تراجع خدمات الدين الخارجي المتراكمة ب13,8 بالمائة إلى غاية 20 ديسمبر 2025    عاجل/ كأس أمم افريقيا: التشكيلة الأساسية للمنتخب التونسي ضد نيجيريا..    الرصد الجوي: درجات حرارة أعلى من المعدلات الموسمية متوقعة خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2026..    رأس السنة: ما فمّاش إضراب في البنوك لكنه يبقى فرضية واردة في وقت لاحق    مسرحية "كحلة الأهذاب"... إنتاج جديد لفرقة مدينة تونس للمسرح احتفالا بذكراها السبعين    مجموعة الخطوط التونسية: تراجع طفيف في العجز ليناهز 220،8 مليون دينار خلال سنة 2022    الليلة: الحرارة في انخفاض مع أمطار غزيرة بهذه الجهات    كاس امم افريقيا 2025: السنيغال يتعادل مع الكونغو الديمقراطية 1-1    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    المستشفى الجامعي شارل نيكول يحقق أول عمليات ناجحة بالفيمتو ليزك بتونس!    متابعة مدى تقدم رقمنة مختلف العمليات الإدارية والمينائية المؤمنة بالشباك الموحد بميناء رادس محور جلسة عمل    حامة الجريد: انطلاق مهرجان رجال الحامة في دورته الثانية    نجاح جراحة عالية الدقة لأول مرة وطنيًا بالمستشفى الجامعي بقابس    مدرب الكاميرون: "دربي إفريقي قوي بين الكاميرون وكوت ديفوار سيحسم على جزئيات"    محرز الغنوشي: طقس ممطر أثناء مباراة تونس ونيجيريا...هذا فال خير    عاجل/ حجز يخوت ودرجات نارية فاخرة: تفاصيل تفكيك وفاق دولي لترويج المخدرات يقوده تونسي..    كأس أمم إفريقيا 2025: السودان وغينيا الاستوائية في اختبار حاسم لإنعاش آمال التأهل    عاجل/ مسجون على ذمة قضية مالية: هذه الشخصية تقوم باجراءات الصلح..    وزارة النقل: شحن الدفعة الأولى من صفقة اقتناء 461 حافلة من الصين قريبا    مداهمة مصنع عشوائي بهذه الجهة وحجز مواد غذائية وتجميلية مقلدة..#خبر_عاجل    الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    إيقافات جديدة في فضيحة مراهنات كرة القدم    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية: محرز بوصيان يواصل رئاسة اللجنة    وليد الركراكي: التعادل أمام مالي "محبط"    مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    عاجل/ بعد اعتراف الكيان بأرض الصومال: حماس تصدر هذا البيان وتفجرها..    الرياض تحتضن الدورة 12 للجنة المشتركة التونسية السعودية    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    كميات الأمطار المسجّلة خلال ال24 ساعة الماضية    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    عاجل/ تنبيه: انقطاع التيار الكهربائي غدا بهذه المناطق..    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    حصيلة لأهمّ الأحداث الوطنية للثلاثي الثالث من سنة 2025    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    مواعيد امتحانات باكالوريا 2026    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقا بشأن وقف فوري لإطلاق النار    تنفيذا لقرار قضائي.. إخلاء القصر السياحي بمدنين    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    ألمانيا.. الأمن يطلق النار على مريض بالمستشفى هددهم بمقص    فرنسا.. تفكيك شبكة متخصصة في سرقة الأسلحة والسيارات الفارهة عبر الحدود مع سويسرا    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    استراحة الويكاند    صفاقس: الدورة الأولى لمعرض الصناعات التقليدية القرقنية تثمّن الحرف التقليدية ودورها في حفظ الذاكرة الجماعية للجزيرة    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    إنطلاق أشغال المسلك السياحي الحصن الجنوي بطبرقة    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    أمطار غزيرة متوقعة آخر النهار في هذه المناطق    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيشنا الوطني... شكرا!
نصف قرن على معركة الناظور
نشر في الصباح يوم 13 - 07 - 2011

كان بالإمكان أن نتخيّر عناوين أخرى لهذه الورقة كأن نَمْهَرَهَا: قم للجيش وفه التبجيلا، أو «تعظيم سلام» للجيش الوطني، أو جيشنا الوطني الشعبي... مرحى ! الخ... و الحق أن الجيش الوطني، في هذه الحقبة الفارقة من حياة شعبنا، جدير بهذه التحية، لما أبداه،
ويبديه من نضج و مهنيّة وروح وطنية في التعاطي مع الشأن الوطني, روح مسؤولية يغبطنا عليها أشقاء لنا في دول عربية تعيش مخاضات التحولات بآلامها الممضّة المبرحة.
و إننا لا نعدم أمثلة للتدليل على ما أصبح يكنّه أفراد الشعب التونسي اليوم من توقير و تقدير للجيش الوطني، و من آيات ذلك ما أصبح يبديه المواطن العادي للجنود، حيثما حلّوا، من سامق الاعتراف بالجميل و عالي معاني التبجيل، و ما سجّله المعرض الذي نظمته وزارة الدفاع في العاصمة بمناسبة الذكرى 55 لتأسيس الجيش من إقبال جماهيري منقطع النظير. بيد أننا نعتقد في المقابل، أن النخبة المثقفة مقصّرة الى حدّ ما في حق الجيش الوطني ذلك أن الكتابات التي تناولت إرهاصات الثورة و مقدماتها، و ما آلت إليه الأمور منذ أكثر من خمسة شهور لم تتأنّ بالقدر الكافي عند الدور المفصلي و الحاسم للجيش منذ 14 جانفي. فهل نرد هذا الى شعور تأسليّ (atavique) قوامه توجس مفرط من المؤسسة العسكرية التي يطلق عليها الفرنسيون «اسم البكماء الكبيرة» ؟ أم أن الامر لا يعدو أن يكون تقصيرا ظرفيا سيقع تلافيه، لا محالة، في المستقبل.
و مهما يكن من شيء فإنّ المؤرخين المحترفين الذين سيباشرون في السنوات القادمة التأريخ للثورة بعد أن تكون الأغبرة قد همدت، و الاكراهات الناجمة عن الانفعالات و التوترات الآنية قد خفّت، و أن الحدث استجمع أهم حلقاته و أبرز عناصره، سيسجلون بكل تأن و رويّة أن اللحظة الانعطافية في الثورة كانت بلا ريب ساعة انتصرت قيادة الجيش للانتفاضة الشعبية و امتنعت عن توجيه بنادقها للصدور العارية. و سيسجل التاريخ لرئيس الأركان الفريق الاول رشيد عمار أنه رفض أوامر الرئيس المخلوع المشددة على قمع ثورة الشعب، ملقيا بالعواقب جانبا، و أنه لبى نداء الواجب الوطني حين عمد الى قلب الطاولة على الطاغية وهكذا تحول الجيش الوطني الى جزء من الثورة. ألم يقدم ثمانية شهداء من رجاله معمّدا بالدم مشاركته فيها؟ و إن ينسى سكان عدد من أحياء سيدي بوزيد و الرقاب وغيرهما فإنهم لن ينسوا أبدا كيف هبّ الجنود لحمايتهم حينما كانت آلة القمع و البطش تتأهب للإطباق عليهم في مآويهم البائسة.
لم يساهم الجيش في نجاح الثورة فحسب بل إنه اجتهد في حمايتها ما وسعه ذلك رغم صعوبة الظروف و حساسيتها. لقد أمن الجيش خلال الأيام التي تلت الثورة و ما شهدته من فراغ أمني غير مسبوق حماية المؤسسات الاستراتيجية و مراكز الخدمات و الانتاج لضمان وصول الخدمات الاساسية للمواطنين. و اجتهد في توطيد الامن و إعادة الطمأنينة للنفوس. كما لم يبخل على عموم الناس الذين استجاورا به بجليل المساعدات و سخي الخدمات .. و حسبكم هنا ما يتجشمه الجيش الوطني اليوم على الحدود لا سيما الجنوبية الشرقية منها من جهد و مصابرة في القيام بالواجب من أجل تثبيت مناعة تونس و سؤددها.
و منتهى القول: تحمل الجيش الأمانة و أدى حقها بكل تفان و إخلاص و اقتدار و كانت مصلحة الوطن هي رائده و دافعه. و التونسيون الأبرار الأصفياء، و هم كثر، يشهدون أن الجيش الوطني، في حدود إمكانياته، لم يقصّر و لم يفرّط و لم يتوان. هذه حقيقة يجب أن نعليها كل الإعلاء.
و الكل يذكر ردة الفعل التلقائية المتعاطفة مع قيادة الجيش لما حاول وزير سابق، حديث العهد بالإقالة، في مطلع ماي الفائت، أن يوسوس بالوقيعة بين الشعب و المؤسسة العسكرية الوطنية. و كيف باءت تلك المحاولة المريبة بالخيبة. بل إننا نكاد نجزم أن تلك الحادثة قد ساهمت في ارتفاع أسهم المؤسسة العسكرية في بورصة المشاعر الشعبية.
الجيش التونسي اليوم نقطة ضوء كبيرة وسط مشهد وطني سمته الغموض و الارتباك و التناحر. مشهد زادته مظاهر الانحلال و التسيّب و اللامبالاة و التعصب الأعمى و ضمور الإحساس بالآخر المتفشية هذه الأيام تأزما و تعقيدا. التونسيون الذين فرّقهم محترفو السياسة بجعجعة التحزّب و طنطنة الشعارات و إغراء المال، وحدهم الجيش برفعة سلوكه و وقفته المشرفة. سلوك و وقفة شكلا الملاط اللاصق لفئات المجتمع وشرائحه في وقت بدأ الاحباط يرين على النفوس و يحطّ على الأفئدة...
ما لا يعلمه جلّ التونسيين تقريبا أنه بحلول يوم 19 جويلية الجاري يكون قد مرّ نصف قرن على معركة الناظور و هي واحدة من أهم معارك الجلاء التي غيّبت في التاريخ الرسمي. حتما سيشارك الشعب الجيش الوطني احتفاله بخمسينية هذه المعركة التي نشبت يوم 19 جويلية في أقصى الجنوب التونسي و تحديدا قرب العلامة الحدودية 233 بين الجيش الفرنسي من ناحية، و الجيش التونسي حديث النشأة مدعوما بعناصر من قدماء المقاومين و أنفار من المتطوعين من ناحية أخرى. و لقد أوقع جيشنا الوطني ، في هذه المعركة التي استمرت أربعة أيام، الهزيمة بالجيش الفرنسي بعد أن فقد هذا الأخير توازنه و اختل نظامه و ناهزت خسائره ستين قتيلا حسب المصادر الفرنسية و قديما قيل: « و الفضل ما شهدت به الأعداء».
إن واجب الوفاء و العرفان يقتضي منّا أقل ما يقتضي- العودة الى هذه المعركة بالدرس و الإفاضة في مقال قادم.
* أستاذ تعليم عال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.