النتائج الاقتصادية العملية التي اسفرت عنها قمة الدوحة لدول مجلس التعاون الخليجي ينبغي أن تحفز بقية "المجموعات" العربية نحو القيام بخطوات اقتصادية ملموسة بينها تجسم شعارات "العمل العربي المشترك" و"التعاون" و"الاخوة والتكامل".. لقد قررت القمة الخليجية تحويل شعار المنطقة الاقتصادية الحرة الى واقع بداية من مطلع الشهر القادم.. فيما أكدت قرار اعتماد عملة خلجية موحدة بعد عامين.. آخذة بعين الاعتبار الفروقات الاقتصادية بين الدول الست الاعضاء.. وخاصة تحفظات سلطنة عمان.. ومهما وجهت الى مجلس التعاون الخليجي واقتصاديات الدول الخليجية من انتقادات، فان من المفيد اخذ عدد من نقاط القوة فيها بعين الاعتبار من بينها قطع خطوات ملموسة في اتجاه تجسيم الشراكة وتطبيق القرارات الخاصة بمنح امتيازات في تسهيل تنقلات المسافرين والسلع وروؤس الاموال بين البلدان الاعضاء في المجلس.. وهي خطوات لم تحققها مجموعات اقليمية اخرى.. رغم مروو حوالي نصف قرن عن مؤتمر طنجة الذي تعهد ببناء الاتحاد المغاربي.. ومرور أكثر من 20 عاما على قمة زيرالدة بالجزائر التي مهدت لقمة مراكش التاسيسية للكيان السياسي المغاربي.. الذي سرعان ما شلته الخلافات حول نزاع الصحراء الغربية ومستقبل جبهة البوليزاريو.. فضلا عن خلافات ثنائية متفرقة.. في نفس الوقت لم تجسم غالبية القرارات الخاصة بتفعيل العلاقات الاقتصادية بين دول عربية عديدة مثل دول حوض النيل.. وتجمع الدول العربية.. والتكتلات " الوحدوية " الكثيرة.. بين ليبيا ومصر والسودان.. وبين مصر وسوريا.. وبين سوريا والعراق.. الخ. واذا كان حضور الرئيس الايراني احمدي نجاد في قمة الدوحة أبرز حدث سياسي واعلامي في المؤتمر فان النتائج الاقتصادية للحدث كانت أهم بكثير من التصريحات "السياسية".. ولعل مشاركة الرئيس الايراني تكتسي أهمية ومصداقية أكبر لو تجسم الفقرات الاقتصادية الواردة في خطابه وفي خطب القادة العرب الخليجيين.. ومنها الحديث عن تشكيل "تحالف اقتصادي" اقليمي بين ضفتي الخليج.. وسيصبح للمنطقة وزن سياسي واستراتيجي أكبر لو تجمد الخلافات الثانوية التلقيدية بين ايران ودول مجلس التعاون ويبني صانعو القرار الاقليمي فعلا "كيانا اقتصاديا اقليميا" جديدا قد يكون محوره مؤقتا النفط والغاز والاستثمارات في قطاع الخدمات.. لكنه يمكن أن يتطور إلى قطب اقتصادي تنموي شامل تستفيد منه شعوب المنطقة والمستثمرون المعنيون بها.. ولا شك أن هذا التحالف الاقليمي سيلعب دورا سياسيا أكبر لاحقا اذا انفتح على الدول المجاورة له مثل اليمن والاردن ثم مصر وبقية دول شمال افريقيا.. وعسى أن تستحث تجربة مجلس التعاون الخليجي بقية الدول العربية للقيام بخطوات ملموسة جديدة نحو تكريس الشراكة الاقتصادية تجارة واستثمارا..