من «111 شارع البريد» انطلقت اليوميات المصورة لفتيات مغاربيات وإفريقيات مقيمات في العاصمة البلجيكية بروكسيل في مشاهد اقتنصتها كاميرا السينمائية سارة العبيدي في أولى أعمالها الوثائقية. رصد شريط "111 شارع البريد" التسجيلي وهو بإمضاء "سينرجي للإنتاج" مشاعر الغربة والوحدة حين تلتقي بالرغبة في التغيير واكتشاف الآخر من خلال تجارب نساء شابات اخترن الهجرة لبلجيكا للدراسة وتحقيق الذات. يتكرّر مشهد الفتيات تحت سقف مبيت جامعي في الضواحي الخلفية لبروكسيل في هذا الفيلم حيث تتصارع مشاعر المقيمات بين الحنين للوطن والبحث عن مسكن أفضل في العاصمة البلجيكية فتجمع بينهن ألفة الهويات الممتزجة و تجارب الانكسار والصمود المتشابهة. إحداهن و هي مريم حلمت دوما بهجر شواطئ المغرب لتطارد في البداية الحلم الأمريكي ثم تستقر بأوروبا غير أن نجاحها في تحقيق أمانيها لم يمح لوعة فراق الأهل و الوطن وعلى عكسها تقر إحدى المهاجرات الإفريقيات بحبها لبلدها الغارق في الحروب الأهلية لكنها تنفي رغبتها في العودة وهي الرحالة من ارض إلى أخرى منذ سن الثانية عشر حتى تناست رائحة الوطن فيما تصر «نوال» على نقل ماضيها الحضاري إلى عالمها الغربي في لوحات لكثبان الصحراء الكبرى... حكايات شرقية أو من عمق الصحراء الإفريقية اختزلتها سارة العبيدي في 52 دقيقة كانت عملية مونتاجها جد ذاتية بحكم أن مخرجة العمل مختصة في هذه التقنية السينمائية فاقتربت من تجارب وغاصت في تفاصيلها أكثر من تجارب أخرى وكانت الميولات الفنية لشخصيات فيلم «111 شارع البريد» مهيمنة على أحداثه وقد تعاملت المخرجة مع هذه الإختيارات باهتمام كبير فنرى بعضهن يعشقن الموسيقى وأخريات من محبّات الرسم إلخ. وكانت المخرجة سارة العبيدي قد تحدثت خلال تقديمها لشريطها الوثائقي لحظة بثه مؤخرا في عرض خاص بالصحفيين بسينما الأفريكارت بالعاصمة عن قصة فيلم «111 شارع البريد» فقالت أنه صورة عن فترة من حياتها الشخصية خلال تربص قامت به بالعاصمة البلجيكية بروكسيل صحبة فتيات الفيلم اللواتي تقاسمت معهن الطموح والحنين ومشاعر الغربة والتلاقي مشيرة إلى دورهن الفاعل في خروج هذا العمل للنور. و للتذكير فان السينمائية سارة العبيدي قد أنجزت شريطها الوثائقي الأول «111 شارع البريد» خلال التربص المذكور (من سبتمبر 2005 إلى جوان2007 ) وسبق لها وأن قدمت شريطين قصيرين الأول بعنوان «الصفحة الأخيرة» والثاني بعنوان «الموعد».