يتنازع هذا القطاع أسطول النقل البري من سيارات أجرة ونقل ريفي وتاكسيات من جهة والشركة الجهوية للنقل بولاية نابل من جهة أخرى وهي التي تتولى سفرات المواطنين داخل الولاية والى الولايات المجاورة بالإضافة الى تأمين النقل المدرسي بكافة المناطق. وفي ظل هده المعطيات يبقى السؤال مطروحا :هل ارتقت خدمات هدا القطاع الى تطلعات المسافرين ومستعملي وسائل النقل هذه؟ غياب محطات النقل طرحنا السؤال على بعض المسافرين فكانت أجوبتهم عفوية ومتناغمة وكأنها منسقة ومتفق عليها مسبقا معبرة عن استيائهم لغياب المحطات التي توفر لزائريها الراحة من واقيات ومحلات للأطعمة والمقاهي، فكل المحطات بالجهة هي عبارة عن فضاءات عشوائية تفتقر الى المرافق الدنيا إلا من باعة الشاي الذين ينتظرون منذالصباح رزقا قد يأتي وقد لا يأتي لأن زوار هده المحطات أغلبهم من الشباب الذين لا يقبلون على مثل هذه البضاعة. انشغال المسافرين من انعدام محطات نقل ذات مواصفات مقبولة يقاسمهم فيه أصحاب السيارات أنفسهم إذ عبروا عن تذمرهم من الفضاءات الحالية والتي أقيمت كحلول ترقيعية أساءت كثيرا للمظهر العام وأقلقت راحة المسافرين فحرارة الشمس صيفا ووخز البرد شتاء ناهيك عن الأوحال عند نزول الأمطار. هذا الوضع دفع بأصحاب سيارات الأجرة والنقل الريفي بزغوان إلى الفرار من المحطة الوقتية التي وضعتها السلطة على ذمتهم إنذاك وهي تقع على طريق فرعية بأرض فلاحية ولا يمكن أن يطلق عليها إسم محطة أصلا وعادوا الى المحطة القديمة على الطريق الرئيسة بالمدينة رغم أن المحطتين تتقاسمان نفس الظروف من حيث رداءة الفضاء وانعدام المرافق. ورغم محاولة السلط المعنية إثناءهم عن هذا القرار فإنهم تمسكوا به رغم الإكتظاظ الذي تشهده المحطة مما يتسبب في تعطيل حركة المرور من حين الى آخر. وللخروج من هذه الوضعية يرى الحاج عبد الكريم عضو نقابة سيارات الأجرة "لواج" أن الحل يكمن في تحويل الملعب البلدي القديم وهو من الأرضية الصلبة الى محطة نقل تضم كل مكونات القطاع بما في ذلك حافلات الشركة الجهوية للنقل عند الدخول والخروج فحسب على أن تتواجد بها كل المرافق مضيفا "أنه بهذا الإجراء سنوفر للمواطن حرية النقل المناسب وكذلك ظروف الإنتظار المريحة كما تستفيد البلدية من موارد مالية قارة بما ستوظفه من معاليم على أصحاب السيارات". فوضى التنظيم وتضارب في الإختصاص لئن تحسنت حالة الأسطول في السنوات الأخيرة وتوفرت معها الراحة للمسافرين فإن فوضى التنظيم ظلت قائمة وتتعلق بالسطو على الإختصاص ومكان النفوذ، فأصحاب النقل الريفي يعمدون الى نقل المسافرين داخل المدينة الواحدة وهو اختصاص ينفرد به أصلا أصحاب التاكسيات كما أن أصحاب سيارات الأجرة "لواج" يسطون على حرفاء النقل الريفي. أمر آخر لا يخلو من الخطورة برز إبان الثورة ولازلنا نشاهده عند أصحاب سيارات النقل وهو حمل الركاب فوق النصاب مستغلين قلة الرقابة وهي ممارسات تهدد حياة الأفراد وتنتهك حقوق الجولان. وفي ظل هذا الوضع تتعالى أصوات المهنيين الى ضرورة تنظيم هذالقطاع سعيا الى تطويره والإرتقاء به خدمة للمواطن. بين الواقع والآفاق السلطة الجهوية الحالية ورثت تركة ثقيلة من النظام السابق ووقعت بين مطرقتين وسندانين يتمثل أولهما في ضرورة توفير محطات نقل لائقة على الأقل بمدينتي زغوان والفحص حيث تشهدان حركة سفر كبيرة يقابلها قلة الإمكانيات في الوقت الراهن مما جعلها تساير الوضع الحالي في انتظار حلول جذرية تتحمل كل الأطراف المسؤولية في السعي الى إيجادها. الأمر الثاني الذي تواجهه السلطة الجهوية هو العدد الهائل والطلبات المتزايدة على هذا النوع من النشاط حيث تراكمت المطالب لعدة سنوات دون النظر فيها أو الإستجابة اليها نظرا للمعارضة الشديدة التي أبداها أعضاء النقابات المهنية بإعتبارهم أصحاب سيارات نقل أو أصحاب مهن إذ يرون أن كل إضافة جديدة في الخطوط تحد من نشاطهم الذي يشهد اصلا كسادا وتراجعا في مردوده حسب رأيهم في ظل تطور أسطول السيارات الخاصة وارتفاع عدد الرخص الممنوحة بالإضافة الى ارتفاع سعر المحروقات. وهنا وجدت السلط الجهوية نفسها بين أمرين أحلاهما مرّ: فإما مسايرة موقف النقابة أو مواجهة ضغوطات أصحاب المطالب وأغلبهم من المهنيين الذين يوجهون أصابع اللوم الى المسؤولين في النظام السابق والذين منحوا رخصا لأشخاص لا علاقة لهم بالمهنة واستفادوا من انتمائهم وولائهم للتجمع كما أن حالاتهم ميسورة وليسوا في حاجة اليها من بينهم موظفون وعمد وما شابههم مستدلين في ذلك بتفريط هؤلاء في هذه الرخص بالكراء الى أصحاب المهن وطالبوا بمراجعة هذا الوضع ومنح مثل هده الرخص الى من يستحقها. الأمر الثاني هو أن تستجيب السلطة الجهوية الى بعض المطالب الملحة في حدود الخطوط التي تتطلب التعزيز دون الرجوع الى النقابة. ولفك رموز هذه المعادلة الصعبة أذن والي الجهة بإعداد دراسة معمقة حول واقع القطاع كلفت بها الإدارة الجهوية للنقل وضبط مقاييس للحصول على هذه الرخص وذلك تجنبا لكل تأويل وحتى تتم عملية الإسناد في إطار الشفافية الكاملة.