغرب من اجل قروض ستثقل كاهلنا مستقبلا.-