آسيا العتروس بعد أكثر من أسبوع على انطلاق التسجيل بالمكاتب الانتخابية لم يتجاوز عدد من اقبلوا على المكاتب والمقرات الخاصة بذلك المائة وثمانون الف حتى نهاية الاسبوع وهو ما يمثل نحو اثنين بالمائة من نسبة الناخبين الذين يقدرون بسبعة آلاف. والارجح أن هذا العزوف والتردد في الاقبال على التسجيل من جانب المواطن الذي أظهر حماسا منقطع النظيرفي دعم وانجاح الثورة مرده أسباب عديدة تتجاوز حلول مواسم العطل والافراح والمناسبات التي يمكن أن تلهي التونسي عن هذه الخطوة التي تسبق الموعد التاريخي للانتخابات المرتقبة في أكتوبرالقادم برغم بعض الحملات التحسيسية والدعوات المتكررة التي تضطلع بها عديد المؤسسات الاعلامية للحث على القيام بعملية التسجيل. أكثر من مشهد كان لا بد من التوقف عنده بالامس لاستقراء الوضع الراهن في البلاد وتداعياته المستقبلية المحتملة أمنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا في هذه المرحلة الانتقالية التي تعيش على وقعها تونس بعد ستة أشهرعلى ثورة الرابع عشر من جانفي التي عكست ارادة شعبية في القطع نهائيا مع مرحلة الظلم والفساد وهي بالتأكيد مشاهد من شأنها أن تعكس الكثير حول حجم التحديات والمخاطرالتي تحيط بالمشهد الراهن. ولاشك أنه في العودة الى فرض حظر الجولان من سيدي بوزيد الى منزل بورقيبة ما يؤكد أن الوضع العليل في البلاد أبعد ما يكون عن الوضع الطبيعي وأن هذا الوضع من شأنه أن يعيد الى الاذهان تلك الاحداث الرهيبة التي عاش على وقعها التونسيون غداة الرابع عشر من جانفي الماضي مع انهيارالمشهد الامني وانتشارالعصابات المسلحة التي روعت الاهالي في كل مكان لتبدد فرحة الانتصار والنشوة بعد سقوط رموزالاستبداد.. واذا كان من الضروري أن يدرك المطالبون اليوم باسقاط الحكومة أن أي حكومة أخرى لن تحل ومعها عصا سحرية لمختلف القضايا القائمة فان على الحكومةالراهنة أن تقبل أيضا بأنها ليست منزهة وليست معصومة من الخطأ وأن عليها أن تتحمل مسؤولياتها وأن تخاطب الشعب بما يمكن أن يحد من التوتر ويساعد على الخروج من عنق الزجاجة والحد من أزمة الثقة الحاصلة. "ما حدث يجب أن يكون درسا للجميع "هذا ما خلص اليه السيد الباجي قايد السبسي في كلمته أول أمس في خضم الاحداث الخطيرة التي عاشت على وقعها البلاد في الايام القليلة الماضية. اذا كان من المهم جدا أن يقر رئيس الحكومة في خطابه بأنه قد أخذنا الدرس من الاحداث الاخيرة التي عاشت على وقعها البلاد في الايام القليلة الماضية فان الاهم من ذلك أن نقرأ هذا الاعتراف على أرض الواقع. نقول هذا الكلام ليس من باب المزايدات أوصب الزيت على النار أوتأجيج النعرات فالوضع لا يحتمل المزيد من الازمات ولكن نقول ذلك من باب البحث فعلا عن الاستفادة عمليا مما حدث والدفع باتجاه تحقيق الوفاق الوطني الذي يأبى حتى الان أن يتحقق وكل من يدعي امتلاكه وحده الحل المطلوب غير صادق لا مع نفسه ولا مع غيره...